أهمّ مراحل نموّ الطفل الاجتماعيّ  
أهمّ مراحل نموّ الطفل الاجتماعيّ  

كلّ ما يمّر به طفلك من تجارب، وما يشهده من أحداث، وما يلاحظه من أفعال، ولا سيّما في السنوات الخمسة الأولى من حياته، لها تأثير أساسيّ في نتائج نموّه لاحقًا. في الوقت الذي قد لا يدرك فيه المعلّمون كيفيّة التعامل الصحيح مع الطفل في مراحله التعليميّة الأولى، يغفل الأهل أيضًا عن تعويض هذا النقص التربويّ في البيئة المنزليّة. وبما أنّ 25% فقط من الأهل يدركون أهمّيّة مراحل تطوّر مهارات الطفل الاجتماعيّة، سيكون من المفيد عرض هذه المراحل عرضًا وافيًا ومبسّطًا، لنساعدك على فهم طفلك فهمًا أفضل، وتحفيز تطوّره الاجتماعيّ. 

 

ما مراحل نموّ الطفل الاجتماعيّ؟  

يعدّ نموذج عالِم النفس Erik Erikson الأدقّ في شرح مراحل نموّ الإنسان الاجتماعيّ، والتي تشكّل المراحل الخمسة الأولى منها نموّ الطفل الاجتماعيّ. وهذه المراحل بحسب إريكسون: 

المرحلة الأولى: الثقة مقابل عدم الثقة  

تمتدّ هذه المرحلة من لحظة ولادة الطفل إلى بلوغه عامين، وتكون الثقة هي العامل المسيطر على مشاعر الطفل في هذا العمر المبكر، نظرًا لاتّكاله التام على الرعاية المُقدَّمة إليه من ذويه وممّن حوله. لذلك، عليه أن يبني في عقله أسسًا تمكِّنه من تحديد من يستحقّ هذه الثقة ومن لا يستحقّها. تعتمد هذه الثقة على جودة الخدمة التي يحصل عليها الرضيع. وتشمل أشكال الرعاية في هذه المرحلة الطعام والشراب والحنان والدفء، حيث يترسّخ في ذهن الطفل بأنّه يحتاج إلى اللجوء دائمًا إلى من يكبره سنًّا. 

ما نتيجة هذه المرحلة؟   

في هذه المرحلة، إمّا أن ينشأ الطفل واثقًا بمن حوله ويعرف تمامًا لمن يمنح ثقته، أو أن يتبنّى مشاعر الخوف وعدم الثقة بأيّ شخص يقابله.  

 

المرحلة الثانية: مرحلة الاستقلال مقابل الشكّ   

يدخل الطفل ذو العامين هذه المرحلة بعد أن يبدأ بالشعور بحبّ الاستقلال ومحاولة تجربة أشياء جديدة دون تدخّل الأبوين، ويمرّ الطفل أيضًا في هذه المرحلة بحالة من الشكّ بقدرته على النجاح في التجارب التي يخوضها. قد تلاحظ بعض التصرّفات المتمرّدة منه، مثل تكتيف يديه رافضًا أن تحمله، وترديد كلمة "لا" كثيرًا عندما يؤمَر بفعل ما لا يريد.   

ما نتيجة هذه المرحلة؟  

بناءً على تعاملك مع طفلك في هذه المرحلة، قد ينمو طفلك ليكون أكثر اعتمادًا على نفسه، أو قد يصبح أكثر اعتمادًا واتّكاليّة على من حوله.   

 

المرحلة الثالثة: المبادرة مقابل الخجل  

تسبق هذه المرحلة سنة طفلك الأولى في المدرسة، وخلالها يبدأ طفلك بإدراك قوّته وقدرته على السيطرة. تمتد هذه المرحلة من سنّ الرابعة إلى الخامسة. يمكنك في هذه المرحلة بالذات الاهتمام بكلّ ما يلاحظه طفلك والإجابة عن أصغر تساؤلاته وأكبرها، نظرًا لأنّ شخصيّته تبدأ بالتشكّل هنا بحسب الثقة التي تمنحه إيّاها.  

ما نتيجة هذه المرحلة؟  

مقابلة مبادرات طفلك بالتعزيز والدعم يفجّر شعوره بالشغف تجاه الأشياء والأشخاص والمواقف، بينما إهمال استفساراته يحجّم قدراته ويحبط معنويّاته.   

 

المرحلة الرابعة: مرحلة المنافسة مقابل الدونيّة  

مع بلوغ طفلك عامه الخامس، يتطوّر لديه حسّ الفخر والاعتزاز بالذات وبقدراته وإنجازاته، حيث يبدأ في هذه المرحلة بتعلّم الكتابة والقراءة في مراحله المدرسيّة الأولى. ولكن، على الصعيد الآخر، ينمو في داخله الشعور بالتنافسيّة مع أقرانه وزملائه، وقد يشعر بـالدونيّة عند ارتكابه أيّ إخفاقات تفسح المجال لغيره في تحقيق المكانة التي كان يبتغيها.   

ما نتيجة هذه المرحلة؟  

من الطبيعيّ جدًّا أن يشعر طفلك بالدونيّة عند إخفاقه في مجاراة أقرانه في احتراف بعض المهارات، ولكن تبسيط مفهوم التنافسيّة لطفلك يخلق لديه صورة أفضل عن جماليّة المنافسة، حتّى يخوضها بدلًا من الهرب منها.   

 

المرحلة الخامسة: الهويّة واضطرابها  

يدخل الطفل هذه المرحلة في عامه الثاني عشر، وهي أكثر المراحل اضطرابًا لأنّها تشكِّل جسر العبور الذي يمرّ طفلك عليه من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة، حيث يدخل طفلك في مرحلة صراع داخليّ مرتبط باضطراب هويّته الاجتماعيّة ومركزه في محيطه. ستلاحظ في هذه المرحلة عدم ارتياح طفلك وشعوره الطفيف بانعدام الثقة بالنفس في بعض المواقف. لذلك، عليك أن تحرص على طمأنته ومنحه الدعم الذي يعزّز ثقته بنفسه.  

ما نتيجة هذه المرحلة؟  

يودّ طفلك بين عامه الثاني عشر والثامن عشر خوض الكثير من التجارب التي تساعده على اكتشاف نفسه. دعه يخُضْ تجاربه ضمن القانون، ولكن لا تردعه عن تجربة كلّ ما هو جديد، حتّى يفهم نفسه فهمًا أوضح وبصورة مستقلّة.   

 

واجب الأهل خلال مراحل نموّ الطفل الاجتماعيّ 

من الخطأ فصل مراحل نموّ الطفل عن بعضها بعضًا، فجميعها مترابطة ابتداءً من الولادة، وحتّى المراهقة. لا ينتهي دورك مرشدًا ومربّيًا بعد تجاوز طفلك المراحل الأولى الأساسيّة، فمن واجبك أن تقضي أطول وقتٍ ممكن معه في مراحل نموّه جميعها، لأنّ في عقل طفلك الصغير أفكار لا نهائيّة وأسئلة عديدة عن محيطه، لا يستطيع التعبير عنها بالكلام، ولكنّه حتمًا ينتظر إجابتك واهتمامك وتركيزك الكامل معه. لذلك، عليك إدراك حجم المسؤوليّة الموكلة إليك مربّيًا، فما تعمل لأجله الآن يكُن عليه طفلك في شبابه. 

 

اقرأ أيضًا: 

أبرز أسباب الكذب عند الأطفال | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com

أسس تنشئة الطفل الاجتماعيّة | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com

 

المراجع