حرايز رابح- باحث في علم النفس التربويّ- الجزائر
حرايز رابح- باحث في علم النفس التربويّ- الجزائر
2022/07/01

كيف تتخيّل شكل التّعليم لو لم تكن هُناك مدارس؟ وكيف ترى مستقبل المدرسة كمكانٍ؟

ستكون تربية غير موجّهة وغير مقصودة، ولا تضبطها معالم تُحدّد مسارها، وستختلف غاياتها ومقاصدها بحسب العشيرة والعرف وحسب الأسرة ونمط تركيبتها، وهذه الأخيرة، أي الأسرة، ستلعبُ دورًا كبيرًا في ضمان تنشئة سليمة للطفل وإعداده للحياة.

أما بالنسبة للمدرسة، فهي تُعتبر البيئة الاجتماعيّة التي تحمل على عاتقها مهمّة التربية والتعليم، وإمداد الأجيال بالمعرفة والمهارات اللّازمة وفقَ منهج رسميّ؛ إنها المكان المفضّل لغرس القيم الاجتماعيّة والحضاريّة لدى الناشئة من أجل الرقيّ بمجتمعهم.    

 

كيف تصف تجربة التعليم الحضوريّ/ الوجاهيّ، بعد تجربة التعليم عن بُعد؟

لا شكّ أنّ العمليّة التعليميّة/ التعلُّميّة هي عمليّة تفاعل بين المعلّم والمتعلّم وفق منهج معيّن من أجل إحداث تغيير في سلوك المتعلّم. وأنا، كمختصّ في علم النفس التربويّ، أركّز على دراسة هذا السلوك في المواقف الصفّيّة، الذي يجب أن يكون قابلًا للملاحظة والقياس، من أجل تعديله وتغييره عبر الممارسات الصفّيّة التي يؤدّيها المعلّم، والتي قد تطول أحيانًا وقد تفشل أحيانًا أخرى، هذه الممارسات تكون في شكل نشاطات يمثّل الحضور الفعليّ للمتعلم أحد شروطها، فهو الذي يتعلّم وهو الذي يبني معارفه، وهذا ما لا يستطيع التعليم عن بُعد تحقيقه، غير أنه لا مناص من إدماج تقنيّات الإعلام والاتصال في التعليم.   

 

اختر شيئًا واحدًا تودّ تغييره في تعليم اليوم؟ لماذا؟

أودّ تغيير طريقة التقييم الحاليّة للتلاميذ التي تركّز على الجانب المعرفيّ فقط، وتُهمل الجانبين المهاريّ والأدائيّ. أرغب في جعل عمليّة التقويم عمليّة مصاحبة لعمليّة التعلم؛ أي تكون خلال الحصّة التعليميّة نفسها، وعلى مدار العام الدراسيّ، ليتم، في آخر العامّ، حساب الرصيد الذي تحصّل عليه التلميذ.

 

برأيك، كيف يُمكن توظيف الفنون أو الموسيقى في التعليم؟

تتمثّل عمليّة التعليم في ثلاثة جوانب: هي الجانب المعرفيّ والجانب المهاريّ والجانب الوجدانيّ، والفنون والموسيقى وغيرها، تدخل في الجانب الوجدانيّ الذي لا يقلّ أهمّيّة عن الجوانب الأخرى، باعتباره يسهم في تكوين الكثير من العادات الانفعاليّة والمشاعر والأحاسيس. وهُنا، يجب أن أشير إلى أن التعليم الوجدانيّ ومهاراته موجودة في المناهج الرسميّة، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فنحن ندرّس الرسم والموسيقى والأناشيد والمحفوظات وغيرها، كل هذا من أجل اكتشاف المواهب وصقل المعارف، غير أنني ألحّ على ضرورة ربط هذه النشاطات الوجدانيّة مع النشاطات الصفّيّة الأخرى، من أجل تحقيق كفايات عرضيّة، ولم لا؟ جعل القواعد والنظريّات والمفاهيم على شكل أنشودة أو أغنيّة يُسهّل على التلاميذ تذكّرها واسترجاعها.

 

إذا طُلب منك ابتكار طريقة جديدة لتقييم الطلبة، ماذا ستكون هذه الطريقة، وعلى ماذا ستعتمد؟

مثلما أشرت سابقًا، لا بدّ من تغيير طرائق التقويم، وهُنا أقترح طريقة ملفّات الإنجاز لكل تلميذ portfolio، والتي تعتمد على جمع كل أعمال التلميذ طيلة العام الدراسيّ، إذ تعكس مدى اجتهاده وجهده وتقدّمه، وتشمل أشياء كثيرة، كالواجبات المنزليّة والنشاطات اللاصفّيّة والمشروعات والملخّصات والآراء والانطباعات وغيرها.

 

كيف يُمكننا توظيف تفاصيل الحياة اليوميّة في التّعليم؟

يكون ذلك من خلال ربط الوضعيّات التعليميّة/ التعلّميّة بواقع التلميذ وما يعيشه فعلًا في حياته اليوميّة، كالتعبير عن بيئته التي يعيش فيها، والمناسبات التي عايشها، والمشكلات التي قد تعترضه، فعلًا، أثناء التعامل مع غيره.

 

ما هو التعبير الذي تُحبّ أن تراه على وجوه الطلبة؟ وكيف تحبّ أن يكون شعورهم وهم يغادرون المدرسة؟

التعبير الذي أحبّ أن أراه على وجوههم هو ملامح السعادة المرسومة على محيّاهم، والتي تعبّر عن رضاهم بما يتعلمون، وفرحتهم بمشاركتهم مع معلّمهم في اكتساب المعرفة، وأكبر من ذلك، حبّهم للمدرسة التي هي البيت الثاني لهم. كما أحب أن يكون شعورهم، وهم يغادرون المدرسة، شعورًا فيّاضًا بالأمل وبغدٍ أفضل.

 

من هو الطالب المُلهم؟

هو ذلك الطالب المصمّم على تحسين أدائه وتطوير معارفه مهما كانت الصعوبات التي تعترضه.

 

كصديقٍ، ما هي نصيحتك المُتكرّرة للطلبة؟

أنصحهم بعدم اليأس، والمحاولة بعد كلّ فشل، فالنجاح هو الانتقال من فشل إلى فشل دون فقدان الأمل. 

 

إذا طُلب منك اختيار وجهة الرحلة السنويّة لطلّابك، أيّ مكان تختار؟

سأستشير  طلّابي في ذلك، ولكن ستكون الوجهة  إلى إحدى المناطق ذات المناظر الطبيعيّة الخلّابة التي تزخر بها  بلادي الجزائر الحبيبة.