إسراء ورّار- معلّمة ومدرّبة في مجال تكنولوجيا التعليم- لبنان
إسراء ورّار- معلّمة ومدرّبة في مجال تكنولوجيا التعليم- لبنان
2023/03/03

برأيكِ، ما هو دور سياسات المدرسة وإدارتها في خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة؟

المدرسة مؤسّسة كباقي المؤسّسات، ولتحقيق نتائج عمليّة أفضل، عليها وضع بعض السياسات والقوانين التي تضمن سير العمل واستمرار النجاح. وكلّما نجحت المؤسّسة في وضع رؤية مُستقبليّة يشتركُ في وضعها أفراد مُجتمعها، سواء من الكادر التعليميّ أو الطلبة، كان العمل على تحقيقها جمعيًّا، تمهيدًا للوصول إلى بيئة تعليميّة خلّاقة وحاضنة للأفكار الإبداعيّة والابتكار.

 

بالعودة إلى التعليم الوجاهيّ، ما الممارسات والتقنيّات التي استعملتها في التعليم من بُعد وأبقيتِ عليها الآن؟

خلال التعليم عن بُعد كان توظيف استراتيجيّة التعليم المقلوب عاملًا فارقًا في تسهيل إيصال المعلومة للطلبة، من خلال إشراكهم في مراحل الدرس المُختلفة، بالإضافةِ إلى حثّهم على البحث والاستقصاء. هذه الاستراتيجيّات والمهارات أسهمت بخلق فضول وحبّ للمعرفة واستكشافها عند الطلبة، وكذلك، في تمحور العمليّة التعليميّة حولهم، وتنمية حسّ الاستقلاليّة لديهم.

وبعد العودة إلى التعليم الوجاهيّ، أبقيت على توظيف هذه الاستراتيجيّات، مع الاستعانة بأدواتٍ عديدة، كالفيديوهات المُسجّلة، واليوتيوب، واستعمال مُحرّكات البحث ومنصّات المُناقشة قبل الحصّة التعليميّة وبعدها. وبالنسبةِ إلي، كان تطبيق "Google Classroom" من أهمّ التطبيقات التي استخدمتها بعد العودة إلى التعليم الوجاهيّ.

 

كيف تخاطِبين الاهتمامات المتعدّدة للمتعلّمين، لا سيّما الشغوفون منهم بالفنّ والموسيقى والرياضة؟

هذا سؤالي المفضّل! أسعى دائمًا إلى تنويع الأدوات والأساليب المتّبعة في شرح الدروس، وذلك منذ بداية تحضير خطّة الدرس. وأحاول أن أُثقّف نفسي أكثر، من خلال قراءة آخر المستجدّات عن أساليب التصميم الشامل للتعلّم، الهادف إلى تحقيق العدالة في إيصال المعلومات. من هُنا، يُمكِّننا التعرّف إلى كلّ أنماط المتعلّمين، باختلاف اهتماماتهم وأساليب تعلّمهم، من تنويع خطّة الدرس لتشمل، على سبيل المثال، مشاهدة فيديو تعليميّ، أو استماع إلى أغنية، أو نشاط صفّيّ أو زيارة ميدانيّة يخرج منها الطالب بمعلومات غنيّة مرتبطة بتجربة حسّيّة.

 

هل متابعة مستجدات علوم التربية شرط وحيد للمعلّم الناجح؟ لماذا؟

لا شكّ أن للتطوّر المهنيّ والاطلاع على أحدث المستجدّات دورًا مهمًّا يُميّزُ أداء المعلّم، لكنّه ليس الشرط الوحيد. يكمن نجاح المعلّم، من وجهةِ نظري، في حسن اختياره وانتقائه الموادَّ والاستراتيجيّات التي تتناسب مع حاجة تلامذته، وما يمكن تطبيقه فعليًّا على أرض الواقع.

 

ما التغيّرات التي لحظتها عند الطلبة بعد تجربة التعليم عن بعد؟ وكيف تستثمرين هذا التغيّر في تجديد مقاربتك التعليميّة؟

بعد تجربة التعليم من بعد، غُيّرت الأدوار؛ أصبح المعلّم ميسّرًا للعمليّة التعليميّة، وأصبح المتعلّمون أكثر استقلاليّة ومسؤوليّة في تعلّمهم. المتعلّم الآن شريك نشط يحاور ويناقش ويجمع المعلومات ليشاركها مع أقرانه، وصولًا إلى قيامه بتقييم ذاتيّ اكُتسب في هذه التجربة.

وبكلّ بساطة، يمكن استثمار هذا التغيير لتعزيز الاستقلاليّة في التعليم المستمرّ، وتحفيز التلاميذ على إيجاد طرقهم الخاصّة للتعلّم من خلال حسن التوجيه للأدوات، والمصادر المفتوحة المختلفة التي تلبّي احتياجات كلّ أنماط المتعلّمين كوسائل إضافيّة داعمة.

 

من هو الطالب الشغوف بالتعلّم؟ وكيف توظّفين هذا الشغف في مادّتك أو الحصّة الدراسيّة؟

الطالب الشغوف بالعلم هو الذي يطرح الأسئلة لإشباع فضوله المعرفيّ، وقد يكون هو الطالب الباحث الذي يسعى دومًا لإيجاد مصادر إضافيّة للتوسّع.

وفي كلتا الحالين، يؤدّي المعلّم دورًا أساسيًّا في إشباع هذا الشغف من خلال اكتشاف هؤلاء الطلبة، والسعي إلى الإجابة عن أسئلتهم التي قد تدفع بالمعلم إلى البحث والتحرّي قبل إعطائها، وتوفير مصادر بحث إضافيّة، كمواقع أو أوراق عمل أو حتى بعض المدوّنات، عند وضع خطة الدرس خصّيصًا لأولئك الشغوفين. 

 

ما رأيك في ارتداء الطلّاب الزيّ الموحّد؟

 لا شكّ أن الزيّ الموحّد يعطي الإحساس بالانتماء والوحدة. ولكن، من وجهة نظر شخصيّة، إعطاء الحرّيّة للتلامذة في اختيار الزيّ اليوميّ مع الالتزام بمعايير البيئة التعليميّة قد يزيد من ثقة الطالب، وخصوصًا عندما يكون الزيّ المفروض غير مريح، أو لا يتناسب مع ذوق التلميذ أو ثقافته. لكنّني لا اعتبر أن للزيّ تأثيرًا على سير العمليّة التعليميّة.

 

ما مُمارساتك اليوميّة التي توظّفينها لتحقيق الرفاه المدرسيّ؟

مفهوم الرفاه المدرسيّ يختلف حسب الظروف المحيطة، ويختلف من بيئة لأخرى؛ بالنسبة إلي، وحسب البيئة المدرسيّة، أحرص دومًا على تنويع الأدوات المساعدة للتعليم، سواء كانت تطبيقات إلكترونيّة، أو وسائل إيضاح ملموسة، أو إيجاد البدائل، خصوصًا في البيئات التعليميّة الفقيرة، بالإضافة إلى النشاطات الصفّيّة والزيارات الميدانيّة التي تعتبر ترفيهيّة، وفي الوقت نفسه، تعليميّة.

 

ما مجالات التطوير المهنيّ التي تطمحين إلى أن تشاركي بها؟ لماذا؟ 

أسعى إلى تطوير نفسي أكثر في مجال دمج التكنولوجيا بالتعليم، بطرق تخدم الأهداف التعليميّة. كما إلى مشاركة ما تعلّمته مع الزملاء في العمل من خلال جلسات حوار ودورات تدريبيّة، بالإضافة إلى مشاركة كلّ ما أقرأ عنه وأتعلّمه، من خلال كتابة التدوينات ونشرها في مواقع تهتمّ بالشأن التعليميّ، لأنّ المعرفة للجميع، وأفضل صدقة نشر العلم النافع.

 

بماذا تنصحين شخصًا يريد أن يصبح معلّمًا؟ 

رسالة المعلّم سامية، وكما يقال: "كاد المعلّم أن يكون رسولًا". والتحلّي بالصبر من أهمّ صفات الرسل.

من هُنا، أنصح كلّ معلّم جديد أن يتحلّى بالصبر وأن يؤمن برسالته. ولأنّ العلم في تطوّر مستمرّ، لا بدّ للمعلّم أن يطوّر نفسه مهنيًّا بشكل مستمرٍّ، ليواكب كل ما هو مستجدّ، ويكون قادرًا على النهوض بجيلٍ مثقف ومواكب للعصر.