التعليم الإلكترونيّ الإجباريّ: ربّ ضارّة نافعة
التعليم الإلكترونيّ الإجباريّ: ربّ ضارّة نافعة

يبقى مبكرًا الكلام عن مرحلة ما بعد الكورونا، والجائحة لم تصر فعلًا ماضيًا بعد، وتهديدها ما زال قائمًا، بين تقرير لمنظّمة الصحّة العالميّة من هنا، وتقارير عن تفشٍّ في مدن أو متحوّرات جديدة تُلحظ من هناك. حلم الانتصار على الوباء لم يتحقّق، فاستغنينا عنه بالتكيّف والمطاوعة على مستويات الأفراد والمجتمعات والسياسات الصحّيّة والاقتصاديّة العالميّة. ولم تكن المؤسّسات التعليميّة بعيدة عن منحى التكيّف هذا، فعاد المتعلّمون إلى الصفوف، وبات على الإدارات التربويّة والمعلّمين التعامل مع واقعَين مفروضَين: واقع التعليم الوجاهيّ الذي نعرفه جيّدًا، وواقع خبرات التعليم الإلكترونيّ الذي ساد لعامين. المعطيات تؤكّد أنّ تداعيات الجائحة تفرض سبلًا مبتكرة للتعامل معها، كالتعامل مع متعلّمين درسوا بشكل منفرد ووضعيّات "منزليّة" لسنتين، وهذا ترك أثرًا في عودتهم: مسلكهم وطرائق تحصيلهم العلميّ، ناهيك عن سلوكيّاتهم الاجتماعيّة والنفسيّة إلخ. وهذا موضوع شديد الأهمّيّة تطرحه منهجيّات على الكتّاب والباحثين والمعلّمين والمرشدين للكتابة عنه في الأعداد المقبلة.

 

ملفّ العدد العاشر بعنوان "التعليم الإلكترونيّ في الوجاهي: ضرورة الدمج". وهو يبحث في الاستفادة من خبرات التعليم الإلكترونيّ إبّان الجائحة لتطوير العمليّة التعليميّة بشكل عام. فنقرأ في مقال "أهميّة التعليم الإلكترونيّ وضرورة تطويره في المستقبل" عن واقع التعليم الإلكترونيّ وأهمّيته، وذكر آثاره الإيجابيّة ومزاياه، ولا سيّما في ما يخصّ الوفرة الاقتصاديّة التي يمكن أن يؤمّنها للمؤسّسات. وفي السياق ذاته، يأتي مقال "لا مفرّ من التعليم المدمج" الذي يركّز على الدمج بين التعليم الوجاهي والتعليم الإلكترونيّ، مركّزًا على دور التعليم الإلكترونيّ في الفهم الإنساني لا التلقينيّ، وفي جعل المتعلّم مركزًا في عمليّة التعلّم. ويركّز مقال "استراتيجيات دعم طلبة صعوبات التعلّم" على الفائدة الكبيرة للتعلّم الإلكترونيّ في التعامل مع طلبة صعوبات التعلّم، وما يمكن أو توفّره المنصّات الإلكترونيّة من تيسير التفاعل بين المتعلّمين والمختصّين والأهل. وفي مقال "الأعقاب: تعليم ما بعد الجائحة" نقرأ تلخيصًا عميقًا للدروس المستفادة من الجائحة على مستويات: دور القيادة المدرسيّة والخصائص المطلوبة منها للتعامل مع الأزمات؛ ومستوى البنية التحتيّة للمؤسّسات التربوية كشرط لنجاح أيّ خطّة؛ ومستوى التطوير المهنيّ الدائم للمعلّمين كعنصر أساس لاستدامة التعليم وازدهاره. ومن آثار الجائحة التي يمكن التعامل معها بإيجابيّة، نجد موضوع التغذية الراجعة، والذي تناوله مقال "أهمّيّة التغذية الراجعة المستمرّة إثر جائحة كورونا وبعدها"، حيث يعدّد سبل تقديم المعلّمين والمشرفين التغذيةَ الراجعةَ للمتعلّمين وأهليهم خلال الجائحة، وكيف يمكن أن تستمرّ هذه الممارسات في التعليم الحضوري لأهمّيتها. وفي ختام الملفّ، تجربة مدرسة رسميّة صغيرة في لبنان في التعامل مع الجائحة وسط صعوبات متعدّدة المستويات، والقرار المتّخذ بدمج التعليم الإلكترونيّ بالوجاهي في مرحلة العودة إلى التعليم الوجاهي، والتحدّيات الهائلة التي تتعامل معها إدارة المدرسة ومعلّماتها.

 

ومن خارج الملف نقرأ مقالات متعدّدة تطال شؤونًا تربويّة مختلفة. فنجد في المقالات العامّة: عرضًا لتجربة مدرسة مقدسيّة في التعليم المرتبط بالنسيج الاجتماعي المحيط بالمدرسة؛ وتعدادًا لمشكلات المنهاج التعليميّ المغربي كغياب الواقع الجغرافيّ والمجتمعي عنه، وأثر الواقع الاقتصاديّ للمؤسّسات التربويّة في تطبيق المنهاج، مع تقديم مجموعة من الاقتراحات التطويريّة؛ ومجموعةً من الإرشادات والنصائح التي تساعد في انتقال سلس وموجّه للمتعلّمين من مرحلة رياض الأطفال إلى التعليم الاساسيّ؛ ومقالًا عن أهميّة توحيد كتب الدراسات الاجتماعيّة في اليمن؛ وعرضًا لتجربة معلّمتين أساسيّتين في صفّ واحد؛ ومجموعة إرشادات خاصّة بالتطوير المهنيّ الذاتيّ للمعلّم؛ وعرضًا لتطوير تعليم مادّة الجغرافيا في المغرب بما يوائم بين المستويين الوطنيّ والجهويّ. وبالإضافة إلى أبواب المجلّة الدائمة، نقرأ حوارًا مفيدًا ورؤيويّا مع الدكتورة تفيدة الجرباوي.

 

العدد العاشر من منهجيات بين أيديكم، هي دعوة إلى القراءة، إلى التفاعل، إلى الحوار والنقاش، وإلى طرح عناوين جديدة نبحث فيها في أعداد قادمة، تسهم في دعم التعليم والتعلّم في العالم العربيّ.