التطوير المهنيّ للمعلّمين قبل الخدمة وخلالها
التطوير المهنيّ للمعلّمين قبل الخدمة وخلالها
2021/04/11
أمجاد أبو هلال | مديرة تعليم إلكترونيّ- الأُردن

عن التطوير المهنيّ

أحد تعريفات التنمية المهنيّة هي أنّها تلك العمليّة التي تستهدف تحقيق أربعة أهداف تتمثّل في: إضافة المعارف المهنيّة الجديدة، وتنمية المهارات والممارسات الأدائيّة، وتعميق القيم المهنيّة الداعمة، إضافة إلى تمكين المُعلّمين والمُعلّمات من تحقيق تربية ناجعة لطلبتهم.

ضمن هذا السّياق، تتميّز مهنة التعليم بمهنيّتها العالية، والتي تجعلُ من المُعلّمِ شخصًا مُتمرّسًا مُحبًّا لعملهِ، دون أن يقتصر مفهوم المهنيّة على إتمام الشّخص لمهامهِ، بل يتعدّى ذلك ليُصبح إنجاز المهام بحبٍّ وشغف وإبداع، هُنا تحديدًا، يتميّز المُعلّم الرياديّ الشغوف، والمحبّ لمهنتهِ لا الذي يقوم روتينيًّا بوظيفة التعليم. لذا، توفّر العديد من المؤسّسات التعليميّة فرص التنمية المهنيّة لموظّفيها، بهدف تطوير العمليّة التربويّة بشكلٍ عامّ.

إنّ الحديث عن التطوير المهنيّ للمُعلّمين يطول ويتفرّع، ولكن، في هذا السّياق، سنقدّمهُ بشقّين، هُما: التأهيل ما قبل الخدمة، والتنمية المهنيّة للمُعلّمين في ظلّ كورونا.

 

تأهيل المُعلّمين قبل الخدمة

تهتمّ عديد الدول بتأهيل المُعلّمين ما قبل الخدمة، وبعضها يواصل التطوير المُستمرّ للمُعلّم خلال الخدمة. في الأردن على سبيل المِثال، أنشئت مؤسّسة تُعنى بتطوير العلم والتعليم من خلال تأهيل المُعلّمين قبل الخدمة وخلالها، من خلال تزويدهم بأحدث استراتيجيّات التّعليم الحديثة، وتعريفهم بجديد المفاهيم التربويّة.

إنّ تأهيل المُعلّمين قبل الخدمة يؤثّرُ بشكلٍ فاعل على سير العمليّة التربويّة، إذ يُنمّي المُعلّم المؤهّل مهنيًّا ويُساهم في تقديم معرفة بشكلٍ مهنيّ، ويوفّر مساحة تعليميّة فاعلة عبر توظيف أدوات مُختلفة في التّعليم. هُنا توظّف المعرفة النّظريّة في خبرةٍ عمليّة تُساهم في تطوير المُعلّم والطّالب معًا، إذ يُطبّق بشكلٍ تجريبيّ تعلّميّ معرفته النظريّة المُكتسبة على مواقف واقعيّة.

ومن أهم الأمور التي تجب مراعاتها عند تأهيل وتطوير المُعلّمين، زيادة ثقة المُعلّم بنفسه وبرسالته السامية التي، برأيي، لا شك لا يوازيها بالأهمية أيّ مهنة أُخرى، إذ تعتبر مهنة التعليم أساس تطوير المهن الأخرى، فالمُعلم هو من أسّس المحامي، والمهندس والكاتب، والفنان، والطبيب، وذلك بغرس فكرة التعلّم الهادف ومساعدتهم وتوجيههم نحو شغفهم ومستقبلهم.

 

التربية المهنيّة للمُعلّمين في ظلّ كورونا؛ تساؤلات فرضها الواقع

إنّ التطوير المهنيّ يُساعد المُعلّمين وأخصائيّي التربية بمواكبة متطلّبات العصر، وذلك بتدريبهم على استراتيجيّات وبيداغوجيّات حديثة تساعدهم على تنمية المسؤوليّة الشخصيّة للتعليم، مع مُراعاة اهتمامات وطرق التعليم المُختلفة.

ومع التحوّل القسريّ، بسبب الجائحة، إلى التعلم المُدمج والتعلّم عن بُعد، كان لا بدّ من إدراج استراتيجيّات وطرق مبتكرة لتمكين المعلّمين لمواجهة هذا التحدي، لا سيما إنّ أُخِذَ بعين الاعتبار تحدٍّ أساسيّ هو الفجوة الرقميّة بين المُعلّمين والطلبة.

من هُنا كان لزامًا على المؤسّسات التي تعنى بتأهيل المعلمين، إدراج التعليم الإلكترونيّ، وطرقه، وأدواته، والأهم طرق دمج الطلبة بالمادة التي تُدَرَّس، والتركيز على فهم الطلبة لتطبيق المعرفة عوضًا عن إعطاء المعرفة نظريًّا كما هو بالتعليم التقليديّ.

لقد قامت العديد من المؤسّسات التعليميّة بتطبيق التعليم الإلكترونيّ بطرقٍ متعددة؛ إذ لجأ البعض إلى تصوير الحصص الصفّيّة ومشاركتها مع الطلبة، وكانت تعتبر نقطة بداية ولكن افتقرت إلى التفاعل مع الطلبة أو حتى تفاعل الطلبة فيما بينهم. بينما قام البعض، وطبعًا هذا حل للمدارس ذات الموارد الأعلى، بتبنّي بيئة افتراضيّة إذ أُنشئت صفوف افتراضيّة ساهمت بزيادة نسبة التفاعل بين الطلبة والمعلّمين. لكن النقطة، هُنا، التي بقيت مصدر التساؤل هي: هل مناهجنا تُعنى بهذا التغيير؟ هل يمكن اعتبار وجود الطالب بالصفوف الافتراضية لمدّة 6-8 ساعات يوميًّا صحّيًّا وعمليًّا بالنسبة للطلبة؟ هل استخدام الصفوف الافتراضيّة يؤدّي إلى تعلّم مستدام بغضّ النظر عن بيداغوجيّات التعلّم المستخدمة؟

هذه أسئلة تتبادر الى أذهان المعلّمين جميعهم، وللإجابة عنها لا بد من أخذ البيئة التعليميّة والاجتماعيّة والحالة النفس-اجتماعيّة للطلبة والمعلّمين على حدٍّ سواء بعين الاعتبار، في تخطيط تدريبات تأهيل المُعلّمين وتطويرهم المهنيّ سواء قبل الخدمة أم خلالها.