تُعدُّ التربية المختصّة مهمّة جدًّا من حيث إحرازها التكافل الاجتماعيّ وتحقيق المساواة بين جميع أفراد المجتمع. فهي تهتمّ بتقديم الدعم والرعاية التعليميّة والتأهيل للأفراد من ذوي الاحتياجات الخاصّة الذين يعانون اضطرابات، سواء كانوا يعانون من إعاقات جسديّة أو عقليّة أو اجتماعيّة. ويتمّ ذلك بتوفير برامج واستراتيجيّات تعليميّة متخصّصة تلبّي احتياجاتهم الفرديّة، وتعزّز تطويرهم الشخصيّ والأكاديميّ. فما التربية المختصّة؟ ومن الأفراد ذوو الاحتياجات الخاصّة؟ وما دور التربية المختصّة في دعم احتياجاتهم؟ وما أهمّيّتها؟
تعمل التربية المختصّة على تحقيق المساواة في التعليم والفرص، وتعزيز التنمية الشخصيّة والاجتماعيّة للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصّة؛ فالتربية عمليّة مستمرّة تهدف إلى تنمية العقل وإعداده لتلقّي العلم والمعرفة. ومن هُنا، يحتاج الشخص الذي يعاني اضطرابًا إلى من يفهمه ويمدّ له يد العون، ويفتح له الباب على مصراعيه.
الأفراد ذوو الاحتياجات الخاصّة أشخاص يعانون إعاقة (اضطرابًا أو احتياجًا) جسديّة أو عقليّة أو سمعيّة، أو أيّ نوع آخر من الإعاقات، والتي قد تحدّ من قدرتهم على القيام ببعض الأنشطة اليوميّة بالطريقة نفسها التي يؤدّيها الأفراد الأصحّاء. فمنهم من يعاني تأخّرًا في التطوّر، واضطرابات في التعلّم والانتباه والتركيز والتواصل والسلوك، وآخرون يعانون إعاقة جسديّة تسبّب صعوبة في الحركة، أو إعاقة سمعيّة أو بصريّة. ومنهم من يعاني تحدّيات في التكيّف الاجتماعيّ، كصعوبة تكوين صداقات وفهم العلاقات الاجتماعيّة، ومنهم من لديه تباين في القدرات العقليّة، كانخفاض مستوى الذكاء لديهم.
تُسهم التربية المختصّة في دعم احتياجات هؤلاء الأشخاص، وفي إنجاز تطوّر شامل للأفراد. ويتضمّن دورها كثيرًا من المهام والمسؤوليّات، كالقياس والتشخيص، للكشف عن الاحتياجات الأساسيّة لكلّ متعلم من ذوي الاحتياجات الخاصّة، وإعداد خطط تربويّة فرديّة وتنفيذها. كما يتضمّن تعديل المناهج الدراسيّة لتلبية احتياجاتهم الفرديّة، وتوفير الأدوات التقنيّة المساعدة، وتأمين مساحات ماديّة ملائمة تتناسب مع احتياجاتهم الحركيّة والبصريّة والسمعيّة، وتدريب المعلّمين على استراتيجيّات التّعليم الشّاملة. إضافة إلى تعليم هؤلاء المتعلّمين مهارات تربويّة خاصّة، ومساعدتهم على تقبّل الإعاقة والتكيّف معها، واعتماد برامج الدمج التربويّ في المدارس النظاميّة، مع توافر الدّعم النّفسيّ والاجتماعيّ لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وتحفيزهم على المشاركة الفاعلة في المجتمع المدرسيّ وزيادة نجاحهم الأكاديميّ، وتحقيق أعلى مستويات من التّقبُّل والتّفاهم بين المتعلّمين.
يُقال: "التربية هي إخراج أفضل ما في الإنسان". وهذا يظهر أهمّيّة التربية في تنمية قدرات الإنسان وجعله يُبرز أفضل ما لديه. وتتجلّى أهمّيّة التربية المختصّة في تلبية الاحتياجات الفردية لذوي الاحتياجات الخاصّة، وتجهيز بيئة تعليميّة مناسبة وآمنة لهم تتضمّن دعمًا إضافيًّا وتكييفات تعليميّة مكثّفة تتناسب مع الفروقات والاحتياجات الفرديّة وتراعيها. كما توطّد الاستقلالية لديهم في التعلّم وتطوير مهاراتهم، وتحسّن التضامن الاجتماعيّ لديهم بدمجهم وبتقديم فرص تعليميّة متكافئة. والتربية المختصّة تنمّي كذلك شخصيّاتهم، وذلك بإتاحة فرص التعلّم والنموّ الشخصيّ التي تتناسب مع احتياجاتهم وقدراتهم. وفي هذا لا ننسى دعم الأسر التي لديها أفراد ذوو إعاقات لتقديم المساعدة والدعم والمشورة إليهم لتلبية احتياجاتهم، فهؤلاء الأفراد هم أكثر إحساسًا بسبب معاناتهم.
بناء على ما تقدّم، يمكن القول إنّ التربية المختصّة تسهم في إتمام التكافل الاجتماعيّ، وفي تحقيق المساواة بين جميع أفراد المجتمع. من خلال تأمين بيئة تعليميّة دافعة ومحفّزة لتفوُّق ذوي الاحتياجات الخاصّة، والذي يُعدُّ هدفًا مهمًّا للوصول إلى التنمية المستدامة والتقدّم الاجتماعيّ.