أمجاد أبو هلال- مديرة تعليم إلكترونيّ- الأردن
أمجاد أبو هلال- مديرة تعليم إلكترونيّ- الأردن
2021/06/08

كيف تتخيّلين شكل التّعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وما هو مستقبل المدرسة كمكانٍ، خصوصًا بعد تجربة التّعليم عن بُعد؟ 

لقد أظهرت لنا الجائحة أنّ التعليم غير محدود بمكان وزمان، كما كان الاعتقاد السّائد، وظهرت، تدريجيًّا، فاعليّة التعلّم عن بعد. ولكن لا يُمكن إنكار أنّ المدرسة كمكانٍ تتمتّع بنكهةٍ خاصّة، فالمبنى لا يتعلّق فقط بمكانٍ للتعلّم الأكاديميّ، بل يتعدّى ذلك ليصل للمجال النفس اجتماعيّ، فهي المكان الذي يتعلّم به الطلبة التفاعل والتعامل مع أشخاص آخرين خارج نطاق العائلة، ما يسمح بتبلور شخصيّة الطفل ونموها عاطفيًّا وسيكولوجيًّا بعيدًا عن الحماية الزائدة من الأهل؛ هذه الناحية بالذات من الصعب تعويضها بالتعليم عن بعد.

 

ما هي أوّل نصيحة تنصحين بها مُعلمًا جديدًا؟ لماذا؟ 

المرونة هي من أهمّ النصائح التي يُمكن تقديمها للمعلّم الجديد، إذ أنّ العقليّة المتحجّرة وغير القابلة للتطوّر ستؤدّي إلى تراجع التعليم. والمرونة هي القدرة على مواكبة متطلّبات العصر وتسليح الطلبة بالقدرة على التفكير المستقلّ، ذهابًا لخلق جيل متفتّح قادر على حلّ المشكلات وتحمّل مسؤوليّة تعلّمه.

 

ما هو تعريفكِ للدهشة؟ وكيف وصلتِ إلى هذا التّعريف؟

دهشة المعلّم هي برأيي قمّة النجاح، تحديدًا عند رؤية الطلبة يوظّفون فكر ما وراء المعرفة "metacognition"، بربط ما تعلّموه بحياتهم اليوميّة.

من المواقف التي فعلًا أدهشتني هي عند حضوري لحصّة لإحدى طالباتي، التي أصبحت مُعلّمة، في الخبرة المدرسيّة. سألتها طالبتها سؤالًا أحرجها قليلًا، فتأنّت بالإجابة، وأجابت بطريقةٍ ذكيّةٍ جدًّا. وفي نهاية الحصّة استفسرت منها عن هذا الموقف فأجابتني: "استذكرت أحد المواقف التي شرحتها لنا وكيف علينا أن نكون متّسقين مع ذاتنا أمام الطّلبة، لذا لم أُظهر ارتباكي وأعدتُ صياغة سؤال الطالبة بطريقةٍ تدفعها للبحث عن الإجابة".

 

ما هي مصادر الإلهام في مسيرتكِ التعليميّة؟ لماذا؟ 

الطلبة وأسئلتهم. نحنُ كمعلّمات ومعلّمين علينا دائمًا الانتباه لطبيعة أسئلة الطلبة، فهي تُعطينا فكرة عن تفكير المتعلّمين وشخصيّتهم.

 

من هو الطّالب المُتميّز برأيكِ؟ لماذا؟ 

هو الطالب القادر على تحمُّل مسؤولية تعلّمه وإدارتها بشكلٍ جيّدٍ. هذا النوع من الطلبة يمكنك دائمًا إخراجه من دائرة الطمأنينة لتحفيز وتحدّي تفكيره من أجل تحفيز قدرات التفكير العليا لديه.

 

حسب معاييرك، كيف تصفين المُعلّم المُلهِم؟  

هو المعلّم الذي يستطيع مواكبة العصر، والقادر على تنمية مهارات التفكير العليا لطلبته بدلًا من تزويدهم بمعلومات ومعرفة يمكنهم استخراجها من مصادر مختلفة، وهو الذي يستعيض عن دورهِ كملقّن بدورهِ كميسّر للعمليّة التربويّة.

 

ما هو الموقف الذي تندمين عليه في مسيرتك التعليميّة؟ 

تعزيز الطلبة المتفوّقين أكاديميًّا وقلة الالتفات للطلبة الأقلّ مستوى منهم، من غير الأخذ بالاعتبار أنّ هؤلاء الطلبة يتميّزون بأمور أخرى كالأنشطة اللّاصفّيّة مثل، الدراما، أو الرياضة.

ولكن كان هناك موقف أيقظني من هذه الفكرة المتداولة، وهو عندما وجدتُ أحد طلبتي "من غير المتميّزين"، قد حاز على جائزة على مستوى الشرق الأوسط في فنّ الرسم، ولكم استصغرتُ نفسي وأنا أُعتَبر "مربّية أجيال"، ومن تلك اللحظة أيقنت أنّ كلّ طالب هو متميّز بطريقته، وليست العلامة هي وسيلة التقييم الفاعلة لقدرات وكفاءات الطلبة.

 

برأيكِ، كيف تؤثّر علاقة الإدارة بالمُعلّم على مسيرتهِ؟  

من أهمّ ما يؤثّر على العمليّة التربويّة هو العلاقة الجيّدة والمهنيّة بين الإدارة والمعلّمين وبين المعلّمين أنفسهم. مثل هذه العلاقة تؤدّي إلى خلق بيئة عمل فاعلة ومحفّزة للمعلّم، خاصّةً إن شعر المعلّم بتقدير الإدارة والمسؤولين لعملهِ.

 

ما الذي تُريدين محوه من طريقة التّدريس والتّقييم في مدارس اليوم؟  

التعليم من أجل إعطاء المعلومة. إنّ التغيير الإجباريّ الذي اضطرّ العالم إلى اتباعه هو أنّ التعليم من أجل المعرفة لا يوازي التعليم من أجل الفهم، فعندما نُعلّم من أجل الفهم نُعلّم من أجل استدامة التعليم، أمّا التعليم من أجل إيصال المعلومة هو تعليم آنيّ وغير مستدام.

أنا من النّاس الذين يؤمنون بالتكامل بين المواد. وكمعلّمة، اتخذتُ نهجًا يُكامل بين المواد، ويؤدي إلى القدرة على الربط بالتفكير، وبالتالي إلى تنمية مهارة حلّ المشكلات ما يؤدّي إلى تعليم طويل الأمد وتعلّم مدى الحياة.

 

ما هو الكِتاب الذي لهُ تأثير كبير عليكِ وعلى تجربتكِ في الحياة؟  

"Mindful Assessment" لمؤلّفيهِ: Lee Watanabe-Crockett ، وAndrew Churches يتناول هذا الكتاب العلاقة بين التعليم والتعلّم وتقييم المهارات الهامّة التي يحتاجها الطلاب للنجاح في القرن الحادي والعشرين. ويؤكّد المؤلفان أنّه يجب على المعلّمين التركيز في التقييم على الذهن "mindfulness"، والتغذية الراجعة المقدّمة من أجل التحسين، وتأطير التقييم حول ستة أنواع من الطلاقة اللغويّة والمعرفيّة التي يجب على الطلبة التمكّن منها.

ويركز الكتاب على:

  1. اكتشاف المهارات التي يجب على الطالب اكتسابها لمواكبة متطلّبات العصر الحاليّ.
  2. دراسة أنواع مختلفة من التقييمات وتركيزاتها.
  3. الحصول على نموذج تقييم لقياس مهارات الطلاب في المعارف المكتسبة.
  4. التفاعل مع عينات دروس ومشاريع تفيد الطلاقة المعرفيّة للمحتوى.