منهجيّات في مطلع عامها الثاني
منهجيّات في مطلع عامها الثاني

يكتمل اليوم عام على صدور عدد مجلّة منهجيّات الأوّل، وانطلاق المجلّة والموقع الإلكترونيّ، في الخامس من تشرين أول/ أكتوبر 2020، في "يوم المعلّم العالميّ"، وفي خضم سنة فارقة في مسيرة التعليم حول العالم، سنة جائحة كورونا التي غيّرت الكثير في البشريّة ونمط عيشها. جاءت منهجيّات لتقدّم للمعلّمات والمعلّمين في الوطن العربيّ، في يومهم، منصّة تفاعليّة ومجلّة تربويّة تحتفي بكتاباتهم وتجاربهم وتأمّلاتهم ورؤاهم وأفكارهم.

 

انطلقت منهجيّات لتسدّ فراغًا واضحًا في المنطقة العربيّة، من خلال تقديم محتوًى تربويّ فكريّ أصيل وحداثيّ، ينتجه المعلّمون والمعلّمات والتربويّين والتربويّات، نابع من خبراتهم وممارساتهم ورؤيتهم للتعلّم والتعليم، انطلاقًا من حقيقة أنّ الكتابة أداة تفكّر وتأمّل وفهم وتواصل، تفضي إلى نظر متمعّن في المنهجيّات، والسياسات والممارسات اليوميّة داخل الصفّ وخارجه، وتسهم في تشارك التجارب والأفكار بين المنخرطين في المجال التربويّ، لتحقيق أكبر قدر من الإفادة والفهم لأطراف العمليّة التربويّة. وفي سبيل ذلك عملت منهجيّات على تشجيع المعلّمين والمعلّمات والتربويّين والتربويّات على الكتابة بأنماط عدّة، منها المقال المهنيّ المنشور في المجلّة، وكتابة الرأي والتدوين، إلى جانب المقابلات التي تستشرف عالم المعلّم/ة ورؤيته الخاصّة لنفسه وأدواره وتجربته وللمدرسة والتعليم ككلّ. وقبل انطلاق المجلّة والموقع منذ عام، نظّمت منهجيّات ندوتها الشهريّة، مُنشئةً مساحةً إضافيّةً للنقاش والحوار التربويّ في موضوعات متنوّعة غطّت طيفًا واسعًا ممّا يشغل التربويّين عربيًّا، بدءًا بالجائحة وظلالها الثقيلة على التعليم، وكيفيّة التفاعل معها، وتطوير الممارسات في ظلّ الواقع الجديد، وصولًا إلى عرض مبادرات ونقاش قضايا عامّة، منها التطبيقيّ العمليّ، والنظريّ التأمّليّ.

 

نعتقد في منهجيّات أنّ لكتابة المعلّمات والمعلّمين دورًا رئيسًا في تطوير التعلّم والتعليم عربيًّا، والحاجة ملحّة على مستوًى فرديّ وجمعيّ لإيلاء هذا الجانب كلّ اهتمام، باعتباره تطويرًا مهنيًّا ومعرفيًّا لممارسيها، ومنهجيّة عمل جماعيّةً للوقوف على واقع التعليم، والتدخل لتطويره، بناءً على رؤية الفاعل الرئيس فيه، أي المعلّم، ومواقفه وخبراته.

لم نكتف بتوفير المساحة بأفضل ما بوسعنا من نقاش علميّ ومنهجيّ مع ما وصلنا من مقالات نشرت في الأعداد الستّة، وتعهّدها بالتحرير والتدقيق والإخراج الفنيّ اللائق، بل صمّمنا أيضًا برنامجًا تدريبيًّا تعقد دوراته المكثّفة مرّتين سنويًّا، لتمكين المعلّمات والمعلّمين من أدوات كتابة المقال المهنيّ. بما يشمل ذلك من جوانب نظريّة وتربويّة يقدّمها متخصّصون، وجوانب فنيّة تحريريّة تتعلّق بفنون الكتابة نفسها. ضمن سعي للوصول إلى مقالات مهنيّة يكتبها معلّمون من مختلف الدول العربيّة تشمل جوانب العمليّة التعليميّة، وتسهم في تطّور هذا النمط الكتابيّ المميّز. وفي صفحات العدد السادس، تجدون أربع مقالات عامّة هي ثمار الدورة الأولى من البرنامج التدريبيّ، وهي: "طلبة لا يحتاجون معلّمًا"، و"أحبّ الغلطات الإملائيّة"، و"الجولات التدريسيّة: اقتباس تطبيق طبّيّ لتحسين ممارسات مجتمع المدرسة"، و"بين عهد الجائحة وما بعدها: دور المرشد في التمهيد للعودة إلى المدرسة". إلى جانب مقالات ملفّ العدد "تأثير التعلّم عن بعد على ذوي الاحتياجات الخاصّة"، ومقالان عامّان: "عندما تغيب الفلسفة عن المنظومة التربويّة"، و"هل التعليم العربيّ ضحيّة السياسة؟".

 

منهجيّات، بالنسبة لنا، تجربة مهنيّة مفعمة بالتعلّم والتشارك والنقاش والحوار على عدّة مستويات، تجربة نشطة تطوِّر وتتطوّر، من خلال التشبيك مع المؤسّسات التربويّة في الدول العربيّة، أو التواصل المباشر مع المعلّمات والمعلّمين لسماع آرائهم وتقييمهم واقتراحاتهم، ومتابعة كلّ ما يستجد في قطاع التعليم على مستوى الوطن العربيّ. وها هي تبدأ عامها الثاني أكثر غنًى بقرّائها والمساهمين فيها من المعلّمات والمعلّمين، شاكرةً لهم ثقتهم، متمنّيةً لهم عامًا دراسيًّا جديدًا ناجحًا على كثرة ما فيه من تحدّيات.

 

ترشيد