ندوة: تنمية مهارات التعلّم
ندوة: تنمية مهارات التعلّم

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 بعنوان "تنمية مهارات التعلّم". وركّزت على محاور مُختلفة، هي:

1. مهارات التفكير.
2. مهارات العمل الجماعيّ.
3. مهارات البحث.
4. مهارات الإدارة الذاتيّة.

استضافت الندوة مجموعةً من المتحدّثين، هُم: معتصم عبد الله، مدير مؤسّسة "كرييتف" للتدريب والتطوير؛ ومها شرف، مستشارة لنظام البكالوريا الدوليّة (برنامج السنوات الابتدائيّة)؛ وفرح درزي، نائب الرئيس لجمعيّة مدارس IB العالميّة في لبنان؛ وناجي إسماعيل، مدرّس ومنسّق لمادّة اللغة العربيّة وناظر عام. أدار الندوة علي عزّ الدين، مستشار دوليّ ومدرّب تربويّ في مجالات تربويّة مُختلفة.

استهلّ عزّ الدين الندوة بسؤال تفاعليّ، هو: ما هي المهارة؟ وطلب من جمهور الندوة جواب السؤال. وبناءً على إجابات الجمهور، قام عزّ الدين بتقديم تعريف شامل للمهارة اقتبسهُ من العالم التربويّ لانس كينغ: "مجموعة من الاستراتيجيّات والتقنيّات الموحّدة لغرض مُحدّد وهي تتحسّن بالمُمارسة". وأضاف، وفقًا لكينغ، أنّ هُناك مراحل ثلاثًا لاكتساب المهارة، هي: عرض المهارة لأوّل مرّة، وممارستها، وإتقانها.

 

مهارات التفكير

بدأت فرح درزي عرضها لهذا المحور عبر طرح مجموعة أسئلة: من هو متعلّم القرن الحادي والعشرين؟ وهل مهمّتنا، كتربويّين، إعداد متعلّم متلقٍّ للمعرفة؟ أمّ معلّم يُدرك كيف يتعلّم؟ وأشارت إلى أهمّيّة تكوين ما أسمته بـ"متعلّم مدى الحياة"، ذلك لكون التعليم هو عمليّة بحث مُستمرّة.

وتمهيدًا للحديث عن مهارات التفكير، أشارت درزي إلى مهارات خمسة أساسيّة مرتبطة، هي: مهارة التفكير الناقد، ومهارة التحليل والتقييم، ومهارة التفكير الإبداعيّ، ومهارة النقل، ومهارة فوق المعرفيّة. كما داخلت حول نقاط سبعة أساسيّة على أي تربويّ أو معلّم أخذها بعين الاعتبار عند الحديث عن مهارات التفكير:

1. الوقت: هل أنا كمعلّم أُخصّص الوقت المناسب لتطوير المهارة؟ (وقت للتفكير والتأمّل بعد التعرّض لمصادر أوليّة وثانويّة)
2. اللغة: هل أستخدم لغة المهارة مع المتعلّمين داخل الصفّ وخارجه؟ وهل أستخدم مصطلحات، مثل التعرّف إلى أوجه التشابه والاختلاف في موضوع أو أمر ما؟ أو أسعى لخلق روابط بين الأفكار ووجهات النظر والتحدّيات؟
3. النمذجة: هل أنا كمعلّم أمثّل نموذجًا حيًّا أمام طلّابي من ناحية تطبيق المهارة؟ هل أنا مرن في طريقة تفكيري مع الطلّاب؟ وهل أعبّر عن نفسي بطرق مختلفة؟
4. البيئة الصفّيّة: هل أهتمّ بجعل بيئة الصفّ بيئة داعمة للتفكير؟ هل أخصّص زوايا صفّيّة للتأمّل أو الابتكار؟
5. التفاعلات الصفّيّة: هل أعزّز النقاشات الصفّيّة المبنيّة على استخدام لغة المهارة؟ هل أشجّع الطلّاب على اعتماد التغذية بين الأقران؟ |
6. الأنشطة وفرص/ خبرات التعلّم: هل صمّمت أنشطة من شأنها أن تحفّز التحليل والتركيب والربط؟ أو أنشطة يستطيع المتعلّم من خلالها ربط معرفته بمهاراته لاستخدامها في مواقف مختلفة وخارج المحيط المدرسيّ؟
7. استراتيجيّات التفكير المرئيّ: هل جعلت استخدام استراتيجيّات التفكير المرئيّ روتينًا صفّيًّا؟ (القبّعات، أو أشاهد أفكّر أتساءل، أو نموذج فراير/ نموذج بلوب، أو الخرائط المعرفيّة).

وأكّدت درزي على أهمّيّة مهارة التطبيق في سياقات مُختلفة، لتعزيز استخدام المعرفة والمهارة في مواقف خارج البيئة المدرسيّة، وتوظيفها لحلّ إشكاليّات مطروحة تواجه المتعلّم. وحول مهارة الإبداع، قامت درزي وشرف بتمرين بسيط هو "أكمل الشكل"، للتأكيد حول أنّ فكرة الإبداع تتخطّى حدود الموادّ، ويمكن استخدامها للمراحل العُمريّة المُختلفة.

 

مهارات العمل الجماعيّ

في المحور الثاني، قدّم معتصم عبد الله للمحور بسؤال، هو: لماذا العمل الجماعيّ؟ ولماذا يعتبر العمل الجماعيّ مهارة يجب التدريب عليها؟ كما قدّم تعريفًا للعمل الجماعيّ، هو: توحيد رؤية مجموعة من الأفراد يمتلكون رغبة في التعاون لتحقيق هدف معيّن، أو مجموعة من الأهداف، بحيث لا يستطيع أيّ فرد تحقيق هذا الهدف بمفرده.

وعرض عبد الله مجموعة من الاستراتيجيّات، دعا المعلّمين والمعلّمات للاستمرار في محاولة تطبيقها للوصول إلى تطبيق مهارات العمل الجماعيّ. هذه الاستراتيجيّات هي:

1. التعلّم القائم على المشاريع.
2. تراكيب كيغن: استراتيجيّات "اسأل اسأل بدّل"، و"فكّر زاوج شارك"، و"سباق السرعة".
3. حلّ المُشكلات.

هُنا، أشار عزّ الدين إلى أهمّيّة هذه الاستراتيجيّات، وضرورتها، في نقل التفاعل الثنائيّ بين المعلّم و"التلميذ النجيب"، إلى تفاعل دائريّ جماعيّ يشمل كلّ فرد في الصفّ.

 

مهارات البحث

استهلّت مها شرف المحور بالتأكيد على تكامل المهارات، وضرورة التعامل معها كوحدة وكعناصر هامّة للعمليّة التعليميّة. وبدأت بسؤال "لماذا مهارات البحث؟" خصوصًا في زمن وفرة وزخم المعلومة. وأشارت إلى أنّ أهمّيّة هذه المهارة لا تنحصر فقط بالحصول على المعلومة، إنّما بتقييمها والبناء عليها وتوظيفها بمنطقٍ يسمح بتعدّد استخدامها بما يتجاوز التخصّصات أو المبحث الدراسيّ.

وتحدّثت شرف حول أهمّيّة أدوات مهارة البحث تمهيدًا للتمرين على هذه المهارة، والتأسيس على أسس قويمة للتدرّب على مهارة هامّة وفارقة في حياة المتعلّم، وذكرت مجموعة من هذه الأدوات، منها: صياغة الأسئلة، وتحديد المصادر، وتقييم جودة الموارد، وجمع البيانات وتسجيلها، وتفسير البيانات وتحليلها، وأخلاقيّات البحث (حقوق النشر، والنزاهة الأكاديميّة). ثمّ أشارت إلى طرائق مُمارسة مهارة البحث عبر النمذجة والتعليم الصريح، وطرح أسئلة مفتوحة، وتقديم مواضيع تحفّز المتعلّم على البحث، مثل صور أو كتب أو سياقات من الحياة الواقعيّة. وقدّمت شرف أمثلة عديدة واستراتيجيّات على تطبيق هذه المهارة وتعزيزها في الحصّة الصفّيّة.

 

مهارات الإدارة الذاتيّة

عرض ناجي إسماعيل تعريفًا لمفهوم الإدارة الذاتيّة للتعلّم، وهو "عمليّة نشطة يكون فيها المتعلّم مُشاركًا نشطًا في عمليّة تعلّمه، يبحث ويحاور ويناقش حسب ميوله واهتماماته". وأشار إلى أهمّيّة التمرين على هذه المهارة من خلال مجموعة من الإجراءات التي يسلكها المتعلّمون أثناء مواقف التعلّم المُختلفة من أجل تحقيق أهداف عديدة. وضمن السياق ذاته، تحدّث إسماعيل حول أهمّيّة الإدارة الذاتيّة للتعلّم، كونها تساعد على توسيع قدرات الطالب العقليّة لتخزين واسترجاع البيانات، وتنمّي مهارات الاستماع والتخليص والترتيب لدى المتعلّمين، وتساعد على إحساس المتعلّم بالثقة بالنفس، وعلى تنمية قدراته الأدائيّة في الموادّ العلميّة من خلال تنظيم مراحل التعلّم وإتمام كلّ مرحلة على حدةٍ.

وداخل إسماعيل حول ضرورة تعزيز مهارات عديدة على مدى قصير، منها: مهارة وضع الأهداف، وربط المعرفة السابقة بالحاليّة، ومهارة البحث الذاتيّ، وذلك لتعزيز مهارات الإدارة الذاتيّة للمتعلّم وتمكينها، كونه سيتمكّن من إدارة وقته، ومراقبة تعلّمه. كما قدّم توصيات مُختلفة لتطبيق مهارات الإدارة الذاتيّة، كطرح مناهج متّصلة بتطوير إدارة الذات وتقديرها، لبناء شخصيّة الأفراد في المؤسّسات التعليميّة وصقلها، ومساعدة الطلبة في اختيار المجالات التي تتناسب وميولهم وشخصيّتهم وقدراتهم ومهاراتهم، وضرورة اهتمام المراكز والمؤسّسات بتأهيل اليافعين من خلال أنشطة لا منهجيّة لتطوير مفهوم الذات، وأهمية التحلّي بالصبر، لكون مهارة الإدارة الذاتيّة تحتاج إلى وقت للتطبيق.

 

أسئلة الحضور

  • - ما دور الأهل بتنمية المهارات؟

أجابت فرح درزي عن أهمّيّة دور الأهل لكونه دورًا مساندًا للمعلّم. وأشارت إلى إمكانيّة لعب هذا الدور عبر تحفيز التفكير وتأمين مصادر مُختلفة، وبناء حوارات مع الطفل، وفتح مساحات التعبير أمامه.

  • - كيف يمكننا تحفيز الطلبة من غير المهتمّين؟

هُنا أجاب معتصم حول أهمّيّة بناء الحوار مع الطالب انطلاقًا من محور اهتمامه، من دون أن نفرض عليهم مواضيع خارج نطاق هذا الاهتمام. هكذا نستطيع أن نبني على احتياجات الطالب، وتحفيزه انطلاقًا من هذا الاهتمام. وأشار إلى ضرورة تعزيز الفروق الفرديّة، عبر فتح المجال أمام الطلبة للتعبير عن أيّ موضوع هامّ لديهم، من دون فرض موضوع واحد عليهم جميعًا.

  • - هل نعلّم المهارات بطريقة مباشرة أم غير مباشرة؟

أجابت شرف أنّ تعليم جزء كبير من المهارات يتم بطريقةٍ مباشرة، مع الانتباه إلى عدم إثقالهم بها، مع ضرورة إعطائهم مساحة وتهيئتهم للتمرين على هذه المهارات عبر سياقات مُختلفة.

  • - هل أهمّ مهارة هي مهارة كيف نتعلّم؟

أكّد إسماعيل بالإيجاب، لكون مهارة كيف نتعلّم مهارة تأسيسيّة تُساعد المتعلّم على البناء على مُختلف المعارف والتجارب للحياة، وليس فقط للتعليم.

 

الختام

اختتم عزّ الدين الندوة بقوله: "المنهج ليس كتابًا مُقدّسًا. إنّما يخضع للتغيير والتحويل، من أجل قيادة عمليّة التغيير من داخل الغرفة الصفّيّة لتدريس معارف ومهارات ومفاهيم. ولن يقود أحد عمليّة التغيير غير المعلّم".