أهمّيّة تنظيم وقت الأطفال
أهمّيّة تنظيم وقت الأطفال

النوم في ساعة محدّدة، وإنجاز فرض مدرسيّ، واللحاق بحافلة المدرسة صباحًا، والوصول مبكِرًا إلى درس الموسيقى... أمور تكشف إذا كان طفلك يعي قيمة الوقت الحقيقيّة أم لا. في معظم الأحيان، ولا سيّما في مراحل حياة الطفل المبكِرة، لا يكتمل الوعي الكافي في ذهن الطفل حول أهمّيّة الوقت واستغلاله جيّدًا، ولكنّ ذلك لا يعني العجز عن توجيه الطفل نحو إدراك قيمة الوقت وتنظيمه وفق ما يصبّ في مصلحته.  

 

لماذا تعلِّم طفلَك أهمّيّة تنظيم الوقت؟ 

القدرة على تنظيم الوقت مهارة عظيمة عليك تعليمها طفلك منذ سنّ مبكِرة، لخمسة أسباب رئيسة:  

توتّر أقل: 

إساءة تقدير المدّة المطلوبة لإنجاز مهمّة ما، قد تكون أمرًا مجهِدًا لك وطفلك. لذلك، تعليم طفلك التمييز بين الدقيقة والساعة يجعله يدرك أهمّيّة قضاء ساعة كاملة من العمل الدؤوب، لإنجاز الفروض المدرسيّة قبل الخروج واللهو مع أصدقائه، من دون القلق بشأن عدم إنجاز الفروض. 

تفاهم أفضل:

عندما يتعلّم طفلك أهمّيّة إدارة الوقت، يصبح من السهل عليه أن يتفهّم وجهة نظرك. عندما تشدِّد على أهمّيّة استيقاظه باكرًا، وتناول وجبته الصباحيّة في وقتها، وإنجاز الفروض المدرسيّة، يدرك الطفل حينها أنّ لتنظيم الوقت آثارًا إيجابيّة لم يكن ليدركها لولا تطبيقها. لذلك، لا يهدف تعليم طفلك تنظيم الوقت إلى زيادة إنتاجيّته فحسب، بل إلى تخفيف الضغط الناجم عن الخلاف بينكما.  

درجات أعلى: 

مع دخول طفلك الصفّ الثالث، تصبح لديه عدّة مواد جديدة، لكلّ منها معلّم خاص. بالإضافة إلى واجبات منزليّة جديدة وتحدّيات أكبر، يصعب على طفلك تجاوزها ما لم يطبّق مهارات تنظيم الوقت. لكن، مع تنظيمه مواعيد دراسته يصبح الحصول على درجات أعلى أمرًا هيّنًا، وليس تحديًّا كبيرًا، كما كنت تعتقد. 

وقت إضافيّ للمرح:

عندما يكون طفلك قادرًا على إنجاز مهمّاته في الوقت المحدّد، سيترك له ذلك مزيدًا من الوقت لجدولة الأشياء الممتعة. ضع في بالك أنّ الساعات المخصَّصة للمرح تحفّز طفلك على إنجاز مهمّاته في الوقت المحدّد. لذلك، استغلّ هذا الجانب بحكمة عند تعليمه أنّ وقت الدراسة مُقدَّم على الأشياء كلّها.  

حياة منظَّمة:

تعليم طفلك تنظيم وقته منذ الصغر يسهّل عليك التعامل معه عندما يكبر، لأنّك تزرع الأساس عندما يكون في أتمّ الاستعداد لاكتساب المهارات، وتحصد معه ثمار هذه المهارات عندما يكبر وتكبر معه التحدّيات.

 

كيف تعلِّم طفلك مهارات تنظيم الوقت؟  

تختلف استراتيجيّات تعليم طفلك مهارات تنظيم الوقت مع اختلاف عمره. إليك أبرز هذه الطرق وفق اختلاف عمر طفلك:

 

نصائح لإدارة الوقت في مرحلة ما قبل المدرسة

يكون مفهوم الوقت بسيطًا ومحصورًا بين المسموح فعله الآن وما يجب تأجيله إلى وقت لاحق، لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وأربع سنوات. لكن، رغم ذلك، تستطيع مساعدتهم على معرفة كيفيّة التخطيط لما سيحدث، باتّباعك الأمور الآتية:

التحدّث عن الفصول المتغيِّرة 

تعدّ الفصول وسيلة أساسيّة وبسيطة لتعريف طفلك إلى طبيعة الوقت الدوريّة، لأنّ الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة يراقبون بتمعّن كلّ ما يحدث حولهم. لمَ لا تستفيد من تغيّرات الطبيعة التي تحدث أمامهم لمساعدتهم على التمييز بينها، وفهم علاقتها الوثيقة بالوقت؟ فتحوّل الأوراق الخضراء إلى اللون الأصفر في فصل الخريف، وتساقط الأوراق في فصل الشتاء وعودتها من جديد في فصل الربيع، تشكّل مظاهر ملموسة لمرور الوقت، يمكن لصغيرك فهمها.

كيف يساعد هذا صغيرك على تعلّم تنظيم الوقت؟  

تساعد مراقبة طفلك الأنماط الطبيعيّة في حياته اليوميّة على الفهم الحدسيّ لمفهوم الوقت وكيفيّة تنظيمه. لذلك، يمكنك تعزيز هذه الدروس، مثلًا، بطلبك إلى طفلك تصنيف الصور العائليّة حسب المواسم التي التقطت فيها، أو سؤاله عن الفصل الحاليّ عند أخذه في نزهة.  

إنشاء جدول مهمّات باستخدام الصور 

نستخدم نحن، البالغين، التقويمات لنتذكّر ما يجب فعله ومتى، أمّا طفلك فيميل إلى العناصر المرئيّة أكثر. لذلك، صمّم جدول مهمّات بسيطة له، بحيث ترمز لكلّ مهمّة بصورة أو رمز يدلّ عليها، ورتّب تلك المهمّات زمنيًّا من دون كتابة الساعة بالتحديد، لأنّ طفلك الصغير في هذا العمر المبكِر لم تتكوّن لديه صورة واضحة ومكتملة عن الساعة والوقت، ولكنّه يستطيع، بالتأكيد، التمييز بين الدلالات الزمنيّة، مثل "الآن" و"اليوم" و"بعد قليل". 

كيف يساعد هذا صغيرك على تعلّم تنظيم الوقت؟  

قد تفاجئك هذه المعلومة، ولكنّ الأطفال في مراحل طفولتهم المبكرة يحبّون الروتين والتكرار كثيرًا. لذلك، يمنح استغلالك حبّه الروتين في تحديد مهمّاته اليوميّة البسيطة ومساعدته على إنجازها شعورًا مريحًا بالنظام والقدرة على تنبّؤ ما يجب فعله لاحقًا. الأمر الذي يخلق لديه القدرة على تطبيق هذه القواعد، حتّى عندما يكبر. 

التدرّب على الانتظار 

درّب طفلك على الشعور بمفهوم التأجيل وتأخير حدث معيّن، كأن يعبِّر لك عن رغبته بالحصول على لعبة، لتؤدّي دورك بتحديد اليوم الذي ستشتري فيه اللعبة له. 

كيف يساعد هذا صغيرك على تعلّم تنظيم الوقت؟ 

يزيد الانتظار من وعيه بالأيّام والأوقات، وإشعاره بمعنى الانتظار، وفهم الرابط بين الأحداث والأوقات. الأمر الذي يهيّئه لأوقات يضطر فيها إلى انتظار حصوله على ما هو أكبر من اللعبة. 

 

نصائح لإدارة الوقت في مرحلة المدرسة

في هذه المرحلة الانتقاليّة، يصبح طفلك أكثر استعدادًا لتعزيز مهارة تنظيم الوقت، إذ يبدأ بتعلّم قراءة التقويمات والساعات. إليك أهمّ الطرق التي يمكنك اتّباعها لتعزيز مهارة تنظيم الوقت لديه في هذه المرحلة:   

تنظيم المكان قبل تنظيم الوقت  

لا يمكن لطفلك أن يكون منظَّمًا عندما يتعلّق الأمر بالوقت، وفوضويًّا عندما يتعلّق الأمر بالمكان. حثَّه على أهمّيّة ترتيب المكان قبل أيّ شيء، ثمّ وضع جدول المهمّات اليوميّة الخاصّة به. 

استخدم مؤقِّتًا

لمساعدة طفلك في صفّه الأوّل على فهم مقدار الوقت المتبقّي لإكمال مهمّة ما، يمكنك ضبط المؤقِّت من أجله مدّة 15 دقيقة مثلًا. لهذه الاستراتيجيّة أهمّيّة كبيرة في مساعدة طفلك على فهم أهمّيّة الوقت. 

أطلعه على العواقب  

في هذه المرحلة، يجب على طفلك أن يتحمّل مسؤوليّة إنجاز مهمّاته الخاصّة، وأن يشعر بالعواقب عند عدم إتمامها، كعدم تحصيله درجة جيّدة في الاختبار، بسبب عدم دراسته بما يكفي. يقال أيضًا إنّ لطفلك فرصة أفضل لاستيعاب هذه القاعدة، إذا تركت له مسؤوليّة شرح خطئه للمعلّم، حتّى يدرك واجباته بشكل أفضل، ويتعلّم تأديتها في الوقت المحدّد.  

العمل على تقدير الوقت 

عليك مساعدة طفلك على وضع جدول زمنيّ واقعيّ، مع محاولة تقدير المدّة التي يستغرقها في إنجاز المهمّات المطلوبة، حيث يساعد هذا التمرين على تعزيز احترامه الوقت واستغلاله بأكبر كفاءة ممكنة. 

التخطيط للمهمّات طويلة الأجل 

يمكن لطفلك تقسيم الخطوات المطلوبة لإنجاز مشروع ما، حتّى يسهل عليه إنجازه في الوقت المطلوب، من دون الشعور بالتعب أو الملل. 

تحديد الأولويّات 

من الضروريّ أن يتعلّم الأطفال الفرق بين ما يجب القيام به وما يريدونه، فضلًا عن تحديد الأولويّات ومراقبة الذات. على طفلك أن يدرك أيضًا أنّ تقسيم الخطوات مفتاح إنجاز المهمّات الكبيرة، وأنّ استغلال الوقت جيّدًا ما يساعد على تحقيق ذلك.  

 

* * *

نعيش اليوم في عصر مليء بالتحدّيات، لأنّ التكنولوجيا تأخذ كثيرًا من وقتنا ووقت أطفالنا، حيث ننشغل عن بناء عقائد تربويّة صحيحة فيهم، وينشغلون بألعاب تكنولوجيّة ذات تأثير إيجابيّ معدوم تمامًا. لذلك، لا تتردّد أبدًا في الدردشة مع طفلك عن أهدافه وشغفه، أيًّا كان عمره، وتوجيه نظره دومًا إلى دور تنظيم الوقت في تحقيق مبتغاه.  

 

أقرأ أيضًا

المشكلات الأسريّة وأثرها في الأبناء | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

مشكلات المراهقين النفسيّة وكيفيّة التعامل معها | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

 

المراجع

https://www.verywellfamily.com/how-to-teach-your-kids-time-management-skills-4126588  

https://www.progeny.nyc/blogs/news/5-reasons-to-teach-your-kids-time-management-skills  

https://www.scholastic.com/parents/family-life/parent-child/teach-kids-to-manage-time.html