د. معاذ وليد محمّد- معلّم لغة عربيّة- فلسطين/ قطر
د. معاذ وليد محمّد- معلّم لغة عربيّة- فلسطين/ قطر
2021/11/24

كيف تتخيّل شكل التّعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وما هو مستقبل المدرسة كمكانٍ، خصوصًا بعد تجربة التّعليم عن بُعد؟ 

أتخيّل شكل التعليم كما كان في العصور السابقة، حلقات علميّة في دور العبادة أو تحت عرائش النخل أو الأشجار، أو في خيام البداوة، يُسمعُ للطلبة فيها صوت كطنين النحل وهم يردّدون خلف معلّميهم موادّهم العلميّة. وأتخيّل قرطاسيتهم البدائيّة، والوسائل العلميّة القائمة في الأساس الأوّل على الحفظ والتلقّي.

وبعد تجربة التعلّم عن بُعد، والتي أتاحت فعليًّا قدرة حقيقيّة في إمكانية مواصلة التعلّم خارج نطاق البيئة المدرسيّة، فإنّه قد يتيح الخيار للطلبة وأولياء أمورهم مستقبلًا إلى تقرير ما إذا كانوا يرغبون بالتعلّم حضوريًّا في المدرسة أو التعلّم عن بعد عبر الوسائل التكنولوجيّة. إذ يمكننا التنبّؤ بذلك بكلّ سهولة لوضوح الرؤية ووقوع التجربة.

 

ما هي أوّل نصيحة تنصح بها مُعلمًا جديدًا؟ لماذا؟ 

كثيرة هي النصائح التي يمكننا أن نُهديها إلى معلّمٍ مستجدٍّ، سواء على سبيل تطوير مهارة الإدارة الصفّيّة أو استراتيجيّات التعلّم أو التمكّن العميق من المادّة التخصصيّة والاطلاع على خبرات السابقين، لكن أهم ما يمكنني أن أنصح به في بداية مشوار التعليم هو استحضار نيّة الإخلاص بالعمل مع صباح كلّ يوم، والإيمان المطلق بالدور العظيم في الإسهام بصناعة الجيل، فهذا من شأنه أن يطفو على سطح الشخصيّة فيكسب بذلك الاحترام والمحبّة والثقة، ويجعله عنصرًا مؤثّرًا وقدوة صالحة.

 

ما هو تعريفك للدهشة؟ وكيف وصلت إلى هذا التّعريف؟

بالملاحظة والتأمّل نستطيع أن نضع تعريفاتنا الخاصّة لألفاظ عديدة نقابلها في مواقف الحياة، وفي تصوّري الخاصّ للدّهشة أنّها ردّة فعل صادرة عن شخص مبهور من قولٍ أو حدَثٍ ما، وقع دون أن يكون متوقِّعًا حدوثَه، سواء أكان هذا الشيء إيجابيًّا أم سلبيًّا. وغالبًا ما تظهر الدهشة من خلال لغة الجسد لا باللفظ، كأن يفترّ فو المندهش أو تجحظ عيناه.
 

ما هي مصادر الإلهام في مسيرتك التعليميّة؟ لماذا؟

أ. الشغف بالتخصّص الذي أنتمي إليه.
ب. الإيمان الحقيقيّ بالمهنة التي اخترتها بكل رغبة ومحبّة، وسعيت جاهدًا للوصول إليها.
ت. الزملاء المخلصون الذين كلما جالستهم غرفتُ من مَعين فكرهم، فلا يضنّون على رفاقهم بالمشورة وتبادل المعرفة والخبرة.
ث. الطلبة الموهوبون الذين تقودنا تساؤلاتهم إلى مزيد من البحث العميق والمعرفة الدقيقة.
ج. الإداريّون البارعون في اكتشاف الطاقات الكامنة لدى كادرهم، الميسّرون لمهنة التعليم، الآخذون بأيدي المعلّمين نحو التطوير، فيعزّزون الثقة ويشعلون فتيل الحافز، ويحوّلون المشقّة إلى متعة.

 

من هو الطّالب المُتميّز برأيك؟ لماذا؟ 

هو الطالب الذي تفرّد عن أقرانه بميّزة ما، سواء كانت ميّزة مرغوبة أم غير مرغوبة، فتغدو كالشّامة على الخدّ تميّز صاحبها أينما حلّ. لكن تعارفت المجتمعات التعليميّة على أن التميّز يكون في مستويات الذكاءات، كالإبداع وسرعة البديهة، وهذا بالنسبة لي يُضيّق المساحة، فمستويات الإبداع والتّميُّز لا تنحصر في الكمّ المعرفيّ لما تحتويه دفّتا الكتاب المدرسيّ والمقرّرات التعليميّة فحسب؛ إذ إنّ توافر أيّ موهبة باقتدار وجدارة في أي مجال، مثل الرياضة والفنون والقيادة، أعلى مستوى الأقران، يُعَدُّ تميّزًا.

 

حسب معاييرك، كيف تصف المُعلّم المُلهم؟  

المعلّم الملهم هو المعلّم الذي يحبّ عمله بصدق، ويمارس التعليم بإخلاص وأمانة، ويحبّ تلاميذه ويسعى إلى تعليمهم بكلّ حرص، واضعًا نصب عينيه مسؤوليّة حساسية مكانه في صناعة الأجيال. ولكي تعرف هذا النوع من المعلّمين عليك ملاحظة مدى محبّة طلبته له ولهفتهم في انتظار حصّته، وقياس مدى مخرجات التعلّم التي حقّقها خلال العام الدراسيّ.

 

ما هو الموقف الذي تندم عليه في مسيرتك التعليميّة؟

ما أندم عليه في مسيرتي التعليميّة أنني لم أطوّر من لغتي الإنجليزيّة لانشغالي بتخصّصي منذ البكالوريوس وصولًا إلى درجة الدكتوراه في اللغة العربيّة.

 

برأيك، كيف تؤثّر علاقة الإدارة بالمُعلّم على مسيرتهِ؟

علاقة الإدارة بالمعلّمين هي ذات الطبيعة القائمة على علاقة المعلّم بالتلاميذ، إذ إن تلك العلاقة تتطلّب توفير العدالة والحوافز وبناء جسور الأمان والثقة، والحثّ على الاستقلاليّة وعدم التخوّف من التعبير عن الآراء والمواقف الحياتيّة المستمرّة في المجتمع المدرسيّ. وإذا ما توافرت عوامل تلك العلاقة على النحو الذي ذكرتُ، سيكون العطاء والإبداع في أعلى المراتب. وفي حال عدم توفّر تلك العوامل، فإن خيبة الأمل والإحباط ستكون هي المهيمنة على المشهد في بيئة مشحونة بالانتكاسات والمثبّطات.

 

ما الذي تُريد أن تمحوهُ من طريقة التّدريس والتّقييم في مدارس اليوم؟

هذا السؤال مهمّ جدًّا، لأنه يلامس معاناة المدرّسين بشكل مباشر، ففي هذا الوقت كثرت التنظيرات في ممارسات تعليميّة جديدة، لها اصطلاحات غريبة تحتاج إلى تفسير دائم، تتباين الآراء في تفسيرها فهي غير مستقرّة أو ثابتة، وصار المعلّمون يوظّفونها عن غير قناعة لإرضاء الجانب الإشرافيّ أو الإداريّ. وهذا شيء مؤسف حقيقة أن يتخذ المعلّم طرائق شكليّة بلا روح، لأنه لا يؤمن بجدواها. فما أريد أن أمحوه فعلًا ليس طريقة تدريس معيّنة بحدّ ذاتها، بل أرغب أن أمحو ما يتمّ فرضه، بشكل مباشر أو مبطّن، من ممارسات وطرائق تدريس على المعلّمين، حيث أرغب بجعل مردّ ذلك للمدرّس وحده في اختيار الطرائق المناسبة له من حيث شخصيّته وطبيعة المتلقّين وطبيعة المادّة الدراسيّة، وليكن تقييم أداء المدرّسين وطرائق التدريس مبنيًّا على مخرجات التعلّم والتأكّد من تحقّقها، وترك المعلّم يمارس الطرائق التي تتوافق مع شخصيّته وتجاربه. فكما قيل: " لكلّ شيخٍ طريقته".

 

ما هو الكِتاب الذي لهُ تأثير كبير عليك وعلى تجربتك في الحياة؟  

كتاب البطولة، للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا.

 يعرض الكاتب أصنافًا للبطولة ونماذج عليها بطريقة منطقيّة سلسة معبّرة، ويفرّق بين مفهوميّ الشجاعة والبطولة، ويخلص إلى أن "كلّ بطل شجاع، وليس كل شجاع بطل"، فالإيمان والحِلم والأناة والكرم وقت العسرة والإيثار، وغيرها من الشمائل الحسنة، هي بطولات لا تطيقها جميع النفوس، بل هي نفائس فريدة في نفوس فريدة. والسرقة وقطع الطريق وإيذاء الناس باللفظ والفعل قد ينطوي على جانب من الشجاعة، لكنّه لا يُعدّ بطولة.