كيف تعولم صفّك المدرسيّ؟
كيف تعولم صفّك المدرسيّ؟
2024/04/21
مروان أحمد محمود حسن | عضو هيئة تحرير منهجيّات-مصر

شهد مفهوم الصفّ الدراسيّ التقليديّ تحوّلًا هامًّا، في ظلّ عالم يسوده الترابط، بفضل ظهور التكنولوجيا وعمليّة العولمة؛ فتوسّعت جدران الصفوف إلى ما هو أبعد من الحدود المادّيّة، إذ انبثق مصطلح مبتكر بفعل عصر التعليم الجديد، يُشار إليه باسم "عولمة الصفّ المدرسيّ"، ويعني ثورة في طرائق تعلّم المتعلّمين، وتفاعلهم مع العالم، حيث إنّه فتح عالمًا من الإمكانيّات، وربط المتعلّمين بمختلف الثقافات، والخلفيّات، والمواقع الجغرافيّة.

كما تضمّن خلق بيئة تُعرّض المتعلّمين لوجهات نظر متعدّدة، وثقافات، وفِكَر عالميّة، بهدف مساعدتهم على تطوير فهم أوسع للعالم، وتعزيز المهارات اللازمة للمواطنة العالميّة. وفي ما يلي بعض الخطوات التي يمكن اتّخاذها لعولمة الصفّ الدراسيّ:

"لا يمكن لأيّ ثقافة أن تعيش إذا حاولت أن تكون حصريّة". مهاتما غاندي

- غرس الوعي الثقافيّ: تعزيز الحساسيّة الثقافيّة، والتفاهم بين المتعلّمين، وتشجيعهم على استكشاف الثقافات المتنوّعة وتقديرها، من خلال الأنشطة الفصليّة، على سبيل المثال: الاحتفال بالأعياد الثقافيّة، أو استضافة متحدّثين ذوي خلفيّات ثقافيّة مختلفة، أو تنظيم التبادل الثقافيّ بشكل افتراضيّ.

- تعزيز الاتّصالات العالميّة: إنشاء اتّصالات مع الصفوف الدراسيّة في بلدان أخرى، من خلال التبادل الافتراضيّ، أو برامج المراسلة؛ الأمر الذي يتيح للمتعلّمين التفاعل مع أقرانهم من ثقافات مختلفة، وتبادل الخبرات، ووجهات النظر، والتعرّف إلى حياة بعضهم البعض.

- الاستفادة من التكنولوجيا: ربط الصفّ الدراسيّ بالموارد، والخبراء من جميع أنحاء العالم، كاستخدام أدوات مؤتمرات الفيديو لإجراء محاضرات افتراضيّة لمتحدّثين، أو التواصل مع المنظّمات العالميّة، أو الخبراء لإجراء المقابلات، أو جلسات طرح الأسئلة والأجوبة، كما توفّر المنصّات عبر الإنترنت فرصًا للتعلّم عبر الثقافات.

- تشجيع التعاون: تعزيز المشروعات التعاونيّة التي تتطلّب من المتعلّمين العمل مع أقرانهم من خلفيّات مختلفة. يمكن للمعلّم تعيين مشروعات جماعيّة، تشجّع المتعلّمين على البحث في القضايا العالميّة، واقتراح الحلول، والتعلّم من وجهات نظر بعضهم البعض، ممّا يعزّز العمل الجماعيّ، والتفكير النقديّ، والتفاهم بين الثقافات.

- المشاركة في الأحداث العالميّة: يقوم المعلّم بإشراك الصفّ الدراسيّ في الأحداث العالميّة، على سبيل المثال: اليوم العالميّ للسلام، ويوم البيئة العالميّ، أو يوم الشباب الدوليّ. توفّر هذه الأحداث فرصًا للمتعلّمين للتعرّف إلى التحدّيات العالميّة، والمشاركة في مشروعات خدمة المجتمع، والتواصل مع المبادرات حول العالم.

- التشجيع على تعلّم اللغات: على المعلّم تعزيز تعلّم اللغات، من خلال تقديم دروس بلغات أخرى، أو دمج العبارات الأساسيّة، والجوانب الثقافيّة في الدروس، ويمكن للمهارات اللغويّة أن تعزّز قدرة المتعلّمين على التواصل مع أشخاص من مختلف البلدان.

- الأدب العالميّ: يقوم المعلّم باختيار مجموعة متنوّعة من الأعمال الأدبيّة العالميّة، والتي تسلّط الضوء على الثقافات المختلفة، ووجهات النظر والخبرات المختلفة، ويرشّحها للمتعلّمين، ثمّ يناقشهم فيها بعد قراءتها، الأمر الذي يعزّز لديهم التعاطف والتفاهم.

- الرحلات الميدانيّة الافتراضيّة: اصطحاب المتعلّمين في رحلات ميدانيّة افتراضيّة إلى المعالم، أو المتاحف، أو المواقع الثقافيّة حول العالم. ويقدّم العديد من المؤسّسات جولات وموارد عبر الإنترنت، توفّر تجارب ممتعة من دون مغادرة الصفّ الدراسيّ.

- التأكيد على الأحداث العالميّة الجارية: تضمين مناقشات حول الأحداث العالميّة الحاليّة، وآثارها، وتشجيع المتعلّمين على البحث، وتقديم عروض حول موضوعات الأخبار الدوليّة، وتعزيز التفكير النقديّ، والوعي بالقضايا العالميّة.

- تعليم المواطنة العالميّة: يتضمّن دروسًا أو مناقشات تركّز على المواطنة العالميّة، والاعتبارات الأخلاقيّة في سياق عالميّ. يشجّع المعلّم المتعلّمين على التفكير في أدوارهم ومسؤوليّاتهم بوصفهم مواطنين عالميّين، وعلى استكشاف الطرائق التي يمكنهم من خلالها إحداث تأثير إيجابيّ في العالم.

- عمليّات المحاكاة العالميّة ولعب الأدوار: يشترك المتعلّمون في عمليّات المحاكاة، ولعب الأدوار التي تحاكي السيناريوهات، أو الصراعات العالميّة. وهذا يشجّعهم على التفكير النقديّ، وحلّ المشكلات، والتعاطف، عندما يحلّ المتعلّم محلّ الأفراد من خلفيّات ثقافيّة مختلفة.

- التطوير المهنيّ: يمكن للمعلّم أن ينضمّ في فرص التكوين المهنيّ التي تركّز على التعليم العالميّ، من خلال حضور ورش العمل، أو المؤتمرات، أو الندوات عبر الإنترنت التي توفّر الموارد، والاستراتيجيّات، وأفضل الممارسات لعولمة الصفّ الدراسيّ.

 

تُعدّ عولمة الصفّ الدراسيّ عمليّة مستمرّة، تتطلّب من المعلّم جهدًا مستمرًّا، وقدرة على التكيّف. ومن خلال دمج ما عُرض من خطوات في العمليّة التدريسيّة، يمكن إنشاء بيئة تعليميّة شاملة وواعية عالميًّا، تعمل على إعداد المتعلّمين لعالم مترابط، فتوفّر للمتعلّمين فرصة للتعاون مع أقرانهم من مختلف أنحاء العالم، واكتساب رؤى حول وجهات نظر متنوّعة.

لم توسّع عولمة الصفّ الآفاق فحسب، بل أعدّت المتعلّم للازدهار في عالمٍ متّصل.