أسماء مصطفى- معلّمة لغة إنجليزيّة- فلسطين
أسماء مصطفى- معلّمة لغة إنجليزيّة- فلسطين
2022/03/04

كيف تتخيّلين شكل التّعليم لو لم تكن هُناك مدارس؟ وكيف ترين مستقبل المدرسة كمكانٍ؟

"لو لم توجد المدارس لما كانت الحياة" جُملة أختصر بها كافّة التفاصيل التي نجدها في منشآت التعليم، من سعادة ورضا عندما يتم العطاء من قِبل المعلّمين؛ ذلك عندما نسهم في بناء الإنسان، وننتظر نتاج الغرس في نفوس الطلّاب ومستقبلهم.  

لقد ثبت بالتجربة العمليّة أن لا تعليم دون مكان يجتمع فيه المتعلّمين بعلّمهم مباشرة لتلقّي كافّة العمليّات التعليميّة، ذلك مع التطوّر التكنولوجيّ الهائل الذي توصّل إليه العالم. نعم إنّ مستقبل المدرسة يُشكّل المكان الأكثر أهمّيّة بالنسبة للمتعلّمين وذويهم بشكلٍ يفوق ما قبل الانقطاع عن التعليم الوجاهيّ بأضعاف المرات.

 

كيف تصفين تجربة التعليم الحضوريّ/ الوجاهيّ، بعد تجربة التعليم عن بُعد؟

لم تكن العودة إلى التعليم الوجاهيّ منتصف آب 2021 عودة عاديّة كمن عاد لمقاعد الدراسة والتدريس من إجازة عاديّة، بل كانت، بالنسبة لي، كالعودة إلى الحياة. لقد كاد الانقطاع عن الدوام المدرسيّ أن يقضي على مستقبل الأطفال، وأقول ذلك لأنّني شاهدتُ صعوبات ومتاعب واجهناها كمعلّمات ومعلّمين في بداية العودة للتعليم الوجاهيّ. تمثّلت أغلب المتاعب بما بات يعرف بالفاقد التعليميّ والقيميّ والسلوكيّ والأخلاقيّ لدى المتعلّمين، ولقد عانى المعلّم من معالجة هذا النقص وإعادة الوضع إلى ما كان عليه سابقًا.

 

اختاري شيئًا واحدًا تودّين تغييره في تعليم اليوم؟ لماذا؟

إن كنت قادرة على تغيير شيء في نظام التعليم فسأقوم بتطبيق نظام الدرجات العلميّة المهنيّة للمعلّمين، سأصنّف معلّمي المرحلة الأساسيّة، الابتدائيّة، في رأس الهرم ماديًّا ومعنويًّا، ووفق معايير مُعيّنة يمنح المعلّم الدرجة المهنيّة التي يستحقّ.

 

برأيكِ، كيف يُمكن توظيف الفنون أو الموسيقى في التعليم؟

دمج الفنون في تعليم الموادّ الدراسية يعتبر مجالًا موسّعًا من البحث التربويّ والممارسة المستنيرة، من خلال التحقيقات في التعلّم من خلال الفنون والخبرات. في هذا السّياق، يمكن للفنون أن تشمل تعليم فنون الأداء، على غرار لعب الأدوار، والدراما والموسيقى، والأدب والشعر، وسرد القصص، وتعليم الفنون البصريّة، هذه المجالات تتميّز عن التربية الفنّيّة بأنّها لا تتعلقّ كثيرًا بتدريس الفنّ، إنّما تُركّز على كيفيّة تحسين التعلّم من خلال الفنون، وتحسين كيفيّة نقل خبرة التعلّم في الفنون إلى التخصّصات الأُخرى، إذ يُحقّق هذا الدمج تعليمًا ممتعًا للمتعلّمين، ويُبقي على المعلومات فترة أطول في ذاكرة المتعلّمين، كما ويساعد على اكتشاف وخلق فهم للسلوك والتفكير والإمكانيّات والتعلّم، خاصّة من خلال المراقبة الدقيقة للأعمال الفنّيّة وأشكال المُشاركة المُختلفة في الخبرات الفنّيّة.

 

إذا طُلب منك ابتكار طريقة جديدة لتقييم الطلبة، ماذا ستكون هذه الطريقة، وعلى ماذا ستعتمد؟

تقييم أداء المتعلمين لا شكّ سيختلف من مرحلة عمريّة لأخرى، فمثلًا لطلّاب المرحلة الأساسيّة الدنيا سأكتفي بتقييم الأداء في محور السلوكيّات والقيم، بالإضافة إلى تقييم مهارات الكتابة والقراءة والاستماع والتحدّث الأساسيّة. وفي المرحلة التي تليها سوف تتقدّم طرق التقييم بالتدريج لتشمل التحصيل الدراسيّ، من خلال الاختبارات والواجبات والأبحاث، بالإضافة إلى تقييم مهارات النطق الشفويّ؛ الاستماع والتحدّث، والقراءة الشفويّة، والكتابة الإبداعيّة والمشاركة في المشاريع وإنجازها.

 

كيف يُمكننا توظيف تفاصيل الحياة اليوميّة في التّعليم؟

لم يعد إعداد الطلاب اليافعين لمواجهة تحدّيات ومتطلّبات حياتهم المستقبلية هو أهم أهداف المؤسّسة التعليميّة في عصرنا الحاليّ، بل أصبحت وظيفة التعليم هو جعل المدرسة، وما يجري فيها من أحداث وأنشطة، صورة صادقة للحياة الحاضرة التي يعيشها الطلّاب خارج مدرستهم، وترتبط بشكل واضح ومباشر بواقع الحياة اليوميّة للمتعلّمين. هذا يتطلّب من المدرسة أن تُشرك طلّابها في ممارسة تجارب حياتيّة واقعيّة تُكسبهم القدرات والمهارات التي تجعلهم أقدر على مواجهة تعقيدات واقعهم الحياتيّ والتفاعل معه بأفضل فاعليّة ممكنة.

وفي السنوات الأخيرة سارَ تعليمنا بخطوات جيّدة نحو محاولة ربط ما يجري في المدرسة من برامج وأنشطة تعليميّة بالواقع الحياتيّ للطلّاب خارج المدرسة، وذلك من خلال تطوير مناهج جديدة، واستخدام أساليب تعليم إبداعيّة لتوصيل محتوى تلك المناهج إلى عقول الطلّاب، منها أسلوب التعلّم بالتجربة والممارسة، وربط التعلّم بهدف مستقبليّ للمتعلِّم.

 

ما هو التعبير الذي تُحبّين رؤيته على وجوه الطلبة؟ وكيف تحبّين أن يكون شعورهم وهم يغادرون المدرسة؟

أحب أن أرى وجوه طالباتي تتزيّنُ بابتسامة الأمل والتفاؤل. أشعر بسعادة غامرة عندما أشعر بأن طالباتي يبادلنني ذات الشعور بالمحبّة، وهو الشعور الذي يرفع همّتي وعزيمتي ويزيدني حبًّا وتعلّقًا بمهنة التعليم والتربية. أشعر بأن علاقة الأسرة الواحدة تغمرنا جميعًا داخل الغرفة الصفّيّة الواحدة، وأفرح بانتظارهنّ حصصي الدراسيّة والأوقات التي تجمعنا ونغادر المدرسة نتشوّقُ للقاء اليوم التالي كما يلتقي أفراد الأسرة الواحدة حقًّا.

 

من هو الطالب المُلهم؟

الطلّاب جميعًا ملهمون بتباين مستويات التحصيل الدراسيّ والعافية والفروق الفرديّة بينهم بشكلٍ عامّ. فكل طالب منهم يفترض أن يكون موضع اهتمام المعلّم، الذي يستشعر المسؤوليّة، ليقوم المعلّم بعد اكتشاف مشكلة معيّنة سواء في التحصيل أو السلوك أو القيم بعمل خطّة جادّة للتعامل مع هذه الفئة من الطلاب، وبذلك يزداد المعلّم خبرةً وتمرّسًا، ويصبح صاحب علم أوسع ودراسة بشؤون المتعلّمين وحلّ مشاكلهم من خلال ما يمليه عليه واقع المتعلّمين، ومن خلال ما يكتسبه من حصيلة تجارب عمليّة كانت سببًا في إلهامه للبحث عن الطرق الأنسب في ممارسة العمليّات التعليميّة بين حين وآخر.

 

كصديقةٍ، ما هي نصيحتك المُتكرّرة للطلبة؟

استثمروا أوقاتكم قبل فوات الأوان، تمكّنوا من التكنولوجيا واللغة الإنجليزيّة، فهي أسلحة النجاح الأقوى والأكثر أهمّيّة.

 

إذا طُلب منك اختيار وجهة الرحلة السنويّة لطلّابك، أيّ مكان تختارين؟

أتمنى أن أصطحب طالباتي في رحلة إلى مدينة القدس؛ عاصمة فلسطين الأبديّة.