التعليم والتعلّم Teaching and Learning
التعليم والتعلّم Teaching and Learning

يُمكن تعريف مُصطلحيْ التعليم والتعلّم وفق مُقاربات عدّة؛ فتطوّر معانيهما أفرز نماذج للتعليم والتعلّم حسب الأدوار التي يضطلع بها كلّ من المُعلّم والمُتعلّم. في المنظور السلوكيّ يرتبط التّعليم بإعداد بيئة تعليميّة تستهدف إكساب المتعلّمين سلوكات قابلة للملاحظة والقياس (Vienneau, 2011)، بالتركيز على مبادئ التعلّم السلّوكيّ، مثل جذب انتباه المتعلّمين، والتعزيز، وتقديم ملاحظات تصحيحيّة، وإتاحة الفرصة للمتعلّم لممارسة الاستجابات المرغوبة كأهداف تعليميّة (Belikuşaklı-Çardak, 2016).

 

وأمام هذا التصوّر التقليديّ للتعليم، المتمركز حول المُعَلّم الذي ينقلُ المحتوى إلى المتعلّمين بطريقة مدروسة تعتمد ثنائيّة المثير-الاستجابة، ظهرت المقاربة المعرفيّة التي تركّز في نماذجها التعليميّة على العمليّات المعرفيّة بدلًا من السلوكات الملاحظَة والقابلة للقياس. ووفقًا لنظريّات التعلّم المعرفيّة، يُعد التعلّم عمليّة لا يمكن ملاحظتها بصورة مباشرة، وتركّز في الغالب على الفهم والتّفكير والإبداع (Belikuşaklı-Çardak, 2016). وبالانتقال من التشديد على التعليم المتمركز حول المُعلّم إلى الاهتمام بالمُتعلّم، طوّرت النظريّة البنائيّة منظورًا جديدًا للتعلّم كعمليّة تنشأ في عقل المتعلّم، الذي يعمل على إعادة هيكلة المعلومات، وذهب برونر (في Bülbül, 2016) إلى أنّ التعلّم عمليّة نشطة، ودعا إلى ممارسة التعليم بمشاركة نشطة من المتعلّم الذي يُعيد بناء المعرفة من خلال اتخاذ القرارات.    

 

وإذا كان التعلّم من منظور النظريّة البنائيّة يركّز على الفرد (المتعلّم)، فإن البنائيّة الاجتماعيّة تؤكد على أهمية الجماعة (تلاميذ الصفّ). وهكذا، في التيار الاجتماعيّ البنائيّ، تكون التفاعلات والتبادلات والصراعات المعرفيّة في قلب ديناميكيّات الصفّ. يرافق هذا التعريف للتعلّم تعليمًا يقوم فيه المعلّم بإعداد مواقف تُمكّن المتعلّمين من الاشتراك في البناء التعاونيّ لمعارفهم. ويسمح أيضًا بظهور تلك المواقف. ويلعب المعلّم في عملية البناء التعاونيّ للمعارف دور المرشد، والمرافق، والوسيط. وأداةُ التدخّل الرئيسة لديه هي الاستجواب المفتوح ( Charron & Raby, 2016).

 

ويكون "التعلّم من منظور التيار البنائيّ الاجتماعيّ نتيجة استبطان المتعلّم لتجارب التفاعلات الاجتماعيّة التي يعيشها؛ فالنموّ المعرفيّ ممكن من خلال التفاعلات الاجتماعيّة. ونتيجة لذلك، بعد استفادة المتعلّم من التفاعلات الاجتماعيّة أثناء نشاط إدراكيّ محفّز يصبح قادرًا على استخدام لغة داخليّة. ومن خلال تجاربه التي عاشها بصورة خاصّة أثناء التبادلات مع الآخرين، يأتي لاستبطانها وتحويلها وتعديلها ودمجها في معرفته السابقة (نفس المرجع).

 

ثمّة تعليم يحدث خارج الصفّ الدراسيّ: يسمح هذا التّعليم للتعلّم كعمليّة أن يتحقّق أيضًا خارج المدرسة. ويمكن تفعيل الأنشطة التعليميّة في أماكن عدّة؛ مثل المتاحف، والأماكن التاريخيّة، ومراكز الاسكشاف العلميّ. وتوفّر زيارة أماكن واقعيّة فرصًا كبيرة للطلّاب من أجل "الرؤية" و"الاستماع" و"الفحص" و"جمع البيانات" و"طرح الأسئلة". هذه التجارب هي الأكثر ملاءمة للتعلّم. وتُعدّ الرحلةُ الميدانيّة، والمشروع، والمعرض، تقنيّات تدريس خارج غرفة الصفّ (Gündüz, 2016).

 

المراجع

  • Belikuşaklı-Çardak. Ç.S. (2016). Models of Teaching. In C. Akdeniz (ed.), Instructional Process and Concepts in Theory and Practice: Improving the Teaching Process (1 st ed., pp. 5-56). Springer Nature.

https://doi.org/10.1007/978-981-10-2519-8

  • Bülbül. F. G. (2016). Language of Turkish: Middle Levels. In C. Akdeniz (ed.), Instructional Process and Concepts in Theory and Practice: Improving the Teaching Process (1 st ed., pp. 345-384). Springer Nature.

https://doi.org/10.1007/978-981-10-2519-8

  • Charron, A., & Raby, C. (2016). Synthèse sur le socioconstructivisme. In C. Raby & S. Viola (ed.), Modèles d’enseignement et théories d’apprentissage : Pour diversifier son enseignement (2e ed., pp. 111-127). Les Éditions CEC.
  •  
  • Gündüz, G. F. (2016). Instructional Techniques. In C. Akdeniz (ed.), Instructional Process and Concepts in Theory and Practice: Improving the Teaching Process (1 st ed., pp. 147-232). Springer Nature.

https://doi.org/10.1007/978-981-10-2519-8

  • Vienneau, R. (2011). Apprentissage et enseignements. Théories et pratiques (2e ed.). Gaëtan Morin.