صعوبات التعلّم عند الأطفال
صعوبات التعلّم عند الأطفال

تُؤثِّر صعوبات التعلّم في العديد من الأطفال، وتحدُث نتيجة عوامل وراثيّة أو بيولوجيّة عصبيّة، تُسبِّب تغييرًا في كيفيّة أداء الدماغ لواحدة أو أكثر من العمليّات المعرفيّة المتعلّقة بالتعلّم. يمكن لصعوبات التعلّم عند الأطفال أن تؤثِّر في قدرتهم على التمتّع بحياة صحيّة جيّدة خارج النطاق الأكاديميّ، وبناء العلاقات الاجتماعيّة السليمة مع العائلة والأصدقاء وفي مكان العمل لاحقًا. فما أنواع صعوبات التعلّم الشائعة عند الأطفال؟ وكيف يمكن التغلّب عليها؟  

 

أنواع صعوبات التعلّم  

يمكن للأطفال أن يعانوا نوعًا أو أكثر من صعوبات التعلّم. لذلك، يجب على الأهل استشارة المختصّين للحصول على التشخيص الصحيح لطفلهم. تشمل أنواع صعوبات التعلّم الشائعة ما يلي:  

  • - عسر الحساب (Dyscalculia): اضطراب في التعلّم يُؤثِّر في قدرة الطفل على فهم المعلومات المُعتمِدة على الأرقام والرياضيات. يحدث ذلك عندما يعجز دماغ الطفل عن معالجة المفاهيم المتعلّقة بالرياضيات. ولا يعني ذلك أنّ الطفل المصاب بعسر الحساب أقلّ ذكاءً أو قدرة من الأطفال الأصحّاء.  

  • - عسر الكتابة (Dysgraphia): اضطراب عصبيّ يعاني الطفل المصاب به من خلل في الكتابة، ممّا يجعل كتابته مشوَّهة أو غير صحيحة. وعادةً ما يظهر هذا الاضطراب لدى الأطفال عندما يحاولون الكتابة لأوّل مرّة.   

  • - عسر القراءة (Dyslexia): اضطراب في التعلّم يعاني الطفل المصاب به من صعوبة في القراءة، بسبب مشكلات تحديد أصوات الكلام، وتعلّم كيفيّة ارتباطها بالحروف والكلمات، أو ما يُعرَف بفكّ التشفير. يحدث عسر القراءة نتيجة الفروق الفرديّة في مناطق الدماغ التي تعالج اللغة، ولا يرتبط حدوثه بوجود مشكلات في الذكاء أو السمع أو النظر.  

  • - صعوبات التعلّم غير اللفظيّ (Nonverbal Learning Disabilities - NVLD): يشمل هذا النوع عددًا من الصعوبات والتحدّيات التي لا تعتمد على اللغة كالقراءة والكتابة، وإنّما تتعلّق بالمهارات غير اللفظيّة، كالمهارات الحركيّة والبصريّة-المكانيّة والاجتماعيّة.  

  • - اضطراب اللغة الشفويّة/المكتوبة ونقص الفهم القرائيّ المُحدَّد (Oral / Written Language Disorder and Specific Reading Comprehension Deficit): يواجه الأطفال المصابون بهذا الاضطراب صعوبة في فهم اللغة أو التعبير بها، وغالبًا ما يكون ذلك في كلٍّ من الأشكال الشفويّة والمكتوبة. كما يظهرون ضعفًا مُحددًّا في اللغة يتعلّق بالمعالجة الدلاليّة والنحويّة. ويُقصد بالمعالجة الدلاليّة ترميز معنى الكلمات، بينما تتعلّق المعالجة النحويّة بفهم ترتيب الكلمات وإمكانيّة تغيير ذلك معناها.  

 

الأسباب المحتملة لصعوبات التعلّم  

ولا يزال السبب الدقيق الكامن وراء تعرّض الطفل إلى إحدى صعوبات التعلّم غير معروف تمامًا، ومع ذلك يُعتقّد أنّها تحدث في بعض الأحيان بسبب خلل أو اضطراب أثّر في نموّ دماغ الطفل، إمّا قبل ولادة الطفل، أو أثناء ولادته، أو في مرحلة الطفولة المُبكِرة. يمكن للأطبّاء والمختصّين معرفة بعض أسباب ظهور صعوبات التعلّم، بعد إجراء مجموعة من الفحوصات والاختبارات. أمّا العوامل التي قد تؤدّي إلى حدوث صعوبات التعلّم عند الأطفال، فتتمثّل بالآتي:  

  • - وجود حالة صحّيّة لدى الأمّ أثناء الحمل.  

  • - وجود مشكلات أثناء الولادة تمنع وصول كمّيّة كافية من الأكسجين إلى دماغ الطفل.  

  • - وجود بعض الجينات التي تنتقل من الوالدين إلى الطفل، والتي تزيد من احتماليّة إصابته بإحدى صعوبات التعلّم.  

  • - إصابة الطفل بحالة صحّيّة في مرحلة الطفولة المُبكِرة، بما في ذلك التهاب السحايا.  

  • - وجود بعض الحالات الصحّيّة التي قد تجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بصعوبات التعلّم من غيره، بما في ذلك متلازمة داون والشلل الدماغيّ والصرع والتوحّد.  

 

أعراض صعوبات التعلّم وعلاماتها بناءً على نوعها  

يتميّز كلّ نوع من أنواع صعوبات التعلّم بعددٍ من الأعراض والعلامات، والتي قد تظهر إحداها أو عدد منها على الطفل. علمًا أنّ هذه الأعراض لا تعني حتمية تعرّض الطفل إلى صعوبات التعلّم، ولكن يجب اللجوء إلى الأطبّاء والمختصّين لتأكيد الأمر. وفي ما يلي توضيح أعراض صعوبات التعلّم الشائعة:  

عسر الحساب 

تختلف أعراض عسر الحساب من حالةٍ إلى أخرى، وعادةً ما تبدأ بالظهور في وقتٍ مُبكِرٍ، كمرحلة ما قبل المدرسة. يفقد الطفل المصاب بها قدرته على العدّ، ويعتمد في ذلك على أصابعه لفترة طويلة. كما يجد صعوبة في معرفة عدد الأشياء في المجموعة بنظرة واحدة. تشمل أعراض عسر الحساب التي تظهر بوضوح عند الأطفال في سنّ المدرسة:  

  • - صعوبة فهم كلمات المسائل الرياضيّة.  

  • - صعوبة تعلّم مهارات الرياضيات الأساسيّة، كالجمع والطرح والضرب.  

  • - عدم القدرة على ربط رقمٍ (1) بالكلمة المقابلة له (واحد). 

  • - صعوبة فهم الكسور.  

  • - صعوبة فهم الرسوم البيانيّة والمخطّطات.  

  • - مشكلة في عدّ النقود.  

  • - عدم القدرة على تذكّر أرقام الهواتف أو الرموز البريديّة.  

 

عسر الكتابة  

تشمل أعراضه: 

  • - مشكلة في تشكيل أشكال الحروف.  

  • - قبضة مُحكَمة أو مُحرِجة أو مُؤلِمة على قلم الرصاص.  

  • - صعوبة تتبّع الخطّ أثناء الكتابة، أو البقاء ضمن الهوامش.  

  • - مشكلة في بناء الجملة أو القواعد النحويّة عند الكتابة. 

  • - صعوبة تنظيم الأفكار أو التعبير عنها على الورق.  

  • - فروقات واضحة بين الفهم المنطوق والمكتوب لموضوع ما.  

 

عسر القراءة 

أحد أنواع صعوبات التعلّم عند الأطفال الذي عادةً ما تظهر أعراضه عندما يبدأ الطفل بالذهاب إلى المدرسة، ويحتاج ذلك منه إلى التركيز أكثر على تعلّم القراءة والكتابة. ورغم أنّ معظم الأطفال المصابين يمتلكون مهارات جيّدة في مجالات أخرى، بما في ذلك التفكير الإبداعيّ وحلّ المشكلات، إلّا أنّهم يعانون أعراضًا أخرى، منها:  

  • - بطء وصعوبة شديدة في القراءة والكتابة.  

  • - صعوبة القراءة، بما في ذلك القراءة بصوت عالٍ.  

  • - عدم القدرة على ترتيب الحروف في الكلمات، أو ما يُعرَف بمشكلات التهجئة.  

  • - صعوبة التمييز بين الحروف التي تبدو متشابهة وكتابة الأحرف كتابةً خاطئة.  

  • - الإملاء الضعيف أو غير المُتَّسِق.  

  • - فهم المعلومات الشفهيّة، وصعوبة في فهم المعلومات المكتوبة.  

  • - صعوبة تنفيذ مجموعة من المهمّات المتسلسلة.  

  • - تجنّب النشاطات التي تتطلّب القراءة.  

  • - لفظ خطأ للأسماء أو الكلمات، أو مواجهة مشكلات في استرجاع الكلمات.  

  • - قضاء وقت طويل قضاءً غيرَ طبيعيّ في إكمال المهمّات التي تتضمّن القراءة أو الكتابة.  

  • - صعوبة تلخيص القصّة.  

  • - مشكلة في تعلّم لغة أجنبيّة.  

  • - صعوبة حلّ مسائل الكلمات الرياضيّة.  

 

صعوبات التعلّم غير اللفظيّ 

من أعراضه الأوليّة المميّزة: 

  • - غياب تعبيرات الوجه أو نبرة الصوت؛ ما يجعل من الصعب تكوين صداقات والحفاظ عليها.  

  • - الحاجة إلى نطق الأشياء لفهمها.  

  • - صعوبة فهم القراءة أو حلّ المسائل الرياضيّة.  

  • - فقدان التوازن؛ ما يزيد من فرصة الاصطدام بالأشياء أو الأشخاص.  

  • - التفكير في الأشياء تفكيرًا حرفيًّا، وصعوبة شديدة في فهم الاستعارات أو المفاهيم المجرّدة.  

 

اضطراب اللغة الشفويّة/المكتوبة ونقص الفهم القرائيّ المُحدَّد 

تتشابه أعراض اضطراب اللغة الشفويّة/المكتوبة ونقص الفهم القرائيّ المُحدَّد مع أعراض عسر القراءة وعسر الكتابة، وغالبًا ما تشمل الأعراض الآتية: 

  • - صعوبة تعلّم مهارات الصوتيّات المُبكِرة.  

  • - الفهم المحدود، لا سيّما عندما تصبح النصوص أكثر صعوبة في المراحل الدراسيّة العليا.  

  • - عدم القدرة على تطبيق استراتيجيّات الفهم المكتسبة على القراءة.  

  • - صعوبة في بعض المهمّات، بما في ذلك تلخيص الأحداث أو التنبّؤ بشيءٍ ما.  

 

علاج صعوبات التعلّم  

يمكن أن يساعد العديد من الخيارات على إدارة صعوبات التعلّم عند الأطفال وعلاجها، مع التأكيد على ضرورة أخذ النصائح والاستشارات من الأطباء والمختصّين. من الطرق التي قد تساعد في التعامل مع طفل صعوبات التعلّم:  

  • - الحصول على المساعدة الإضافيّة في المهارات الأكاديميّة والتنظيميّة والدراسيّة.  

  • - استخدام الوسائل التعليميّة الأكثر تطوّرًا، كالكتب الصوتيّة وتطبيقات الحاسوب المختلفة.  

  • - بعض أنواع العلاجات النفسيّة، مثل العلاج الوظيفيّ الذي يمكن أن يساعد على تحسين المهارات الحركيّة للطفل المصاب بعسر الكتابة. ومثل علاج اللغة والنطق الذي يساعد بدوره على التعامل مع المهارات اللغويّة.  

  • - أدوية الاكتئاب والقلق، والتي تساعد على تحسين تركيز الطفل المصاب باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.  

  • - العلاجات التكميليّة أو البديلة، بما في ذلك تعديل النظام الغذائيّ، وتناول المكمّلات والفيتامينات، وتمارين العين والارتجاع العصبيّ.  

 

كيفيّة تعامل الأهل مع صعوبات التعلّم  

يلعب الأهل دورًا أساسيًّا في إدارة صعوبات التعلّم عند الأطفال وتحسينها قدر الإمكان. يحدث ذلك بتلقّي النصائح المفيدة من الأطبّاء ومعلّمي الطفل، والعمل معهم على دعم الطفل وتطويره. من الأساليب الشائعة في التعامل مع الطفل المصاب بصعوبات التعلّم:  

  • - اكتشاف نقاط القوّة لدى الطفل، والعمل بجدّ على تنميتها وتطويرها.  

  • - تنمية المهارات الاجتماعيّة والعاطفيّة ومحاولة دمجه مع الآخرين، من خلال تسجيله في النوادي والنشاطات التي تُركِّز على الصداقة والمرح وبناء الثقة بالنفس.  

  • - استخدام الموارد ومجموعات الدعم، للمساعدة على معرفة المزيد عن كيفيّة التعامل مع الطفل المصاب بإحدى صعوبات التعلّم.  

  • - مساعدة الطفل على التخطيط لمستقبله، وتشجيعه على التفكير في نقاط قوّته، واهتماماته في الخيارات التعليميّة والوظيفيّة. 

 

اقرأ أيضًا: 

ما طرق التشجيع على الدراسة؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

ابني لا يحبّ الدراسة... ماذا أفعل؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

 

المراجع