المشكلات الأسريّة وأثرها في الأبناء
المشكلات الأسريّة وأثرها في الأبناء

من المربك جدًّا أن تكون على خلاف دائم أو شبه دائم مع شريك حياتك، ويتضاعف الإرباك عندما تشاركه مع طفل صغير من حقّه أن ينمو في بيئة آمنة ودافئة عاطفيًّا. قد لا تدرك الآن أهمّيّة البيئة التربويّة والصحّيّة لنموّ طفلك السليم، ولكنّك تدرك أهميّتها عندما ترى آثارها السلبيّة إن لم تسيطر عليها مبكّرًا. لذلك، نضع بين يديك أهمّ الآثار السلبيّة التي تخلّفها مشكلاتك مع شريكك في طفلك.

 

ما أسباب المشكلات الأسريّة؟ 

لا يوجد ما يُسمَّى بالعائلة المثاليّة التي لا يتنازع أفرادها في ما بينهم، فالمشكلات تحدث في أكثر البيئات المنزليّة انسجامًا. إليك أكثر أسباب المشكلات شيوعًا بين العائلات:  

المشكلات بين الزوجين 

تعدّ المشكلات بين الزوجين العامل الأساس في التأثير سلبيًا في الأطفال، إذ تغذّي مشاعر القلق في داخلهم، حيث يصبح الأهل مصدر خوف لأبنائهم، بدل أن يكونوا مصدر الأمان لهم. يؤدّي حدوث الخلافات المتكرِّرة بين الزوجين، سواءً أكانت خلافات فكريّة أم ماليّة أم تعاونيّة، إلى خلق بيئة غير صحّيّة لتربية الطفل. وهنا، نحن لا نتحدّث عن المشاحنات التي تحدث بين الحين والآخر ضمن المعدّل الطبيعيّ، بل عن تلك التي تحدث دوريًّا لأقلّ الأسباب. 

المشكلات بين الأبناء 

تُعتبر تربية مجموعة من الأبناء تحديًّا أمام الآباء، لاحتماليّة نشوء الخلافات بينهم. تنشأ هذه الخلافات باختلاف طبائعهم أو أعمارهم أو الغيرة بينهم، والتي تعدّ أمرًا اعتياديًّا بين العديد من الأطفال.  

المشكلات بين الأهل والأبناء  

تحدث عادةً هذه المشكلات لدى المتزوجين حديثًا ممّن لا يعرفون كيفيّة التعامل الصحيح مع أطفالهم، حيث يواجهون بعض المصاعب في التعامل معهم. ينشأ عن هذه الصعوبة عدم تفاهمهم مع أطفالهم، فضلًا عن بروز خلافات معهم. 

ما تأثير المشكلات الأسريّة في الأطفال؟ 

تؤثِّر المشكلات الأسريّة في جوانب عديدة من شخصيّة طفلك وصحّته. أثبتت دراسات عديدة أنّ الأطفال في جميع الأعمار، منذ سنّ الرضاعة حتّى سنّ البلوغ، يتأثّرون بكيفيّة تعامل الوالدين مع بعضيهما البعض، ومع أطفالهما في المنزل. إليك عدّة تأثيرات سلبيّة للمشكلات الأسريّة في الأطفال:  

الشعور بعدم الأمان 

تقوّض الخلافات الأسريّة شعور طفلك بالأمان، لأنّه يبقى في دائرة تساؤلات دائمة حول موعد نشوء المشكلة القادمة، والتي غالبًا ما تنشأ نشوءًا غير متوقّع. الأمر الذي يشعره بقلق مستمرّ.  

ضعف علاقته بك 

تعتبر حالات الصراع الشديدة بينك وشريك حياتك مرهقة جدًّا، وهذا ما يمنعك من قضاء وقت أكثر مع طفلك، ومنحه مشاعر الحبّ والحنان التي تفقدها في حالات غضبك وحزنك. يؤدّي ذلك، بطبيعة الحال، إلى اختلال توازن علاقتك مع صغيرك.   

التأثير في صحّته ونفسيّته 

سماع طفلك النزاعات المتكرِّرة بين الأهل أمر في غاية الإجهاد بالنسبة إليه. يؤثِّر هذا الإجهاد النفسيّ في صحّته الجسديّة والنفسيّة، ويتعارض مع نموّه الطبيعيّ والصحّيّ. 

ضعف ثقته بنفسه 

يقارن طفلك نفسه بغيره من الأطفال في أبسط الجوانب، حتّى وإن كان يعيش طفولةً سليمة في ظلّك. فما بالك عندما يتشاجر أهله كثيرًا؟ بالطبع، يفقد الطفل الثقة بنفسه رويدًا رويدًا، لأنّه يشعر بالاختلاف، وفي معظم الأحيان، يتطوّر هذا الشعور إلى درجة تحوّله إلى شعور بـ"الدونيّة".   

كيف تعالج المشكلات الأسريّة؟  

قد تغلِبنا ظروف الحياة أحيانًا قبل أن نستطيع الإمساك بزمام الأمور من جديد. لا يكمن الذكاء هنا في تجنّبك حدوث الخلافات، بل في معرفتك التامّة كيف تجد حلًّا لها ومخرجًا منها في كلّ مرّة تواجهها، إذ هي عمليّة دوريّة. إليك بعض النصائح التي قد تساعدك على الحدّ من آثار المشكلات الأسريّة السلبيّة:

كن صريحًا مع طفلك 

لطفلك قدرة هائلة على استيعاب المواقف وفهمها من دون أن يصرّح لك، ففي الحالات التي لا تستطيع أن تتجادل فيها مع شريكك في غرفة مغلقة وبصوت هادئ، من الحكمة أن تجلس مع طفلك وتشرح له الموقف والخطأ الذي حصل. من حقّ طفلك الصغير أن يسمع تبريرك حول ما يحدث أمامه.  

طمئن طفلك 

أخبر طفلك أنّ المشكلات تحدث أحيانًا، لأنّ الأهل يشعرون بالتعب بعد يوم شاقّ وطويل في العمل مثلًا، وطمئنه بإخباره أنّها شيء عابر لا يؤثِّر في علاقتك بشريكك. حاول قدر المستطاع أن تظهِر حبّك لشريكك أمام طفلك، حتّى يؤمن بأنّ المشكلات التي تحدث بينكما ليست مؤشِّرًا مخيفًا على انطفاء الحبّ بينكما. 

وثّق علاقتك بطفلك 

حافظ على العلاقة الوثيقة بين أفراد أسرتك، ليترسّخ في ذهن طفلك أنّ عائلته قويّة الترابط، لا تؤثِّر فيها الخلافات التي تحدث بين الحين والآخر، وأنّ هذه المشكلات التي تنشأ من دون قصد لا تعني ضعف الحبّ والمودة بينكما.

 

* * *

لا ننكر صعوبة الظروف التي تمرّ فيها كفرد منتج في مجتمع مليء بالتحدّيات، ولا سيّما عندما تكون مسؤولًا عن تربية طفل صغير تربيةً صحيّة وصالحة، تشدّ عضدك بها عندما يبلغ. كما ندرك شدّة الصعوبة في كبح انفعالاتك أمام طفلك في كلّ الأوقات. لكن، حاول أن تتذكّر أنّ لحظة غضب لا تستحقّ أن تهدم من أجلها كلّ إنجاز حقّقته سابقًا. نعلم أنّك، في نهاية المطاف، إنسانٌ يشعر ويحزن ويغضب وينفعل، ولكنّ تحكّمك بمشاعرك يُظهِر مدى قوّتك، إنسانًا ومُربّيًا.

 

أقرأ أيضًا

العقاب السلبيّ في التربية: أنواعه وعيوبه وبدائله | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

صفات الطفل المدلّل وكيفيّة تقويمه | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

 

المراجع

https://www.verywellfamily.com/how-parents-fighting-affects-children-s-mental-health-4158375  

https://www.youthlineuk.com/what-is-counselling/family-problems/#:~:text=Changes%20in%20the%20family%20can,such%20as%20school%20and%20friendships.  

https://cadey.co/articles/family-problems  

https://sg.theasianparent.com/negative-effects-of-family-problems-the-lasting-effect-on-children