أحمد الخليل- تربويّ ومختصّ في تكنولوجيا التعليم وأنماط التعلّم- ليبيا
أحمد الخليل- تربويّ ومختصّ في تكنولوجيا التعليم وأنماط التعلّم- ليبيا
2025/05/15

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟

أكثر الاستراتيجيّات الفعّالة عندي استراتيجيّة ثلاثيّة السرد القصصيّ والإسهام والإدماج. نحن البشر لم نعرف وسطًا لنقل سرديّات معلومات أقوى من القصّة. القدرة على السرد القصصيّ، خصوصًا في تاريخ العلوم، من أقوى المهارات في تصوّري، والتي تعزّز التركيز والاندماج وفرصة المشاركة وترسيخ المعلومة.

 

كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟

الذكاء الاصطناعيّ من أكثر الأدوات التي تسهم في رفع سقف التوقّعات المنجزة في الصفّ. يمكن أن يساعد كلّ من الطلبة والمعلّمين في بناء جسر تواصل بين الأجيال. لكن يجب دائمًا التركيز على الفهم والتفسير. في الصفّ، يجب أن يساعد الذكاء الاصطناعيّ على القيام بالمهام أسرع، وهو ما يتيح وقتًا أكبر للتأمّل والتفكير داخل الصف. التأمّل والتفكّر والتحليل والتفسير صفات إنسانيّة تعزّز الفهم.

وأستشهد بعجز بيت للمتنبي لتنبيه المعلّم إلى أنّ الشرح والتفسير يجب أن يكونا: "على قدرِ القرائحِ والعلومِ".

 

في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟

من الممارسات التي كنت أعتقد بصحّتها واكتشفت العكس، هي الشرح المستمرّ من دون فواصل. أعتقد أنّ الطلبة بشكل عامّ، يملكون أيّامًا مختلفة، وأنّ السياق يؤثّر في قدرتهم على التركيز والاستيعاب. لذلك، كان عليّ أن أقدّر متى أسترسل في الشرح، ومتى أكسر الروتين بنشاط يحفّز وينشّط.

 

افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟

طبعًا، في هذه الحالة الورشة ستكون مصمّمة بناءً على مصطلح أندراغوجيا (Andragogy)، وهو فنّ أو أسلوب تعليم البالغين، أو مساعدتهم وتمكينهم من التعليم بشكل فعّال، وستكون في المحورين الآتيين:

  • - القيادة الصفّيّة الفعّالة.
  • - استخدام التكنولوجيا لتعزيز الفهم بشكل إنسانيّ وفعّال.

 

هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟

نعم، بكل تأكيد، خصوصًا في مجال التعليم في حالات الطوارئ. وأيضًا لوضع أُسس مشتركة لرفع قيمة التعلّم، وإصلاح أنظمة التعليم في الدول العربيّة، وتغيير الصورة النمطيّة للتعليم والإدارة المدرسيّة، ورسم سياسات داعمة لحوكمة التعليم وارتباطه بالاقتصاد والقيم العُليا للدول العربيّة والإسلاميّة والعالميّة.

أوّلًا، بصفتي مؤسّس فريق "برو-تون"، حاليًّا أعمل مع فريقي على مشروع "برو-تون"، وهو في صُلبه يعمل على مشروع طويل الأمد لإنشاء اختبار "تقرير برو-تون" لتحليل قدرات طالب ما قبل الجامعة. وبناءً على المتغيّرات الآتية: الأداء الأكاديميّ؛ قياس الذكاءات المتعدّدة؛ الميول المهنيّة والشخصيّة؛ المواهب؛ السلوكيّات خارج المدرسة، يُحدّد أفضل أفق للتخصّصات المحتملة المتوافقة مع نتائج التحليل للطالب. هذا باب بحث كبير، ومع المعرفة والتكنولوجيا، أُقترح أن يُعمَل عليه. وأنا مهتمّ جديًّا بهذا النوع من المعرفة، وأرى أنّه مفتاح لفتح باب القدرات والإمكانات لأبنائنا في هذه المنطقة.

أُقترح أن نعمل على إنشاء أكاديميّة لتخريج القيادات المدرسيّة، وأن تشمل متطلّبات قبولها السِمات القياديّة، والتعليم المناسب، والأهمّ: الدافع المناسب.

أيضًا، أُقترح أن تُنظَّم قمّة سنويّة للمعلّمين والتربويّين، لمناصرة قضيّة التعليم أولويّةً في الدول.

 

كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟

دائما ما أبدأ بالتركيز على نقاط القوّة، أو المواهب والسمات الجيّدة التي يمتلكها أطفالهم. ومن ثمّ أُحفّزهم على تخيّل أفضل السيناريوهات الممكنة بشأن مستقبل أطفالهم. هذا يخلق رابطًا قويًّا بيني وبينهم. إضافةً إلى العمل معهم في الاجتماعات الدوريّة والمشاريع المشتركة بين الأهل والأطفال، والتي يمكن أن تناسبهم حسب بيئتهم وظروفهم.

 

كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟

أدرك أن الله يضع للإنسان أكثر من دور في الحياة، ولاحظت أنّ فئة من المعلّمين يضعهم المجتمع في صورة المعلّم فقط، وهذا محلّ تقدير؛ لكنّه قد يُشعِر المعلّم أحيانًا بضغط غير ضروريّ وغير مفيد. لذلك، أفضّل أن تكون لي اهتمامات مختلفة، مثل الرياضة والتكنولوجيا والاطّلاع على المجالات الأخرى، وكذلك التدوين ومشاركة التجارب بنَفَسٍ إنسانيّ وبعقليّة صاحب التجربة لا المعلّم، هذا أيضًا ممّا يفيد.

 

ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟

بشكل عام لا أنجح دائمًا، للأمانة، في وضع خطّة ثابتة والالتزام بها. ولكن أبقي مسار عامّ للأسبوع، وأحاول التركيز على التقدّم المحرز بدلًا من التقييد بالزمن اليوميّ.

 

اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.

أعتقد أنّ التعليم والتعلّم أضافا إلى وعيي الكثير، وأتاحا لي العمل في مناخ رائع، ووضعا معنى لحياتي يتجاوز الإسهام في مستقبل الطلبة أفرادًا، إلى إيضاح قيمة السعي لهدف نبيل: خلق مجتمع أكثر وعيًا، وأكثر مرونة، وأكثر قدرة على التغيير نحو الأصلح والأنفع.

أمّا الجانب السلبيّ، فهو تطلّب بعض الناس التغيير السريع في مستوى أبنائهم، وهو ما يخالف معنى كلمة "تربية" (والتي تعني النمو والتدرّج): "يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ"، أي أنّ التأثير غير ملحوظ على المدى القريب.

أيضًا، في الأحداث العامّة في بلدي التي تتعلّق بالسياسات، لا أحد يهتمّ فعليًّا بالتعليم، حتّى إنّ الطبقات العليا تعتقد أنّه مهمٌّ للصغار والأسر فقط، وغير مهم على مستوى الدولة، وهو أمرٌ يُشعر به، وهذا يؤثّر في إحساسي بالتفاؤل بشأن المستقبل.

 

ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟

من أطرف الحوادث التي مرّت، عندما كان لديّ درس في مادّة الفيزياء للصفّ الأوّل الثانويّ، وكان في جيبي - بالصدفة البحتة - تفّاحة. كانت الحصة الخامسة، ولسببٍ ما، كان الطلبة يشعرون بالضجر!

المهم، كان الدرس ذلك اليوم عن: الجاذبيّة.

فسألتهم: "هل تعرفون نيوتن؟"

فردّ أحد الطلبة: "هذاك اللي طاحت عليه تفاحة؟"

فقمت فورًا بإخراج التفاحة من جيبي وقلت: "زي هذي؟"

فاندهش الطلبة، وضحك البعض من السيناريو غير المُعدّ. واسترسلتُ في الشرح بعدها بشكل سلس جدًّا، بفضل هذه الصدفة غير المرتّبة.