تيما الزعيم- مديرة مرحلة ابتدائيّة- قطر/ لبنان
تيما الزعيم- مديرة مرحلة ابتدائيّة- قطر/ لبنان
2023/05/11

برأيكِ، ما هو دور سياسات المدرسة وإدارتها في خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة؟

يتمثّل دور سياسات المدرسة في توجيه المعلّمين وإنشاء هيكلية واضحة في مجتمع المدرسة. ومن المؤكّد أن نجاح هذه السياسات يعود إلى الكفاءة المهنيّة للموظّفين، وكيفيّة تفسيرهم وتطبيقهم هذه السياسات.

أما بالنسبة إلى فريق القيادة في المدرسة، فيجب أن يشكّلوا قدوة ونموذجًا يُحتذى بهِ. كما أنّهم بحاجة إلى إعادة النظر دائمًا في قراراتهم، وتقييم نهجهم في القيادة، وخلق بيئة عمل يشعر جميع الأعضاء فيها أنّهم جزء من القرار.

 

بالعودة إلى التعليم الوجاهيّ، ما الممارسات والتقنيّات التي استعملتها في التعليم من بُعد وأبقيتِ عليها الآن؟

بعد تجربة التعليم عن بعد، قرّرنا الاحتفاظ ببعض التطبيقات والمنصّات المستخدمة التي أثبتت فاعليّتها، وواصلنا عقد بعض الاجتماعات عن بُعد، ولا سيّما الاجتماعات التي تتواجد فيها أعداد كبيرة من أفراد المجتمع المدرسيّ، أو عند الاجتماع مع أشخاص من خارج الدولة. كما واصلنا، أحيانًا، في التطوير المهنيّ للموظّفين عن بعد، ودعوة المتحدّثين الضيوف إلى المدرسة.

 

كيف تخاطِبين الاهتمامات المتعدّدة للمتعلّمين، لا سيّما الشغوفون منهم بالفنّ والموسيقى والرياضة؟

توفّر إدارة المدرسة للطلبة مجموعة متنوّعة من الأنشطة، ما يسمح لهم بممارسة هواياتهم وإشباع اهتماماتهم وشغفهم، مثل نادي الدراما ونادي الكورال. وتعقدُ فعاليّات وأحداث خلال العام الدراسيّ، مثل عرض المواهب، ومعرض الفنون المدمجة مع الموسيقى والدراما والمسرحيّات، والحصص الأساسيّة للموسيقى والفنون ووحدات البحث، ولا ننسى الحصص الإثرائيّة التي تدعم ميول ومواهب الطلبة في مجالات عديدة، مثل الطبخ والخَبز والتشكيل الفنّيّ من الموادّ والرسم والرياضة بأنواعها والموسيقى والدراما والباليه وغيرها. كما نذكر هنا معرض السنوات الابتدائيّة الذي يعتبر ختام رحلة تعلّم وشغف الطالب.

 

هل متابعة مستجدات علوم التربية شرط وحيد للمعلّم الناجح؟ لماذا؟

لكي تكون معلّمًا متميّزًا لا تكفي متابعة أحدث استراتيجيّات التدريس، بل تحتاج، أيضًا، إلى نقل المعرفة المُكتسبة من بُعدها النظريّ إلى جانبها العمليّ. لذا، فالمعلّم الناجح هو الشخص القادر على تجربة مناهج جديدة، والتأمُّل في النتائج، ومحاولة التعلّم من الأخطاء، والاستمرار في التطبيق. وبرأيي، المثابرة والممارسة المستمرّة تُمكّن المرء من أن يصبح معلّمًا متميّزًا.

 

ما التغيّرات التي لحظتها عند الطلبة بعد تجربة التعليم عن بعد؟ وكيف تستثمرين هذا التغيّر في تجديد مقاربتك التعليميّة؟

تعلَّم الطلبة الكثير من تجربة التعلُّم عن بُعد، ونحن أيضًا! استطاع الطلبة التكيُّف بسرعة مع الأساليب الجديدة، ففي أقلّ من أسبوعين كانوا متمكّنين وقادرين على إنجاز المهام المحدّدة، وتطوير المهارات الأخرى اللازمة للتعلّم عن بُعد، مثل كيفيّة استخدام منصّات رقميّة معيّنة، وحضور الفصول الدراسيّة، والعمل بشكل تعاونيّ مع بعضهم البعض.

وقد لاحظ الطلبة أن التعلُّم يمكن أن يحدث في أيّ مكان، طالما لديهم المهارات المناسبة. ولهذا السبب قرّرنا، كإدارة مدرسة، الاستمرار ببعض المهام عن بُعد، إذ أدركنا أنّه من المُمكن تلبية احتياجات الأطفال من خلال طرقٍ عدّة، بما أنّ النتيجة النهائيّة مُثمرة.

 

من هو الطالب الشغوف بالتعلّم؟ وكيف توظّفين هذا الشغف في مادّتك أو الحصّة الدراسيّة؟

الطالب الشغوف طالب يستمتع بالتعلّم، وقادر على ممارسة ما تعلّمه بشكل يوميّ. نحن كمعلّمين نحتاج إلى تدريب طلّابنا المتحمّسين، والتأكّد من أنّنا نروي عطشهم للمعرفة، وأنّ الموادّ المُقدَّمَة تقعُ ضمن اهتماماتهم دائمًا، وأنّهم قادرون على إيجاد حلّ لمشاكل الحياة الحقيقيّة.

 

ما رأيك في ارتداء الطلّاب الزيّ الموحّد؟

بشكل شخصيّ، أنا من أشدّ المعجبين بمفهوم الزيّ المدرسيّ، لأنه يساعد في توحيد حال جميع أسر الطلبة، ويعطي إحساسًا بالمساواة بين جميع الطلبة، بالإضافة إلى الشعور بالفخر والانتماء إلى المؤسّسة التعليميّة نفسها. لقد جربت كِلا النهجيْن في مسيرتي المهنيّة، وبناءً على تجربتي الشخصيّة، أرى أن هذا الأمر أكثر فائدة للطالب على المستوى النفسيّ، خصوصًا إذا لم يكن من عائلة ثريّة. كما يقلّل من احتماليّة التباهي بين الطلبة، والمقارنة والتفكير في الأشياء المادّيّة التي قد لا يستطيع الآباء تحمّل أعباءها. وبناءً عليه، فإن تركيز الطلبة سينصبّ فقط على تجربة التعلّم، بدلًا من الانشغال بأشكال ملابسهم وألوانها.

 

ما مُمارساتك اليوميّة التي توظّفينها لتحقيق الرفاه المدرسيّ؟

التشجيع على تكوين لجان في المدرسة، توفّر مجموعة متنوّعة من الأنشطة للموظّفين داخل المدرسة وخارجها، تهدف جميعها إلى خلق جوّ مريح، وإتاحة الفرص لإقامة علاقات ودّيّة واجتماعيّة بين الموظّفين. كما توفّر المدرسة المرافق المناسبة للموظّفين والطلّاب والتي يمكنهم الاستفادة منها خلال الاستراحات.

وأقترح أيضًا أن يتمّ إدراج أيّام خاصّة للطلبة ضمن الفعاليّات المتنوّعة في التقويم الأكاديميّ؛ كونه يساعد في خلق جوٍّ إيجابيّ في المدرسة، مع التأكُّد من ارتباطه بمفهوم معيّن؛ أي يجب أن يكون هناك هدف لهذا اليوم، فعندما يستمتع الطفل بالنشاط نحتاج إلى التأكُّد من أنّه يتعلّم عن قيمة معينة في الوقت نفسه.

 

ما مجالات التطوير المهنيّ التي تطمحين إلى أن تشاركي بها؟ لماذا؟ 

أصبح التطوير الذاتيّ في عصرنا الحالي أمرًا ضروريًّا مفروغًا منه لأيّ إنسان، وفي أيّ مجال من مجالات الحياة، وليس  في التعليم وحسب؛ ففي ظلّ التغيّرات السريعة والجنونية التي تحدث في عالمنا، وانطلاقي من موقع حسّاس كوني مديرة مدرسة، أحرص دائمًا، وبشكل دوريّ، على تطوير المهارات الإداريّة، والاطّلاع على أحدث الأساليب، خصوصًا في ما يتعلّق بتطوير المناهج الدراسيّة، ورضا الموظّفين، وكذلك التواصل مع مجتمع المدرسة؛ من أجل إنشاء تجربة فريدة من نوعها، وبيئة عمل ومدرسة متميّزة يفخر جميع أعضائها، من طلبة وأولياء أمور موظّفين، بأنّهم جزء من هذا المُجتمع التعليميّ التعلّميّ.

 

بماذا تنصحين شخصًا يريد أن يصبح معلّمًا؟ 

نصيحتي لأي شخص يرغب أن يكون جزءًا من هذا العالم، هي التفكير في الطريقة التي يودّ أن يرى نفسه بها بعد عشر سنوات من اليوم. إن كانت أهدافه أن يكون شخصًا ثريًّا، فهذه ليست الوظيفة المناسبة، ولكن، إن كان طموحه أن يكون شخصًا قادرًا على التأثير في الأجيال القادمة، فليُقبل على الخطوة.

 "المعلّم شخص لديه شغف بالتعلّم، ويحبّ عمله، ويفكر في احتياجات الطلبة، ومستعدّ دائمًا لتعلّم استراتيجيّات تدريس جديدة في كلّ يوم".