صفات الطفل المدلّل وكيفيّة تقويمه
صفات الطفل المدلّل وكيفيّة تقويمه

نعلم أن لا حدود لحبّك طفلك، من تلبيتك جميع حاجاته الأساسيّة والكماليّة، إلى الموافقة على معظم متطلّباته غير الضروريّة أو المنطقيّة. ولكن، ستعرف أنّك، ومن دون أن تتوقّع، قد تكون أنشأت طفلًا مدلّلًا لا يقبل كلمة "لا". وكلّما كبر هذا الطفل يقترب سلوكه من الأنانيّة، حتّى يتطلّب التعامل معه جهدًا كبيرًا. ولأنّ عواطفك قد تغلبك في التعامل مع طفلك المدلّل، نودّ لفت انتباهك إلى بعض الطرق العقلانيّة في التعامل مع هذا النوع من السلوكيّات.

 

كيف يفكِّر الطفل المدلّل؟

تختلف سيكولوجيّة الطفل المدلّل عن غيره من الأطفال، فهو يشعر بأحقّيّته في الحصول على كلّ ما يريد من حوله، حتّى لو طلب شيئًا من ممتلكات غيره. يتطوّر هذا الشعور بالاستحقاق لديه، كلّما أذعن الأهل لطلباته واستجابوا لاحتجاجه المستمرّ، بهدف إسكاته على سبيل المثال. ومن الجدير بالذكر هنا، أنّ هذا الأسلوب هو بمثابة مخدّر موضعيّ، سريعًا ما يزول أثره، ليعاود طفلك التصرّف كما اعتاد، متوقعًّا ردّة الفعل ذاتها من أبويه.

 

صفات الطفل المدلّل

ليس من السهل دائمًا التمييز بين الطفل المدلّل والطفل الذي يتصرّف بطبيعته الطفوليّة. لذلك، تعدّ هذه الخطوة أساسًا في بناء خطّة تعامل تربويّة جديدة مع طفلك، تستند إلى صفاته النفسيّة المكتسَبة وطريقة تعاملك معه. ومن أهمّ الصفات التي يتّصف بها الطفل المدلّل:  

1. يرفض اتّباع القواعد 

من الطبيعيّ، أحيانًا، أن يخالف طفلك القواعد التي تمليها عليه، إلّا أنّ الطفل المدلّل لا يمكن للقواعد التي ترسمها أن تنطبق عليه. يكمن السبب وراء هذا التصرّف في أنّه "أمِن العقاب"، إذ عندما يعتاد الطفل تساهلك معه، يستطيع مخالفة تعليماتك ببساطة.  

 

2. تصيبه نوبات غضب  

تعدّ نوبات الغضب من أكثر ردّات الفعل انتشارًا بين الأطفال، بين عامهم الثالث والثاني عشر. لكنّ نوبات الغضب المتكرّرة لأبسط الأسباب، تدلّ على حاجة الأهل إلى أن يكونا أكثر حزمًا معه.  

 

3. أنانيّ في معظم الوقت  

تعدّ الأنانيّة من الصفات التي يكتسبها الطفل، فعندما تمنح طفلك الأولويّة في جميع الأوقات، وفي كلّ الظروف، يتطوّر لديه الشعور بالاستحقاق حتّى تصعب السيطرة عليه. من هنا، تتناقص عواطفه تجاه غيره، ليبني المملكة التي يحكمها وحده.  

 

4. لا يعبّر عن امتنانه للمعروف  

يرى الطفل المدلّل أنّ جميع ما يقدَّم إليه واجب، وليس معروفًا يُشكر عليه صاحبه. تقول Virginia Williamson، أخصائيّة الزواج والأسرة، والمؤسِّس المشارك في مجموعة Collaborative Counselling Group: "إذا لم يتمكّن طفلك من التعبير عن الامتنان، فهذه علامة على شعوره باستحقاق ما فُعِل من أجله، والأشياء التي تُمنَح له". 

 

5. لا يحبّ المشاركة 

يأخذ الطفل عادةً وقتًا ليؤمن بأنّ "المشاركة محبّة"، وأنّها ليست تخلّيًا أو تضحية شخصيّة. بالإضافة إلى اختباره مبدأ "أنا أملك إذًا أنا موجود"، ولا سيّما في بداية نشأته ومحاولة فهمه القوانين التي تحيط به. لكن، بعد تخطّي الطفل عمرًا معيّنًا، من الطبيعيّ أن يصبح قادرًا على إظهار بعض الكرم مع من يحبّ، غير أنّ امتناعه المتكرّر عن المشاركة، يشير بوضوح إلى طبيعة الطفل المدلّل.   

 

6. لا يظهر تعاطفًا مع الآخرين

عدم رغبة طفلك في توظيف مشاعر العطف لديه أحد الأدلّة الجازمة على أنّ طفلك مدلّل. كما أنّ عدم إظهاره تعاطفًا مع ما يدور حوله من أحداث، يشير في معظم الأحيان إلى عدم شعوره بالشفقة، لأنّه لا يجد أيّ شيء جديرًا بشفقته.   

 

7. لا يساوم في متطلّباته ويضعها في المقدّمة

متطلّبات الطفل المدلّل هي الأهمّ، من دون تفاوض أو مراعاة، وهذا أحد الأسباب التي تجعل التعامل مع الطفل المدلّل في غاية الصعوبة، ولا سيّما إذا كان رفض ذوي الطفل طلباته منوطًا بانخفاض قدرتهم الماديّة. بالإضافة إلى ذلك، فهو لا يقبل التأخير في تلبية طلباته، ذلك أنّه يرى أبسطها في غاية الأهمّيّة.  

 

8. يربط قيمته بحجم الأشياء التي يحصل عليها  

قد ينمو لدى الطفل المدلّل الشعور بالنقص، على الرغم من محاولة الأهل إرضاءه وتلبية رغباته. يُعزى هذا الشعور إلى ارتباطه الشديد بالمادّة وربط قيمته بها. فطفلك المدلّل لا يكفّ عن طلب كلّ ما تقع عيناه عليه، لأنّه يرى قيمته في كلّ الأشياء.  

 

9. لا يشعر بالاكتفاء   

رغم مجاراة طفلك في ما يطلب، وتقديم رغباته على جميع الرغبات، والإصغاء إليه في جميع الأوقات، يظلّ إرضاؤه أمرًا يصعب تحقيقه. وهذا تمامًا ما يجعل طفلك مدلّلًا أكثر. 

 

كيف تقوِّم سلوك طفلك المدلّل؟

هنالك المزيد من الصفات الدالّة على أنّك تنشئ طفلًا مدلّلًا، ولكن مهما طالت القائمة، فإنّ ملاحظتك صفة واحدة لدى طفلك كافية لتبدأ خطّتك التربويّة. وإليك أهمّ النصائح التي تسهّل عليك تقويم سلوكيّات طفلك المدلّل: 

1. لا تعدّل مزاج طفلك بالهدايا 

تعدّ مكافأة طفلك، من وقت إلى آخر، على حسن تصرّفه من الممارسات التربويّة المحبّبة، ولكنّ الهدايا المتكرّرة التي تمنحها طفلك لتهدئته في أوقات غضبه، ترسّخ في عقله أنّ سوء التصرّف يحقّق له رغباته.  

 

2. اعرف متى تمدحه 

يفسِّر عقل طفلك اللاوعي المديح غير المبرَّر محاولة لتثبيط شعوره بالسوء تجاه نفسه. الأمر الذي يخلق لديه حالة من الغرور المرتبط بكونه الأفضل دائمًا، ويؤدّي إلى انخفاض الطاقة التنافسيّة في داخله. للمديح قوّة عظمى في تشكيل شخصيّة طفلك وتقويتها، ولكن اعرف تمامًا متى تستخدم هذا السلاح، وكيف تستخدمه.

 

3. علّمه قيمة المال 

عزّز في عقل طفلك أهمّيّة المال وصعوبة الحصول عليه، بغضّ النظر عن مستواك المادّيّ والمعيشيّ، لأنّ ذلك يبني لديه أساسًا متينًا يرافقه طيلة حياته، ويعلّمه كيفيّة الحفاظ على أمواله وإدارتها. تستطيع تحقيق ذلك بوضع قوانين للشراء تحكم طلباته المتكرّرة وغير المنطقيّة في معظم الأحيان. 

 

4. لا تنجز أعماله عنه

تعليم طفلك المدلّل المسؤوليّة خطوة ممتازة لتقويم سلوكه، وذلك بتكليفه ببعض المهمّات التي من شأنها زرع الإحساس بالمسؤوليّة في داخله تجاه احتياجاته الخاصّة، وعدم الاتكال على أهله في إنجاز كلّ صغيرة وكبيرة.

 

5. اختر توقيت استنكارك لتصرّفاته بعناية 

القرارات التي تؤخذ في حالة الغضب قد لا تصبّ في مصلحة الموقف، بقدر ما تزيده سوءًا. احرص دائمًا على اختيار التوقيت المناسب لتأنيبه تربويًّا، حول أيّ سلوك غير مرغوب به. انتظر حتّى تهدأ أنت وطفلك، قبل أن تتّخذ أيّ قرار تهذيبي بحقّه.  

 

6. اختر كلماتك بعناية 

للكلمة دور ذهبيّ في إنجاح قراراتك التربويّة، والاحترام مفتاح انتقاء كلماتك التي من شأنها الضغط عليه لتحسين سلوكه، ولكن من دون التقليل من احترامه أو المسّ بتقديره ذاته. السرّ يكمن في استخدام الشدّة والاحترام معًا. 

 

7. علّم طفلك معنى المشاركة 

حثّ طفلك على مشاركة ما يحبّ مع من يحب. على سبيل المثال، يمكنك أن تلعب مع طفلك ألعابًا تتضمّن المشاركة والأخذ والعطاء بين الطرفين، حتّى يفهم أنّ المشاركة أمرٌ طبيعيّ، وقد يكون مسليًّا في بعض الأحيان.  

 

8. لا تعطه فرصًا أكثر من اللازم 

الفرص الكثيرة تفسح لطفلك المجال لارتكاب المزيد من الأخطاء والممارسات السلبيّة، لاعتقاده أنّك ستسامحه في نهاية المطاف. مثلًا، توقّف عن العدّ من واحد إلى ثلاثة قبل إصدار عقابك، أصدره وكن حازمًا مع طفلك حتّى يدرك تمامًا نتيجة أخطائه، من دون تساهل غير مشروط.  

 

9. لا تتفاوض معه

نقاشك مع طفلك مهمّ، ولكنّ محاولة مساومته في أمر مرفوض يدفعه إلى استغلال فرصته في الحصول على مبتغاه، واستغلال قبولك الدائم المنبعث من محبّتك تجاهه. لهذا، ارفض واثبت على موقفك التربويّ.

 

* * *

من الصعب أحيانًا رؤية طفلك يعيش لحظات الحزم الصارمة التي تقابل تصرّفاته بها، لكنّ هذا النوع من الشدّة ضروريّ لتربّي طفلًا يقدِّر جهود مَن حوله في توفير الحياة الكريمة له، وتنشئ شابًا يرى العالم بنظرة أكثر عقلانيّة ومنطقيّة، مع ضرورة تقييم ما يستحقّ، مقابل ما يبذله من مجهود لاستحقاقه. 

 

اقرأ أيضًا

كيف أعلّم طفلي الدفاع عن نفسه بطرق سلميّة؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

كيفيّة التعامل مع الطفل الذي يريد كلّ شيء | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

 

المراجع

 

https://wowparenting.com/blog/deal-with-spoiled-children/ 

https://www.whattoexpect.com/toddler/ask-heidi/spoiled-children.aspx 

https://www.parents.com/toddlers-preschoolers/development/behavioral/toddlers-do-not-need-to-share/ 

https://www.psychologytoday.com/us/blog/constructive-wallowing/202101/never-call-child-selfish#:~:text=Children%20are%20selfish.&text=That's%20normal%20in%20the%20first,collaborative%20and%20less%20selfish%20ways

https://bestlifeonline.com/spoiled-child/