العقاب السلبيّ في التربية: أنواعه وعيوبه وبدائله
العقاب السلبيّ في التربية: أنواعه وعيوبه وبدائله

يعدّ العقاب من أقدم أشكال التأديب التي ابتكرها البشر. لذلك، ليس من الغريب أن يلجأ إليه العديد من الآباء شكلًا من أشكال ضبط طباع أطفالهم وسلوكيّاتهم عند اختلالها. ولكن، هل تؤدّي العقوبة دائمًا الغرض المراد منها؟ وهل العقاب أفضل نهج لغرس مفهوم الالتزام في طفلك؟ 

هناك جانب سلبيّ لكلّ شيء، وكذلك الأمر بالنسبة إلى العقاب. قد يكون العقاب إيجابيًّا، يأتي بمحصّلات تربويّة مُرضِية، وقد يكون سلبيًّا يعرقل جهودك التربويّة ويزيد مهمّتك تعقيدًا. إليك أهمّ أنواع العقاب السلبيّ وعيوبه وبدائله.

 

ما أنواع العقاب السلبيّ؟  

هنالك العديد من أنواع العقاب السلبيّ غير التربويّ، والذي يأتي بنتائج عكسيّة تضرّ بالعلاقة بين الأبوين وطفلهما. من أكثرها شيوعًا:  

 

الصراخ 

استخدام الصراخ وسيلةَ عقاب يعزِّز السلوك السلبيّ الذي يقابلك به طفلك، لأنّ الأطفال يعتبرون الصراخ شكلًا من أشكال الاهتمام، وإن كان سلبيًّا. ذلك أنّ طبيعة طفلك قد تقتضي جذب الانتباه في معظم الأحيان، حيث الاهتمام، سواءً أكان إيجابيًّا أم سلبيًّا، كالصراخ، يُشعِر الطفل بالراحة، وحتمًا لن يمنعه من ارتكاب سلوك سيّئ.

عيوب هذا العقاب

قد يستجيب طفلك لصراخك في المرّة الأولى، ولكنّه يعتاد، مع الوقت، هذا الأسلوب، ويعدّه اهتمامًا لا أكثر. الأمر الذي يفقده الرغبة في تصحيح سلوكه لإرضائك.  

 

تأخير العقاب  

يرتبط العقاب في ذهن طفلك بالسلوك السيّئ. لذلك، إذا تأخّر تطبيق العقاب فلن يحلّ المسألة. احرص على خلق رابط يفهمه طفلك بين العقاب وسببه، بجعل عقابك فوريًّا في لحظة ارتكاب طفلك الخطأ.  

عيوب هذا العقاب

لن يربط طفلك بين العقاب وسببه، ولن يفهم المغزى من عقابك. وبالتالي، لن يتوقّف عن تأدية سلوكيّاته المرفوضة. 

 

العقاب المبالغ فيه 

عقابك المبالغ فيه يسبِّب ردّة فعل عكسيّة، ويُشعِر طفلك بالإحباط في كلّ مرّة يحاول فيها إصلاح موقفه والتصرّف جيّدًا. لذلك، كن منطقيًا دائمًا في اختيار العقاب المناسب للموقف الذي يسلكه الطفل.

عيوب هذا العقاب

شعور طفلك باليأس من أفعاله. وبالتالي، تكرار أخطائه وعدم التعلّم منها.  

 

العقاب البدنيّ 

نعلم أنّ العديد من الآباء يلجؤون إلى هذا النوع من العقاب، لإجبار طفلهم على الاستماع لأوامرهم وتنفيذها. ولكنّ ما لا يعرفونه هو أنّ هذا النوع من العقاب السلبيّ لا يفيد بقدر ما يضر، لأنّ نتائجه السلبيّة تظهر على المدى البعيد، عندما يكبر طفلك ويربط في ذهنه الضرب بالسلوك السيّئ. فضلًا عن ذلك، فالضرب أسلوب غير حضاريّ في التربية.

عيوب هذا العقاب

يقلِّل من تقدير طفلك ذاته ويزيد شعوره بالذنب، إذ يعزِّز هذا النوع من العقاب مشاعر الخوف التي تنمو في طفلك تجاهك.  

 

لماذا لا ينفع العقاب السلبيّ؟  

في كثير من الأحيان، يتوقّف طفلك عن فعل السلوك الذي لا يعجبك، نتيجة العقاب الذي تطبّقه. الأمر الذي يمنحك افتراضًا خاطئًا بأنّ العقوبة الشديدة السلبيّة تضع حدًّا للسلوكيّات السيّئة. لكن، هل فكّرت في التأثير طويل المدى في الأطفال؟  

هناك الكثير من الدراسات السلوكيّة التي أثبتت أنّ العقاب يعزِّز الطاعة، ولكنّه لا يساعد على تحسين السلوك أخلاقيًّا. فصدمة العقوبة تتلاشى بمرور الوقت، حتّى ينفصل طفلك عن عواقب أفعاله، وينخرط من جديد في السلوك نفسه، إذا علم بعدم خضوعه للمراقبة. 

 

ما بدائل العقاب السلبيّ؟

هناك حالات يصبح فيها العقاب ضروريًّا، ولا سيّما عندما يتعلّق الأمر بسلامة طفلك، ولكن، لا يزال من الممكن استخدام التعزيز الإيجابيّ نهجًا بديلًا. من أهمّ الأساليب التي يمكن اتّباعها بديلًا من العقاب:

 

استخدم نهج الصراحة 

لا تقلّل من قدرة طفلك على الفهم، وحاول إخباره، بوضوح، بنوع السلوك الذي تتوقّعه. يساعد ذلك في جعل سلوكه أكثر إيجابيّة، ولن تضطر إلى اللجوء إلى معاقبته لأغراض تأديبيّة. 

 

استخدم لغةً صارمة 

لا يتطلّب جعل طفلك يستمع إلى أوامرك سوى لغة بسيطة وحازمة في الوقت ذاته، ومدعومة بتواصل غير لفظيّ، مثل الإيماءات الحازمة والتواصل البصريّ. يترك ذلك في الطفل أثرًا أقوى بكثير من وسائل العقاب السلبيّة التي سبق ذكرها.  

 

دع طفلك يرى عواقب أفعاله بنفسه 

لا يحبّ طفلك تحمّل المسؤوليّة. لذلك، يمكنك أن تتّبع معه أسلوب عدم تحمّلك المسؤوليّة تجاه عواقبه. لنفرض، مثلًا، أنّ طفلك معتاد على إلقاء ألعابه على الأرض، فمن المنطقيّ أن تكون معرّضة للضياع أو التلف الناتج عن الإهمال. يمكنك في هذه الحالة أن تريه انسحابك من الموقف وتذكيره بأنّك نصحته مرارًا وتكرارًا بعدم رميها على الأرض. 

عندما يدرك طفلك أنّه لا يستطيع تحمّل عواقب أفعاله، يدرك أنّ الانخراط في مثل هذه السلوكيّات يجلب له عواقب لا يتحمّلها، فيتوقّف عن فعل السلوكيّات السلبيّة.  

 

* * *

هناك أشكال مختلفة من التأديب والعقاب، ومع ذلك، فالأبوّة والأمومة الفعّالة والتأديب يتعلّقان ببناء علاقة احترام قويّة مع طفلك، بدل علاقة الخوف. من هنا، استغلّ المواقف التي يُخطئ فيها طفلك لصالحكما معًا، بحيث تفهم أسباب ارتكاب طفلك الأخطاء، ويفهم طفلك سبب رفضك لها.

 

أقرأ أيضًا

ابني لا يحفظ بسرعة ولا يتذكّر، فما الحل؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

كيف أعلّم طفلي الدفاع عن نفسه بطرق سلميّة؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

المراجع

https://www.aljazeera.net/women/2022/5/25/%D8%B9%D9%82%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84  

https://www.steppingforwardcounselingcenter.com/why-punishment-ineffective/  

https://www.parentingforbrain.com/negative-punishment/