أسماء داود العبّاسي- معلّمة مرحلة ثانويّة- فلسطين/ قطر
أسماء داود العبّاسي- معلّمة مرحلة ثانويّة- فلسطين/ قطر
2021/06/22

كيف تتخيّلين شكل التّعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وما هو مستقبل المدرسة كمكانٍ، خصوصًا بعد تجربة التّعليم عن بُعد؟ 

أعتقد بأنّ التعليم سيتّصف بالحريّة الفكريّة أكثر لو لم يكن هناك مدارسًا. بمعنى أنّ الطالب سيختار المواد التي توافق ذكاءه وسيتميّز بها، بل وهذا سوف يساعده في التعمّق في دراسة ما يحب، ما سيؤدّي إلى تميّزه وتألّقه ومن هُنا سيكون لدينا الكثير من العلماء. ومن جهةٍ أُخرى، ستتكوّن في المجتمع فئات تعزف عن التعليم، لأنّه لا يناسبها ولا تعتقد أن التعليم سيكون السّرّ في نجاحها. ولقد قابلت طالبين يشكوان من أنّ المدرسة بالنسبة إليهما مضيعة للوقت، وأنهما بإمكانهما استغلال الوقت في دراسة المواد المفضّلة لديهم وذلك من خلال تطوير أنفسهما فيها.

برأيي أنّ مكان المدرسة سيبدأ تدريجيًّا بالتقلّص، بل وسيقل عدد المعلّمين في المدارس وستبدأ تجربة التعلّم المنزليّ في الظهور بشكل أكبر وستلاقي هذه التجربة تأييدًا من الأهل والسبب في ذلك هو الرغبة في التوفير الماديّ.

 

ما هي أوّل نصيحة تنصحين بها مُعلمًا جديدًا؟ لماذا؟ 

أنصح المعلّم الجديد بسؤال نفسه الأسئلة التالية: 1. هل أصبحت معلّمًا حبًّا في هذه المهنة أم كوظيفة تسعى من ورائها إلى الدخل الماديّ؟ 2. كيف تنظر إلى طلّابك؟ 3. ما هدفك من تعليم الطلّاب؟ 4. هل لديك من المرونة في تطوير نفسك تبعًا للمستجدات بما يضمن مصلحة الطالب؟ بعد الإجابات أنصح المعلّم الجديد بالجلوس مع نفسه ويقرّر الاستمرار بهذه المهنة أم لا؛ إذ أنّك بكونك معلّمًا، ستكون الأب والأم والصديق والمعلّم والناصح والنموذج وراعيًا للأمانة، ومسؤولًا عن جيلٍ ناشئ ستكون محاسبًا عليه.

 

ما هو تعريفكِ للدهشة؟ وكيف وصلتِ إلى هذا التّعريف؟

هو الشعور الذي ينتج عنه أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات، وهذا ما يدعو للتفكير والبحث ثمّ التأمّل والتعمّق.
وصلت إلى هذا التعريف من خلال المواقف التي واجهتها وتعاملي مع الطلّاب.

 

ما هي مصادر الإلهام في مسيرتكِ التعليميّة؟ لماذا؟ 

أولّ ملهم لي هي والدتي التي كانت معلّمة مميّزة بشتّى الأوجه. كنت أدرس في نفس المدرسة التي كانت تعلّم بها حيث كنت أرى تجمّع الطالبات حولها وألمس علاقتها الجميلة بهم. لا أنسى بأنّها قامت يومًا ما بتجهيز احتفال كبير في المدرسة من أجل المولد النبويّ، وكانت تدرّبنا على المسرحيّات والأناشيد، وكنت أنظر إليها وهي تُلقي الخطب في المدرسة وكأنّ الطيور قد حطّت على رؤوس الجميع.

تعلمت منها بأنّ المُدَرِّسَة يجب أن تَشعر بطلبتها ولم تكن تتقيّد بالمنهج، بل كانت تبحث وتبحث حتى تُضيف المزيد. تعلّمت منها أنّ الدراما نوع آخر من أنواع التعليم مع أنه في ذلك الوقت كان التلميذ يتلقّن الدروس فقط لا غير.

 

من هو الطّالب المُتميّز برأيكِ؟ لماذا؟ 

كل طالب متميّز سواء كان في شخصيّته أو ذكائه أو علمه أو ظروفه أو بيئته التي عاش بها، إذ أنّ هذا التميّز هو الذي يخلق الجمال داخل الصفّ ويثير الرغبة عند المعلّم بالتنوّع والخروج عن المألوف، وهذا التنوّع يثير الرغبة بين الطلبة في الإقبال على التعلّم.

 

حسب معاييرك، كيف تصفين المُعلّم المُلهِم؟  

المعلّم الملهم هو القادر على التحليق بطلّابه إلى آفاق أبعد من المعتاد، لديه من المرونة التي تؤهله إلى مواكبة التغيّرات الحديثة، وهو الذي يُحدث التغيير لدى الطلّاب، ويؤثّر ويتأثَّر بهم.

 

ما هو الموقف الذي تندمين عليه في مسيرتك التعليميّة؟ 

ليس هناك ما أندم عليه خلال مسيرتي، بل بالعكس، أعتبر نفسي محظوظة لأنّ الظروف هيّأت لي فرصًا عديدة لسبر أغوار طرق التعليم المختلفة ضمن مناهج متعدّدة عربيّة منها وغربيّة.

 

برأيكِ، كيف تؤثّر علاقة الإدارة بالمُعلّم على مسيرتهِ؟  

باعتقادي أنّ العلاقة بين المعلّم والإدارة لها ثلاثة أضلاع مهمّة، وهم: الإدارة والمعلّم والطلبة. الإدارة مسؤولة عن توفير بيئة آمنة للمعلّم يشعر بها بالحرية في الإبداع بما يصبّ في مصلحة الطلبة، بالإضافة إلى أنها مسؤولة أيضًا على تطويره مهنيًّا بما يساعده في تطوير ذاته نفسيًّا وأكاديميًّا. أرى أنّ إهمال الإدارة لمعلّميها من أكبر الجرائم التي قد تُتخذ في حقّ المعلّم لأنّها تؤدي به إلى الهاوية.

كما أنّ استجابة المعلّم للإدارة الناجحة وتطبيق رؤيتها سيخلق روحًا من التعاون والألفة في المجتمع المدرسيّ. كلّ هذا سيؤثر سلبًا أو إيجابًا على الطالب الذي يشكل المحور الرئيس في العمليّة التعليميّة.

 

ما الذي تُريدين محوه من طريقة التّدريس والتّقييم في مدارس اليوم؟  

أتمنّى أن نمحو الأساليب التلقينيّة في العمليّة التعليميّة، وأتمنى أن يكون الصفّ في مزرعة ما أو بستان من غير جدران. أمّا بالنسبة إلى التقييم فإنّي أميل إلى التقييم العمليّ الذي لا يسبب ضغطًا يؤثّر على نفسيّة الطالب، فمن الأهمّيّة بمكانٍ أن يشعر الطالب بالأمان، ومن هُنا، أميلُ إلى أنّ التقييم يجب أن يكون بنائيًّا أكثر من نهائيًّا.

 

ما هو الكِتاب الذي لهُ تأثير كبير عليكِ وعلى تجربتكِ في الحياة؟  

الكتاب الأوّل المرشد الملهم هو القرآن الكريم الذي فيه من القصص والعبر التي تُعين على فهم الحياة والبشر.

أُضيفُ إلى ذلك أنّي أعشق كتب التاريخ؛ لأنّها تسرد قصصًا لشعوب مختلفة وأحداثًا تُعيد نفسها أحيانًا.