من يكون الطالب المتميّز؟
من يكون الطالب المتميّز؟
2021/06/20
مجد مالك خضر | كاتب ومدوّن- الأُردن

 

يمكن اختزال مكوّنات التعليم في شكله السائد في قسمين: ماديّ وبشريّ. يظهر القسم المادّيّ في جميع الموارد الملموسة، التي تحافظ على استدامة التعلّم، كالمنشآت التعليمية ومحتوياتها، والمناهج الدراسيّة، والقرطاسيّة، وغيرها، وحديثًا مع انتشار فيروس كورونا، والانتقال إلى تجربة التعلم عن بُعد، باتت الحواسيب والهواتف المحمولة عنصرًا مادّيًّا مهمًّا، أمّا القسم البشريّ يتمثّل في جميع العناصر البشريّة المشاركة في نجاح تكامل العمليّة التعليميّة، وتشمل المعلّمين والطلاب وأولياء الأمور، ويجب على كل عنصر منهم تنفيذ دوره بشكل صحيح، وضمن المسؤوليات المترتبة عليه، وهكذا يساهمُ التفاعل بين القسمين الماديّ والبشريّ، في بناء الأساس الضامن لنجاح التعليم في تحقيق رسالته وأهدافه.

يشكّل الطالب العنصر الأهمّ بين عناصر القسم البشريّ المكوّن للتعليم؛ لأنّه المحور الذي يقوم عليه التعلّم بشكل أساسيّ؛ من خلال نجاحه في التفاعل داخل الغرفة الصفّيّة، وأداء الواجبات المطلوبة منه، وإجادة حلّ الاختبارات الشهريّة والفصليّة، والمشاركة في الأنشطة اللامنهجيّة، واختلفت الأدبيّات التربويّة والتعليميّة والمراجع اللغويّة في تحديد مفهوم كلمة (طالب أو متعلّم)، وبالعودة إلى المعجم يُعرّف بأنّه الشخص الذي يطلب شيئًا ما، واشتقّ اسمه من الفعل (طلب)؛ أي السعي للحصول على شيءٍ معين، أمّا في نطاق التعليم؛ فهو كل فرد يسعى إلى طلب العلم والمعرفة، ويبحث عنهما، عن طريق الدراسة والتعلّم، وينطبق هذا المفهوم على كل طالب في جميع المراحل التعليميّة.

 

من يكون الطالب المتميّز؟

لا يوجد تعريف محدّد للطالب المتميّز، وأرى من وجهة نظري أنه كل طالب يحقّق إنجازات كثيرة خلال حياته الأكاديميّة، فتميّز عن زملائه، سواء في موهبة أو مادّة معينة أو إتقان هواية باحترافيّة عالية، ويستنتج من ذلك أن جميع الطلاب يمتلكون القدرة ليكونوا متميّزين؛ لأنّ لكلّ طالب ميّزته الخاصّة، ولا يمكن القول إنّ أحد الطلاب ليس متميّزًا، بل قد يحتاج إلى توفّر اليد الممدودة له حتّى يفرج عن التميّز الكامن بداخله، وغالبًا تبدأ من الأسرة بصفتها البيئة التعليميّة الأولى التي يتعايش فيها الطالب قبل الالتحاق في المدرسة، فتساهم بتوجيهه نحو الاستمرار بمجال إبداعه، ويترتّب عليها توفير الإمكانات الداعمة له، ثم يأتي الدور المحوريّ للمدرسة والمعلّمين والمناهج الدراسيّة، والتي من شأنها رفد الطالب بجميع المهارات والمعارف اللازمة؛ حتّى يطوّر ميّزته الشخصيّة،  باستخدام جميع الوسائل المتاحة لديه، سواء في المنزل أو المدرسة.

 

من صفات الطالب المتميّز

يمتلك الطالب المتميّز صفات خاصة به، تجعلهُ مختلفًا عن أقرانه في المرحلة العمريّة الواحدة، وليس بالضرورة أن تنطبق جميعها عليه، فقد يتميّز بصفة واحدة منها أو أكثر، وفي المقابل قد يعاني من صعوبة ما، ولكنه يمتلك صفة جعلته متميّزًا عن أقرانه في الصفّ، ومن الأمثلة على هذه الصفات التحفيز الذاتيّ؛ وهو الدافع الشخصيّ الذي يحفّزهُ لاكتشاف أهدافه وطموحه، وأيضًا لديه ثقة بالنّفس وتقدير للذات؛ لأنه يثق بمهاراته وقدراته، وإذا لم يجد من يُقدّره يحرص على تقدير ذاته وتشجيع نفسه للاستمرار في تحقيق هدفه، كما يتصف بأنه صاحب ذكاء اجتماعيّ وعاطفيّ، فيهتم ببناء علاقات اجتماعيّة، وصداقات مع زملائه في الصفّ ومعلّميه ومجتمعه، ويعدّ شخصًا فضوليًّا وباحثًا عن المعرفة، فيكثر من طرح الأسئلة حول كافة الأشياء التي لا يعرفها، سواء ضمن المواد الدراسيّة أو النشاطات المتنوّعة أو المعلومات العامّة، ويساعده ذلك على تكوين معرفته وخبرته الشخصيّة، التي تصله إلى التميّز. 

 

أسباب عدم اكتشاف الطالب لتميّزه

كثيرون الطلاب الذين لم يكتشفوا مميّزاتهم الخاصة؛ بسبب غياب الرعاية الفضلى لهم، واللامبالاة في مساعدتهم على اكتشافها، سواء داخل عائلتهم أو مدرستهم، ويعود ذلك لعدّة أسباب، مثل قلّة وعي الأسرة بأهمية توجيهه لتنمية موهبته، وتوفير كافة الوسائل الداعمة لتطويرها، والتقليل من القيمة المعنويّة لهواياته، أو تميّزه في إحدى المواد الدراسيّة، كالقدرة على الإعراب بشكل صحيح أو حلّ المعادلات الرياضيّة بأسلوب متقن، كما قد يغيب دور المدرسة الفاعلة في تخصيص وقت حرّ يستطيع فيه الطالب إظهار إبداعاته المتنوّعة، مع غياب دور المعلّمين الموجّهين، والذين يتحوّلون إلى محبطين، ولا يصدر منهم أي حوافر أو تشجيع؛ ممّا يلحق الضرر في بعض الطلاب على المدى البعيد، ويجعلهم يميلون إلى العزلة، والخجل، وتجنّب التعبير عن آرائهم أو المشاركة داخل الصفوف، وفي النشاطات المدرسيّة.

 

توصيات للطالب المتميّز

يستطيع جميع الطلاب الوصول إلى لقب الطالب المتميّز، ولكن في غياب التوجيه الأسريّ أو المدرسيّ، يصبح من الضروريّ على الطالب إدراك التوصيات التي تقود للتميّز، وتبدأ بنقاط عدّة منها:

  • أهمّيّة تنظيم الوقت: ذلك عن طريق إعداد جدول دراسيّ، وخطّة شهريّة تحتوي جميع النشاطات والأعمال التي يريد الطالب القيام بها، وتشملُ عادةً حل الواجبات اليوميّة، والاستعداد للاختبارات، وتخصيص أوقات لممارسة الهوايات الإبداعيّة، ويساعد ذلك على ترتيب وتوزيع المهام المطلوبة بطريقة صحيحة.
  • تحديد الأهداف: يتميّز الطالب المتميّز بأنه محدّد لأهدافه، مهما كانت طبيعتها قصيرة أو طويلة المدى، والذي يُعزّز إحساسه بالمسؤولية الشخصية.
  • تقييم الذّات: على الطّالب المتميّز الانتباه للأخطاء أو الهفوات التي ارتكبها، ويصححها، ويُقوّم كل مرحلة من مراحل تقدّمه التعليميّ.
  • توظيف الموارد المتاحة: كالساحات، والمختبرات والمشاغل، والغرف التعليميّة التفاعليّة، والمكتبة، ذلك لتحقيق التميّز الذي يسعى إليه.

تمثّل الرغبة الشخصيّة لدى الطالب، والناتجة من تمتّعه بإحدى أو جميع صفات التميّز، وبذله جهدًا ملحوظًا في تحسين مستواه الدراسيّ، وتعزيز موهبته، وتطوير مهاراته الحياتيّة، واهتمامه بوضع خطط تنظّم وقته، وتجاوز الأسباب التي تحدّ من نجاحه، بالتزامن مع وجود المحفّزات اللازمة والمشجّعة؛ خصوصًا من قبل عائلته ومعلّميه، والأشخاص الذين يتواصلون معه بشكلٍ مباشر، الحافز الأوّل ليكون طالبًا متميّزًا، ويجب على الطلاب إدراك أن هذا اللقب ليس حكرًا على فئة معينة منهم، بل متاح لكل طالب يجد في نفسه نقاط القوّة ويعززها، ويتجاوز نقاط ضعفه مهما تحمّل من عناء، فطريقُ التميّز متاحٌ للجميع دون استثناء.