كيف نقود التجديد عن طريق نشر أثره؟
كيف نقود التجديد عن طريق نشر أثره؟
2021/07/04
ديانا قموة | مشرفة أكاديميّة في المدارس العصريّة وعضو الهيئة الاستشاريّة لمشروع تمام

لقد تطوَّرت أهداف مشروع تمام، منذ انطلاقتهِ عام 2007، من البحث عن خبراتٍ ناجحةٍ في المدارس المشاركة للتأكّد من فاعليّتها وأهميّتها لتعميمها، إلى بناء منظومةٍ تربويةٍ مهنيّةٍ بحثيةٍ تُمكّن المعلّم من الكفايات اللّازمة ليكون قائدًا لعمليّة لتطوير في مدرسته، وممتلكًا مفهومًا جديدًا للتغيير يركّزُ على البعد البشريّ، والاستعداد الفرديّ للتغيير، والمشاركة الفاعلة من قِبَل المعلّمين لإحداث التطوير اللّازم من أجل إعداد طالبٍ يمتلك السّمات التماميّة.

ومع اكتساب فريق تمام في مدارس العصريّة للقدرات القياديّة، بدأ توسّع مشروع تمام في المدرسة ليطال أكثر من فريق ولينتشر أثره في كلّ أقسام المدرسة. عندها، سُئلت في أحد لقاءات تمام: لو طُلب منك أن تقدّمي مشروع تمام لمدرسة جديدة ماذا تقولين؟ وهنا تذكّرت مقولةً للدّكتور منير بشور (2005): "المطلوب انعطاف كامل وجريء في محور الاهتمام، من الغايات الكبرى، والأهداف الكبرى، والأحلام الكبرى، والكلام الكبير، إلى حيث الفعل التربويّ: إلى غرفة الصّف والمدرسة، والتلاميذ والمعلّمين، وكلّ ما يحتاجه هؤلاء وأولئك للقيام بمهمّاتهم بنجاح"، وشعرت بأنّي مستعدةً للخطوة التّالية في "الفعل التربويّ"، وهي نقل أثر تمام خارج أسوار المدارس العصريّة.

وهنا كانت البداية حيث قمنا كفريقٍ لتعريض مدارس مُختلفة في الأردن لعيش التجربة التماميّة، وصولًا لموعد المؤتمر العاشر لتمام في عُمان، الذي كان بعنوان "من مشروع تجريبيّ نحو حركة تغييريّة للتطوير" عام 2014، إذ تمّت دعوة مدراء مدارس مُختلفة ليعيشوا التّجربة ويتعرفوا على أعضاء شبكة تمام المهنيّة من عدّة دولٍ عربيّة.

 

لقد قام فريق تمام القياديّ في المدارس العصريّة بعقد ورشاتٍ تدريبيّةٍ خاصّةٍ ولقاءاتٍ توجيهيّةٍ لمدارس مُختلفة، ومع أنّ النّجاح كان محدودًا في بعض المدارس، وصعبًا في مدارس أخرى، لكنّ الإصرار لدى الفريق ساهم في وضع حجر الأساس لتجمّعٍ لتمام – في الأردن عام 2016 كاستمراريّة لنشر فكر تمام ومقاربته وأثره. فتمّ إرساء أُسس التّعاون المهنيّ ضمن هذا التجمّع وذلك عن طريق بناء أُطر التّشبيك بين المدارس المشاركة لتسهيل عمليّات التّواصل وتبادل الخبرات فيما بينهم وبين الفريق الموجّه من خلال لقاءاتٍ منهجيّةٍ وحواراتٍ تفكريّة حول إنجازات الفريق والصّعوبات التي واجهها وآليّة حلّها، ومن خلال جلساتٍ تفكّريةٍ لتحديد الحاجات المشتركة والملحّة.              

وفي عام 2019، بادرت مجموعة من مدارس تجمّع الأردن بالعمل على مشروعٍ تطويريٍ موحّدٍ اعتمدت فيه مقاربة تمام لتحديد الرؤى والغايات والأهداف التطويريّة المشتركة التي تطمح لها هذه المدارس. وبعد عدّة دورات بحث إجرائي قامت بها الفرق القياديّة كلّ في مدارسها، عُقدت عدّة جلسات حوار جماعيّة لتحليل البيانات وفهمها بشكل معمّق تمّ من خلالها وضع الغايات التطويريّة التي تمثلت بالسعي للوصول إلى: متعلّمٍ شغوفٍ، قادرٍ على التّواصل باللغة العربيّة السّليمة في سياقيها الحياتيّ والثقافيّ مع الاحتفاظ بخصوصيّة كلّ مدرسة.

واكب فريق تمام الموجّه مبادرات التّشبيك متابعًا الخطوات العمليّة لهذه المبادرة، وتمّ انتداب أخصائيّة لغة عربيّة مُطّلعة على مقاربة تمام في التطوير لتكون مدرّبةً للفرق ترافقهم في كلّ خطوةٍ يقومون بها في رحلتهم التطويريّة. ومن خلال عمل تمام كمختبرٍ بحثيّ، يقوم الفريق الموجّه ببحثٍ معمّقٍ حول الأدبيّات المتعلّقة بالتشبيك لرفد هذه المبادرة النادرة والنابعة من مدارس عربية بشكلٍ اختياري بالخبرات الموجودة عالميًّا، والتي تَطرح التّشبيك كإستراتيجيّةٍ واعدةٍ للتطوير التربويّ، كما يعمل على استنباط أنموذجٍ مجذّرٍ في سياقنا حول آليّات التشبيك وكيفيّة توفير الدّعم لإنجاحه، ويسعى لنمذجة كلّ جوانب هذه التّجربة وإنتاج خارطة طريقٍ لمبادرة التشبيك، على أمل أن تساهم هذه المبادرة في تصميم حلٍّ مبتكرٍ لقضية تعليم اللغة العربية، لمشاركتها مع المجتمع التربويّ العربيّ.  

تجربتي مع قيادة التّجديد بدأت بأخذ خطواتٍ عمليّةٍ انطلقت من الفرد ضمن فريق عملٍ إلى نشر أثر التّجديد إلى مجموعاتٍ أخرى داخل المدرسة ومن ثمّ وضع أسس للتشبيك بين مجموعةٍ من المدارس لينتشر الأثر على مستوى المدينة والبلد الواحد. أرى في هذه التّجربة مثالًا في نشر أثر التجديد لمدارس أخرى ونواةً لامتداد التشبيك من أجل التطوير ليشمل مدارس على امتداد الوطن العربيّ.