ندوة: استراتيجيّات تطبيقيّة في تعليم التربية البدنيّة في المدارس
ندوة: استراتيجيّات تطبيقيّة في تعليم التربية البدنيّة في المدارس

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر كانون الأوّل/ ديسمبر 2022 بعنوان "استراتيجيّات تطبيقيّة في تعليم التربية البدنيّة في المدارس". وركّزت على محاور مُختلفة، هي:

1. أهمّيّة اعتبار مادّة التربية البدنيّة مادّةً أساسيّة.
2. أساليب تدريس مادّة التربية البدنيّة المتنوّعة مع التطرّق إلى الأدوات البديلة.
3. تداخل مادّة التربية البدنيّة مع باقي الموادّ التعليميّة الأُخرى.

بدأت أ. خزيمة نواهضة الندوة بالترحيب بالحضور، وتقديم تعريفٍ عن "منهجيّات" كان كالآتي: "مجلّة تربويّة إلكترونيّة تفاعليّة، مواكبة لكلّ ما هو جديد في العمليّة التعليميّة لتُسهم في الارتقاء بمستوى التعليم في العالم العربيّ. وهي موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المُجتمعيّ. وعرّفت الحضور بعنوان الندوة ومحاورها، وقدّمت المتحدّثين.

استضافت الندوة مجموعةً من المتحدّثين، هُم: د. إياد مشهور مكناي، معلّم ومنسّق مناهج مادّتَي التربية الرياضيّة وعلوم الرياضة، الأردن. وفادي حلاوة، معلّم تربية بدنيّة، فلسطين. ود. محمّد علي عبد المعبود، معلّم ومنسّق مادّة التربية البدنيّة، ومدير إدارة رعاية الطلّاب، مصر. أدارت الندوة خزيمة نواهضة، معلّمة مادّة التربية البدنيّة.

 

حول أهمّيّة مادّة التربية البدنيّة كمادّة أساسيّة

داخل د. مكناي حول أهمّيّة المادّة والتنشئة البدنيّة والرياضيّة، ومهّد لذلك بالقول إنّ البيئة المثاليّة للأنشطة البدنيّة تقوم على تحقيق هدفين رئيسيّين: الأوّل، تنشئة جيل رياضيّ متميّز في الألعاب المُختلفة؛ والثاني، تنشئة جيل يتمتّع بصحّة وقوام سليم، ولديه ثقافة رياضيّة تُساهم في تحقيق التنمية في مُختلف المجالات، سواء الاقتصاديّة أو الاجتماعيّة.

وتطرّق د. مكناي إلى مسؤوليّة تحقيق البيئة المثاليّة للأنشطة البدنيّة والرياضيّة، ومنها مسؤوليّة الدولة والمُجتمع المُتمثّلة في بناء المراكز والمسابح والأندية الرياضيّة الآمنة والمتنوّعة، وإنشاء حدائق تخدم أحياء مُختلفة، إلى جانب مسؤوليّة الاتّحادات والأندية الرياضيّة في تعزيز بيئة صحّيّة رياضيّة للمُجتمع، وكذلك المسؤوليّة الكبيرة للمدرسة، كونها الأساس في إنشاء جيل مثقّف رياضيًّا وتتكامل مع باقي عناصر المُجتمع.

وأشار د. مكناي إلى مبدأ هام من المبادئ المُساهمة في تحقيق بيئة مثاليّة للأنشطة البدنيّة، هو مبدأ الـ 10 آلاف ساعة. فبيّن في عرضه أنّ أبحاثًا إحصائيّة مُختلفة أظهرت أنّ غالبيّة حاملي الميداليّات الأولمبيّة قد قاموا بتدريبات رياضيّة لمدّة 10 آلاف ساعة، للوصول إلى مستوى أداء رياضيّ متميّز.

وتحدّث عن تكامل هذه المدّة التدريبيّة مع المسؤوليّات السابقة، إذ يمثّل افتقار حيّ ما إلى مساحة لتنفيذ نشاط رياضيّ، واقعًا مُحاصِرًا للأطفال ولا يدفعهم إلى ممارسة أنشطة، فيستعيضون عن ذلك بقضاء وقت طويل في ممارسة الألعاب الإلكترونيّة، أو نشاطات أُخرى غير حركيّة.

وداخل د. مكناي حول أهمّيّة اختيار النشاط البدنيّ المُناسب للمرحلة العُمريّة، لتحقيق هدف الثقافة الرياضيّة البدنيّة، بما تحتوي هذه الثقافة من مميّزات وصفات جيّدة، كالالتزام، والنشاط، وتفريغ الطاقات، وغيرها.

هُنا تحدّث أ. حلاوة حول أهمّيّة تركيز المدارس على زيادة حصص التربية البدنيّة، والاهتمام بتخصّص المعلّم الذي يشرح هذه المادّة، وذلك لكون المدرسة مساحة شبه وحيدة عند بعض المجتمعات. وبالتالي من الضرورة تأسيس التلاميذ على ثقافة بدنيّة رياضيّة قويمة، لممارستها أيضًا خارج أسوار المدرسة، عبر نشر ثقافة التجوال والمشي في الطبيعة.

أمّا د. علي، فتحدّث عن ميكانيزم الـ 10 آلاف خطوة يوميًّا، الموصى عليه من قِبل منظّمة الصحّة العالميّة، لتصبح الحركة بحدّ ذاتها ثقافة، وللحفاظ على معدّل اللياقة البدنيّة للطلبة. وأشار إلى أهمّيّة توظيف التكنولوجيا في الرياضة، لا اعتبارها ضدًّا لها؛ من خلال توظيف الأدوات التقنيّة كالساعات الذكيّة التي تحصي الخطوات، وتراقب ضربات القلب، للاستفادة من هذه الأدوات في مجال الرياضة.

 

أساليب تدريس مادّة التربية البدنيّة المتنوّعة

استهلّ د. علي المحور بالإشادة بأهمّيّة التركيز على مادّة التربية البدنيّة في المدارس، لكونها أساسًا لانطلاق الرياضيّين العرب والعالميّين. وأشار إلى ضرورة الانتباه إلى تغيُّرات الجيل الحاليّ عن أجيال سابقة، بصفته جيلًا يريد أن يكتسب المعلومة بسرعة، ولم يعد يقبل بالتلقين، إنّما بات محورًا للعمليّة التعليميّة. وتحدّث أنّ ضمن هذه التغيّرات، على المعلّم أن يكون ميسّرًا للعمليّة التربويّة، ضمن منطق وأدوات تُعلّم الطالب كيف يتعلّم.

وقدّم د. علي تعريفًا لاستراتيجيّات التدريس؛ بما تمثّل من تحرّكات المعلّم داخل الغرفة الصفّيّة، وأفعاله التي يقوم بها بشكلٍ منظّم ومتسلسل. كما قدّم تعريفًا للتربية البدنيّة بصفتها الجانب المتكامل من التربية الذي يعمل على تنمية الفرد وتكيّفه بدنيًّا وعقليًّا واجتماعيًّا ووجدانيًّا، عن طريق أنشطة بدنيّة مُختارة تتناسب مع مراحل النموّ، وتمارَس بإشراف متخصّصين. ففي رياض الأطفال، يُمكن الاعتماد على التربية والقصص الحركيّة. وفي المراحل الأعلى قليلًا، يُمكن توظيف استراتيجيّات تعلّم الأقران ومحطّات التعلّم والتعلّم التعاونيّ والخرائط المعرفيّة ولعب الأدوار في اختيار الأنشطة المُناسبة. وهُنا، أكّد على أهمّيّة دفع الطالب إلى عمليّة بحث حول الأنشطة والأساليب، وهكذا يصبح الطالب شريكًا فاعلًا مُستمتعًا مُبادرًا في عمليّة تعلّمه.

هُنا، داخل د. مكناي عن الاختلاف الجوهريّ لمادّة التربية البدنيّة عن غيرها من الموادّ، لكونها تعتمد بالأساس على النشاط الحركيّ. وأشار إلى أهمّيّة دور التربويّين بتوجيه هذا النشاط ليصبح نشاطًا صحّيًّا مُمتدًّا إلى خارج أسوار المدرسة. وأكّد على ضرورة أن يحتلّ النشاط البدنيّ الجزء الأكبر من الحصّة التعليميّة.

وأمّا أ. حلاوة فتحدّث عن أهمّيّة أخذ حالة الطالب الذهنيّة بعين الاعتبار، فالطالب يهيّئ نفسه وقت حصّة التربية البدنيّة للحركة، وبالتالي فإنّ تلبية حالته الذهنيّة أمر بالغ الضرورة، لكونها كذلك فُرصة لتفريغ طاقاته، وإعطائه فُرصة كافية لتطبيق المعلومات النظريّة، وتنظيم عشوائيّته.

وداخلت أ. نواهضة حول أهمّيّة استمتاع الطالب في النشاط الحركيّ، إذ اعتبرت الاستمتاع ضمن هذا السياق، معيارًا لتقييم اكتساب الطالب للمهارة وتطبيقها.

 

إمكانيّات المدرسة وتجاوز عقبات عدم توفّرها: الوسائل البديلة

عرض د. علي فيديو في مستهلّ المحور، يوضّح فكرة إمكانيّة عقد أنشطة بدنيّة ورياضيّة بإمكانيّات بسيطة. وتحدّث على أهمّيّة البحث عن بدائل للأدوات المساعدة في الأنشطة الرياضيّة في حال عدم توفّرها؛ بدائل من محيط المدرسة، والإبداع في ابتكارات خاصّة تتناسب مع الأنشطة المُخطّط عقدها داخل المدرسة، كالكرات البديلة التي مُن المُمكن صنعها من الإسفنج والرمل، وغيرها من البدائل.

وأكّدت أ. نواهضة على ضرورة التفكير ببدائل من الحياة اليوميّة لمُمارسة الأنشطة المُختلفة. وتحدّثت عن أهمّيّة دعم إدارة المدرسة والأهالي لتعزيز الثقافة البدنيّة، باعتبارها مركّبًا لا يقلّ أهمّيّة عن المساقات الدراسيّة المُختلفة.

وفي نهاية المحور، أشار د. مكناي إلى أنّ وزن الجسم هو كذلك من الأدوات المهمّة التي تمكّننا من تصميم أنشطة رياضيّة من دون أدوات، كتمارين الضغط والمعدة. كما أشار إلى ضرورة مبادرة المعلّم، خصوصًا في المناطق صعبة الظروف، لتشجيع الطلبة في مُختلف الأوقات على مُمارسة الأنشطة الرياضيّة.

 

تداخل مادّة التربية البدنيّة مع مختلف الموادّ الدراسيّة

تحدّث أ. حلاوة في هذا المحور عن تداخل مادّة التربية البدنيّة مع موادّ مثل الرياضيّات والفيزياء، لكونها مساحة تطبيقيّة عمليّة لمعادلات السرعة والتسارع، ما يجعل تعلّم المادّتين أكثر متعة واستكشافًا.

وأشار د. علي إلى فكرتي التكامل والترابط بين مادّة التربية البدنيّة والموادّ المُختلفة. وطرح مثالًا لترابط التربية البدنيّة مع الفنون، بصفة الفنون المساحة التجسيديّة البصريّة للمساحات والأبعاد الرياضيّة، وكذلك مع مادّة التاريخ، لكون التاريخ الرياضيّ ممتع وحافل بالمحطّات المثيرة للاهتمام.

 

من أسئلة الحضور

  • - هل التربية البدنيّة هي لتفريغ طاقة الفرد فقط؟

أجاب د. مكناي حول ارتباط الإجابة باحتياجات الفرد، ففي مرحلة عمريّة معيّنة يمثّل تفريغ الطاقة الهدف الأهمّ للمادّة، وفي مرحلة عُمريّة مُختلفة يتغيّر هذا الهدف ويتطوّر.

  • - ماذا عن تحفيز الطلبة غير المهتمّين بالأنشطة الرياضيّة على المُشاركة؟

أجاب د. علي على هذا السؤال بالإشارة إلى أهمّيّة استثارة فضول الطالب حول نشاط معيّن، حتّى يتحفّز لاستكشافه وتجريبه. وتحدّث عن أهمّيّة إبراز الجوانب الإيجابيّة في تشجيع الطلبة للمُشاركة في الأنشطة، إلى جانب مُشاركة المعلّم في النشاط، لما لهذه المشاركة من دور تحفيزيّ في تعزيز مُشاركة الطلبة، ومنحهم أدوات قياديّة في العمليّة التعليميّة.

وأشار أ. حلاوة ضمن هذا السياق إلى أهمّيّة الانتباه إلى حالة الطالب النفسيّة، فمن المهم القرب من الطالب، وفهم الظروف التي يمرّ بها للتمكّن من حلّ مسألة عدم رغبته في المُشاركة.

وأضافت أ. نواهضة إلى أهمّيّة معرفة السبب الذي يقف بين الطالب ومُشاركته، منها على سبيل المثال الخجل من قدراته، أو تعرّضه للتنمّر. هُنا، أكّدت على ضرورة الشّراكة مع الطلبة في استكشاف المهارات، ودفعهم للتوقّف عن مقارنة أنفسهم مع الآخرين.

  • - كيف يُمكن تغيير نظرة الاستخفاف بمادّة التربية البدنيّة؟

أشار د. مكناي إلى أهمّيّة التوعية بمادّة التربية على غرار ندوة "منهجيّات" هذه؛ فيتعرّف الجمهور إلى مميّزات هذه المادّة، وأهمّيّة تقاطعها مع السياقات الواقعيّة، ومع الموادّ الأُخرى المُختلفة.

أمّا أ. نواهضة فأكّدت على ضرورة وجود جانب توعويّ ربما من قِبل المدرسة، من خلال عقد حوارات مُختلفة مع الأهل والمُجتمع المحلّيّ، وبالتالي العمل مُجتمعيًّا على التوعية بالمادّة.

وتحدّث أ. حلاوة عن عقد نشاط رياضيّ مُجتمعيّ قد يكون أسلوبًا مهمًّا في تغيير النظرة إلى المادّة. نشاط يشترك في تنفيذه مُختلف عناصر العمليّة التعليميّة بالشّراكة مع المُجتمع.

أمّا د. علي فاختتم بالإشارة إلى أهمّيّة مُشاركة أولياء الأمور في حصص مادّة التربية البدنيّة، وفي أنشطة مُختلفة. وكذلك التركيز على نماذج رياضيّة خلّاقة ونشر تجارب مُختلفة، مثل اللّاعب المحترف محمّد صلاح، والأنشطة الخيريّة واللفتات الإنسانيّة المصاحبة لتجربته الرياضيّة.