الصوت موجود، لكن هل نسمع؟
الصوت موجود، لكن هل نسمع؟

يحمل ملفّ العدد الحادي عشر من منهجيّات، وهو بعنوان "الطالب أيضًا، يقود تعلّمه"، صوتًا مسكوتًا عنه رغم ضجيجه: إنّه صوت الطالب. وصوت الطالب واحد من ترجمات تعبير Student Agency، أو وكالة المتعلّم، أو الطاقة المحرّكة. هذه الترجمات جميعًا تصبّ في خانة واحدة: العمليّة التعليميّة ذات الأركان الثلاثة، المدرسة (إدارة ومعلّمين)، والأهل، والطالب. وإذا كان الركنان الأوّلان مسموعًا صوتهما بوضوح في القرارات الأكاديميّة والإجرائيّة والتنفيذيّة والماليّة، فإنّ صوت المتعلّم هو المكبوت؛ صوته لا يُسمع إلّا بمِنّة من معلّمة أو معلّم ضاقا ذرعًا بالتلقين، أو بمبادرة من مدرسة إدارتها حيويّة لا تكتفي بتنظيم ميزانيّات وحسابات أرباح ومخطّطات توسّع.

 

لكن، ما صوت المتعلّم؟

هو حقّه في المشاركة في قرارات زمنين حاسمين بالنسبة إليه: الأوّل هو الحاضر، أي وقته معظم نهاره، لخمسة أيّام في الأسبوع، في المدرسة؛ حيث يشارك في قرارات إدارة هذا الحيّز المكانيّ – الزمانيّ الحيويّ بالنسبة إليه، وتكون هذه المشاركة تدريبًا أساسيًّا على المواطنة وفهم العلاقة بين العامّ والخاصّ، وإرساء القوانين وغير ذلك من ضرورات إدارة المجتمعات. أمّا الزمن الثاني فهو المستقبل، والذي هو هدف العمليّة التعليميّة التي تحتكرها المدرسة. فصوت الطالب يقتضي أن يشارك في وضع سياسات تعلّمه، وتحديد أهدافه وتوجّهاته، وأشكال تدريسه المتوافقة مع أمزجته وميوله وأنواع ذكاءاته، وطرق تقييمه، وغير ذلك من الممارسات التعليميّة التي لا يكون المتعلّم فيها إلّا في موضع المفعول به وردّ الفعل.

 

هل نغالي في طرحنا هذا؟

ليس التعليم في وطننا العربيّ بخير، وذلك على ذمّة التقارير المتّكلة على أبحاث ودراسات، وتقارير الوزارات والمؤسّسات التربويّة (الإدارات والمعلّمين). ولو أصخنا السمع بشكل جدّي، لسمعنا صوت جمهور الأغلبيّة في العمليّة التعليميّة، المتعلّمين، يقول لنا إنّ الأمور ليست بخير، لكنّ ذلك قلّما يرد في التقارير والدراسات، لأنّ الصوتَ موجودٌ لكنّنا ربّما لم نعتد أن نسمعه، وقد آن أوان أن نبحث عن كيفيّة لذلك.

وفي هذه الكيفيّة، نقرأ في الملفّ عن أهمّيّة إشراك المتعلّمين في التخطيط للعمليّة التعليميّة في مقال "أهميّة التخطيط ودوره في تحقيق المشاركة بين المعلّم والطالب" بقلم ريم الجعبة؛ وعن أمثلة وتطبيقات تراعي وكالة المتعلّم في مقال علي عزّ الدين "وكالة المتعلّم بين المفهوم والممارسة"؛ ومقالًا عن تطبيق مفهوم القوّة المحرّكة بعنوان "لنمنح سلوى القوّة المحرّكة" لدلال حمّودة؛ ويقدّم محمّد الزعبيّ تقنيّات تطبيقيّة مرتبطة بوكالة المتعلّم في مقاله "محكّات التفكير"؛ وفي السياق، تقدّم خالدة قطاش مناقشة واسعة الأفق عن مفهوم القوّة المحرّكة، ونموذجًا تطبيقيّا في مقالها "تكييش المعرفة"، والذي نأمل أن يفتح آفاقًا أوسع للنقاش مستقبلًا؛ وفي ختام الملفّ نقرأ خطوات عمليّة تفيد المعلّم الراغب بسماع صوت المتعلّمين في مقال "نحو تعلّم متمركز حول المتعلّم" لأمجاد أبو هلال.

ولا تخرج المحاورة التربويّة الشاملة مع الدكتورة ريما كرامي عن هذا السياق، كذلك المقال المترجم "تعلّم الطلّاب عبر ممارستهم التدريس".

وفي المقالات العامّة، نقرأ عن ارتباط أسلوب المعلّم وشخصيّته بمتعلّميه، وعن آليّات التحسين المستمرّ في المؤسّسات التربويّة، وآليّة تنظيم المعارض العلميّة الرقميّة التفاعليّة وأهمّيّتها، وملخّص دراسة عن فاعليّة تطبيق منحى STEM التعليميّ، وأسلوب التعليم المبنيّ على المكان. كما نقدّم ملخّصًا عن التقرير النهائيّ لمخرجات المراجعة والتأمّل الخاصّ بمجلّة منهجيّات، بالإضافة إلى أبواب المجلّة الثابتة.

 

العدد الحادي عشر بين أيديكم، ومعه تمنيّاتنا بعامٍ جديد ملؤه الخير الذي نتوق إليه ونستحقّه جميعًا، والأمل بدوام التشارك بيننا جميعًا لما فيه مصلحة التعلّم والتعليم العربيّين.