العلاقة بين المدرسة ومحيطها في ظلّ التكنولوجيا :كيف نعيد تصميم المسار التعليميّ لتحقيق غاية التعلّم؟
العلاقة بين المدرسة ومحيطها في ظلّ التكنولوجيا :كيف نعيد تصميم المسار التعليميّ لتحقيق غاية التعلّم؟
2025/04/16
أحمد الخليل | تربويّ ومختصّ في تكنولوجيا التعليم وأنماط التعلّم- ليبيا

قبل أنّ تبدأ بقراءة تدوينتي هذا، أودّ منك التعرّف إلى هذين المصطلحين، وسنتفق ضمنيًّا على معناهما قبل قراءة هذه التدوينة. وهما: المصدر الأكبر للمعلومات والمصدر الأكبر للترفيه، اتّفقنا؟ لنبدأ.

في خضمّ هذا العالم المتسارع، اتّسم نظام التعليم بالثبات النسبيّ، وهو ما يجعل الطلبة في هذا الجيل يظهرون بمظهر اللامبالاة، ويتّسمون بسرعة الشعور بالضجر والملل. وأحد أهم أسباب هذا المظهر هو التشتّت. التشتّت آفة هذا العصر، والمشكلة في هذا العصر أنّ المعلومات متوفّرة بكثرة وغزارة، وهو ما يجعل الكلّ معرّضًا لأنّ يغرق في فوضى المعلومات من دون الحصول على معرفة حقيقيّة. ولكن لنلقِ نظرة أقرب ونسأل سؤالًا استنكاريًّا:

 

كيف نرى التكنولوجيا وكيف يراها أطفالنا؟

في زمن ما قبل الإنترنت، "زمننا طلّابًا في المدرسة"، كان المصدر الأكبر للمعلومات تمثّله مؤسّسات التعليم: المدارس والمكتبات، المساجد والكنائس. ببساطة أيّ مكان لتلقي المعرفة. هناك حيث مسار التعلّم واضح: أماكن هادئة قواعدها ثابتة والتركيز فيها عالٍ جدًا. وما إن ينهي الطالب المهمّة حتّى يخرج من هذه الأماكن إلى اللعب في أحد مواقع المصدر الأكبر للترفيه، أيًّا كان المكان ملعبًا أو مكانًا للنزهة. لاحظ هنا أنّ هناك مسافة فيزيائيّة بين المصدر الأكبر للمعلومات والمصدر الأكبر للترفيه.

1

 

اليوم بالنسبة إلى أطفالنا في المدرسة، ما المصدر الأكبر للمعلومات؟ إذا أجبت "الإنترنت" أحسنت. الإنترنت هو المصدر الأكبر للمعلومات المتاح للكلّ. وما المصدر الأكبر للترفيه؟ إذا أجبت الإنترنت أيضًا، فأنت تدرك الآن إلى أين سنتّجه. إذا كان المصدر الأكبر للمعلومات هو نفسه المصدر الأكبر للترفيه، فهذا يعني أنّه لم تعد بينهما أيّ مسافة فيزيائيّة؛ المسافة بينهما صفر! وهنا تمامًا تظهر معضلة التشتّت.

غالبًا، إذا كان طفلك يدرس لامتحان الرياضيّات من قناة ما على منصّة يوتيوب، فإنّ إشعارًا واحدًا من تطبيق إنستغرام كفيل بإنهاء تركيز الطفل، وخلق التشتّت والرغبة الشديدة في قفل نافذة اليوتيوب لمعرفة ماذا يحدث في إنستغرام.

 

ما الحلّ إذًا؟

 نحتاج إلى إعادة خلق أماكن التركيز ومساحاته من جديد. كما نحتاج إلى دراسة واستحداث لطرق إرشاد الطلّاب عن كيفيّة التعامل مع هذا الكمّ الهائل من المعلومات والإشعارات، وهذا يقع على عاتق الأسرة بالدرجة الأولى.

بالنسبة إلى المدرسة، عليها مزاحمة هذا التشتّت الذي يحدث للطلبة في الإنترنت؛ عن طريق إنشاء طرق تواصل رقميّ وتعليم عن بُعد، جذّابة وثريّة ومواكبة، مع إعطاء تعليمات على هيئة مدوّنة سلوك، مثل قفل الإشعارات في أوقات التعليم عن بعد، وتحديد وقت مخصّص للتفاعل المجتمعيّ.

 كلّ هذا لتشغل المدرسة حيّزًا من وقت الطلبة في هذا الفضاء، لوضع توصيات بشكل منتظم وممنهج تحثّ الطلبة على متابعة المحتوى النافع المرتبط بالتعلّم وأساليبه المتجدّدة. هذه بعض المقترحات، والإنترنت مترع بالأشياء المفيدة، لكنّ إداراتنا وتفاعلنا وتركيزنا مع هذه الأشياء هو ما يخلق المعرفة الحقيقيّة.