نادين بلال شعار- مُشرفة قسم رياض أطفال- لبنان/ قطر
نادين بلال شعار- مُشرفة قسم رياض أطفال- لبنان/ قطر
2021/04/27

كيف تتخيّلين شكل التّعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وما هو مستقبل المدرسة كمكانٍ، خصوصًا بعد تجربة التّعليم عن بُعد؟ 

أرى مستقبل التعليم محفوفًا بالتحدّيات والتغييرات السريعة، التي من شأنها أن تُغيّر الصورة النمطيّة للمدرسة كمكان. ومن هُنا، أتخيّل المدرسة كمكان متنقّل يتعلّم الطلّاب من خلالهِ مشاريع قائمة على التجارب والرحلات الميدانيّة، مثال على ذلك نموذج التعلّم "Place Based Learning". بالإضافة إلى ذلك، سيكون هناك حاجة إلى اعتماد نموذج الصفّ المقلوب والتعليم المدمج في المراحل الابتدائيّة وحتى الثانويّة.

أمّا بالنسبة لرياض الأطفال، فالمدرسة ستصبح مكانًا لتنمية مهارات الأطفال الاجتماعيّة والفكريّة والجسديّة، إذ ستُصمّم المرافق المدرسيّة ومساحات التعلّم كأمكنة ومساحات للتفاعل الاجتماعيّ واللّعب وتطوير مهارات التفكير.

 

ما هي أوّل نصيحة تنصحين بها مُعلمًا جديدًا؟ لماذا؟ 

أنصح المُعلّم الجديد أن يعمل على خلق مناخٍ آمنٍ، وأن يُخطّط قبيل بداية الأسبوع الدراسيّ الأوّل لتكوين مجتمع صفّيّ خلّاق وأن يُعزّز روح الجماعة ويبني علاقات إيجابيّة بينه وبين طلبته وذويهم. وأنصحه بأن يُراقب اهتمامات طلبته كي يتمكّن من تقديم التعليم النوعيّ لا الكمّيّ، كما أنصحهُ بأن يدخل إلى الصفّ كمتعلّم لا كمعلّم، وأن تكون توقّعاته من الطلّاب عالية ليتم بذلك تيسير عمليّة التعليم والتعلّم، ذلك لأن المُعلّم الإيجابيّ، الذي يؤمن بقدرات طلبته وينمّيها، سيخلق دافعيّة ذاتيّة لديهم ويحثّهم على التعلّم، بل وسيفتح آفاقهم نحو التعلّم والإبداع.

 

ما هو تعريفكِ للدهشة؟ وكيف وصلتِ إلى هذا التّعريف؟

الدهشة بالنسبةِ لي هي حالة من التعجّب وعدم الفهم لظاهرة علميّة أو اجتماعيّة تحصل حولنا، بالتالي، تُخلق عند الفرد حالة من الذهول والمشاعر الممزوجة بالفرح أو الحزن أو حتى الحسرة أحيانًا، ذلك بحسب الموقف الذي يختبره الفرد أو الأفراد. وعلى سبيل المثال، يُمكن أن يصاب الإنسان بالدهشة عندما ينجح أو حتى عند فقدان شخص عزيز، وهناك دهشة تصيب الإنسان عندما لا يفهم ما يدور من حوله، مثل الماورائيّات أو الظواهر الطبيعيّة وقد تحثّهُ الدهشة على البحث المعمّق لفهم هذه الظواهر.

أما بالنسبةِ للظواهر الاجتماعيّة فهناك دهشة عندما يمتهن أشخاص لا يمتّون إلى التربية والتعليم بصلة، مهامًا تربويّة ما يؤدّي إلى عواقب وخيمة على مجتمعاتنا. ولقد وصلتُ لهذه القناعة والتعريف عن طريق التفكّر والتأمّل بالعالم من حولنا والتغييرات السريعة التي تحدث بسرعة قياسيّة.

 

ما هي مصادر الإلهام في مسيرتكِ التعليميّة؟ لماذا؟ 

تعدّدت خلال مسيرتي المتواضعة في التعليم مصادر إلهامي.

لقد كان المُلهم الأوّل لي هو الطالب الذي قولب مسيرتي وأعطاني زخمًا ودافعيّة لأن أعشق مهنتي، وأن أرى دوري من منظور الطالب. وهناك مصادر أخرى ملهمة، منها التدريبات المهنيّة التي حصلت عليها، والقادة التربويّين الذين عملت معهم، وأيضًا زملائي المعلّمين الذين أثروا خبراتي، وكذلك، كان لوالدي، وهو معلّم، دورًا رئيسيًّا في إلهامي لاختيار التعليم كمسيرة ورحلة تعلّم دائمة.

 

من هو الطّالب المُتميّز برأيكِ؟ لماذا؟ 

كل طالب هو مُتعلّم قادر ومستقلّ يستطيع أن يُعبّر عن أفكارهِ بعدّةِ طرق، وهذه القناعة والفلسفة التي أؤمن بها مُشتقّة من عدّة نظريات كنظريّة الذكاءات المتعدّدة أو "Multiple Intelligence" للباحث والكاتب هوارد غاردنر. أمّا عن دورنا الأساسيّ فهو اكتشاف مفتاح كل طالب وطالبة وتهيئة الفرص المميّزة والمختلفة لحثّهم على الابتكار والإبداع عند الانخراط في عمليّة التعلّم.

 

حسب معاييرك، كيف تصفين المُعلّم المُلهِم؟  

المعلّم الملهم أو المتعلّم الملهم هو:

  • متعلّم مدى الحياة يدرك بأنه يستطيع إحداث التغيير في حياة طلّابه.
  • معلّم مراقب ومشاهد يدوّن ملاحظاته ويقيّم رحلة التعلّم للمهارات التي اكتسبها طلّابه، ويتواصل مع زملائه كي يخطط لعمليّة التعليم والتعلّم.
  • متعلّم ناقد لنفسه مثابر ومتأمّل لممارساته لا يخاف من الفشل، بل يحاول، حتى يستطيع تحقيق الهدف من أوّل محاولة، ويعتمد عدّة استراتيجيّات كي يدمج طلّابه بعمليّة التعلّم.
  • معلّم يعطي تغذية راجعة بنّاءة لطلّابه كي يتأمّلوا في أعمالهم.
  • إنسان إيجابيّ يؤمن بقدرات كلّ طلّابه ويقوّي العلاقات بينه وبين طلّابه.
  • معلّم متواصل مع كافّة أفراد المجتمع المدرسيّ، ومعلّم قادر على التواصل مع معلّمين من مُختلف المدارس.
  • معلّم مفكّر ومبدع دائمًا خارج الصندوق، ويحوّل البيئة الصفّيّة والمساحات في صفّهِ إلى مساحات تعزّز على الاكتشاف والتجربة.
  • معلّم باحث ويسعى دومًا للبحث عن استراتيجيّات ومصادر وأفكار ملهمة لطلّابه.
  • معلّم رقميّ يوظّف التكنولوجيا كأداة في عمليّة التعلّم والتعليم.
  • معلّم يملكُ حسًّا فكاهيًّا يُسعد طلّابه ضمن مناخ إيجابيّ.
  • معلّم يعزّز على القراءة ويخلق جيلًا يحبّ القراءة في كافّة المجالات.
  • معلّم يلعب مع طلّابه خلال الفسح الدراسيّة ويصغي لمشاكلهم، ويساعدهم على إيجاد حلول لنزاعاتهم.
  • معلّم يحتفي بنجاحات طلّابه ويستخدم التعزيز الإيجابيّ لتشجيعهم.

 

ما هو الموقف الذي تندمين عليه في مسيرتك التعليميّة؟ 

الموقف الوحيد الذي أندم عليه خلال سنتي الأولى في التعليم هو استخدام مبدأ العقاب بدلًا من الثواب والتعزيز الإيجابيّ مع بعض من الطلاب الذين لم يُظهروا سلوكيات حميدة، وهو الأمر الذي أثّر على علاقتي بهؤلاء الطلّاب. لذلك أنصح المعلّمين الجدد أن يراقبوا سلوكيّات طلّابهم غير المرغوبة، ويتواصلوا مع زملائهم من المرشدين والمعلّمين الذين هم أقدم منهم، وأن يفهموا دوافع هذا السلوك قبل الحكم على الطالب، وأيضًا أنصحهم بقراءة كتب عن الإدارة الصفّيّة الفعّالة.

 

برأيكِ، كيف تؤثّر علاقة الإدارة بالمُعلّم على مسيرتهِ؟  

إنّ العلاقة المهنيّة الناجحة والمبنيّة على الثقة بين الإدارة والمعلّم من شأنها أن تساهم في نجاح المعلّم ومنحه الدافعيّة ليُجرّب ويبحث ويطوّر مهارات القيادة لديه. المدير القائد هو الذي يوجّه ويدرّب معلّميه عن طريق النمذجة، وأيضًا يحثّهم على خوض التجارب ويساعدهم في وضع أهداف تتماشى ورؤية ورسالة الصرح التعليميّ الذي ينتمون إليه.

 

ما الذي تُريدين محوه من طريقة التّدريس والتّقييم في مدارس اليوم؟  

إذا كان لديّ عصا سحريّة، سأمحو الطرائق التقليديّة التي تعتمد على المحاضرات وأسلوب التكرار والحفظ والتلقين في المواد الدراسيّة، مثل الرياضيّات، كونها طرائق مجرّدة ولا ترتكز على ربط المادّة بالواقع أو بسياقات عالميّة ومحلّيّة ذات صلة ومغزى للطالب. هذه الطرائق، حتى وإن اثبتت نجاحها في حقبة زمنيّة معيّنة في القرن الماضي، إلّا أنّها لم تعد تصلح في زمننا الحاليّ، وكذلك، سأبتعد عن التقييم التقليديّ، مثل الاختبارات المبنيّة على قياس معارف المتعلّم والمعلومات التي اكتسبها في آخر الفصل أو العام الدراسيّ أو حتى اختبارات نهاية المرحلة، مثل "البريفيه" لطلّاب الصفّ التاسع.

 

ما هو الكِتاب الذي لهُ تأثير كبير عليكِ وعلى تجربتكِ في الحياة؟  

 لقد قرأت كتابًا بعنوان "The Essential 55"، للكاتب رون كلارك منذ حوالي عشرة أعوام، وقد أثّر هذا الكتاب على ترسيخ قناعاتي بأن الطالب هو دومًا متعلّم ناجح يحتاج لمن يؤمن بقدراته ويلهمه ويحثه على الإصرار والمثابرة للوصول إلى الهدف. كما أثّر الكتاب بي بشكلٍ إيجابيّ لمنحي المزيد من الثقة بأنّ فلسفتي في التربية هي فلسلفة سامية تؤمن بقدرات الطالب كإنسان مبدع وخلّاق والأمر يعود إلينا كتربويّين؛ إمّا أن نخلق هذا الطالب المُبدع ونسلّحه بكافة المهارات، أو أن نكون من التربويّين الذين يساهمون بإطفاء شعلة الإبداع لدى طلّابهم.