رحلة من حديقة مدرستنا وحتى حديقة المتحف
رحلة من حديقة مدرستنا وحتى حديقة المتحف
2023/03/26
أمل أبو زايد | معلمة علوم- فلسطين

في صباح يوم ربيعيّ، تزيّنت الطرقات والأراضي بالخُضرة والنباتات. كما تزيّن فيه عقل إحدى طالباتي بمحبّة العلوم... إنّها علياء. أقبلت علياء عليّ مسرعة ومتسائلة: "معلّمتي يا معلّمتي، كنت قد رأيت في طريق مجيئي إلى المدرسة نباتًا ذا زهرة بنفسجيّة، ويلتفّ حولها محيطان من الأشواك، وأوراقها مرقّطة بالبقع البيضاء، كم أودّ معرفة اسمها!"

وبينما كنّا نتناقش عن مواصفاتها، سمعت صديقة العلوم حوارنا، وقالت إنّها تستطيع استخدام ميزة البحث عن طريق عدسة جوجل، في البحث عن الصور. وشاركتنا أنّ هذا يساعدها كثيرًا في معرفة الكثير من المعلومات حول بعض اللوحات الفنّيّة العالميّة.

 

كنت قبلها بيومين أعكف على التخطيط لحصّة تقوم فيها الطالبات برحلات عبر متاحف افتراضيّة عالميّة، أو حدائق علميّة وطنيّة. كنت أفكر دومًا كيف أقدّم لهنّ سفرًا ممكنًا في الجزء الآخر من الوطن، وما تبقّى من العالم من هذه البقعة المحاصرة في قطاع غزّة، لعلّي أقدّم لهنّ تجربة فريدة وممتعة، يكسرن فيها حواجز الزمان والمكان.

لا أدري، هل هي صدفة حميدة؟ أم مخطّطات القدر التي جعلتنا نجمع ثلاثة تساؤلات من ثلاثة عقول؟ لنخرج بفكرة رحلة تنطلق من حديقة مدرستنا، حتّى حديقة متحف التاريخ الطبيعيّ الفلسطينيّ التابع لجامعة بيت لحم. رحلة من قطاع غزّة إلى بيت لحم. ففي عالم تستحوذ فيه التكنولوجيا الرقميّة على أوقات الطالبات، ثمّ تفصلهنّ عن محيطهنّ، كان لزاما علينا أن نعيد التوازن، من خلال إعادة ربط الجيل الرقميّ بالطبيعة بطرق مبتكرة تؤسّس لقيم الحفاظ على الطبيعة.

 

خطّطنا، نحن الثلاثة، للفعاليّة بعد البحث عن المقدّرات التي من الممكن أن توفّرها لنا كلّ من: عدسة جوجل ومحرّك البحث والموارد الرقميّة التي قام بتوفيرها متحف التاريخ الطبيعيّ الفلسطينيّ. وبعد مناقشات قمنا بالتخطيط للفعاليّة من خلال الإجراءات الآتية:

فعاليّة توظيف موارد معلوماتيّة مفتوحة المصدر للمتحف، من خلال رحلة تعلّم تنطلق من بيئة المدرسة حتّى حديقة المتحف الفلسطينيّ للتاريخ الطبيعيّ في جامعة بيت لحم، وتشمل:

1. لقاء تعريفيّ للطالبات بحديقة المتحف الفلسطينيّ للتاريخ الطبيعيّ، من خلال الموقع الخاصّ بهذا المتحف الوطنيّ.
2. لقاء تعريفيّ بكيفيّة توظيف عدسة جوجل في البحث عن النباتات البرّيّة في حديقة المدرسة، والتوصيات اللازم اتّباعها أثناء عمليّة التصوير، من حيث: تصوير الأجزاء المميّزة للنبات؛ وضرورة عدم تداخل صورة النبات مع أجزاء نبات آخر؛ والتصوير الواضح قدر الإمكان؛ والأخذ بعين الاعتبار الإضاءة في تأصيل صحيح لكيفيّة التعامل مع الكاميرا؛ وكيفيّة التواصل الصحيح مع خوارزميّات العمل في عدسة جوجل.
3. تحديد المهمّة البحثيّة التابعة لهذه الفعاليّة، وهي تحديد الاسم العلميّ والاسم الشائع للنباتات البرّيّة مجهولة الاسم لدى الطالبات، باستخدام عدسة جوجل.
4. التحقّق من عمليّة البحث باستخدام سجلّات وموارد للنباتات البرّيّة في فلسطين، والمتوفّرة في موقع المتحف.
5. تصميم نتاج بحثيّ بسيط من كلّ طالبة، هو عبارة عن صورة واضحة للنبات مع الاسم العلميّ والاسم الشائع في البيئة الفلسطينيّة.
6. تكوين ألبوم رقميّ بمنتجات الطالبات.

 

من خلال عمليّات البحث في حديقة المدرسة، تنقّلت الطالبات، مثل الفراشات، بين النباتات المختلفة في نزهة معرفيّة، وفي توظيف لأدوات الجيل الرقميّ في عمليّة التعلّم. كما وظّفنا مهارة التفكير الناقد، للتحقّق من المعلومات على شبكة الإنترنت أثناء عمليّات البحث. ومن هُنا، كانت التوصيات التي قمنا بتقديمها كفريق:

1. التحقّق من نتائج البحث بواسطة مصادر موثوقة.
2. قد تتداخل المسمّيات عند وجود فصائل مختلفة للنبات نفسه.
3. لا تعتبر نتائج محرّك البحث جوجل من المسلّمات، وإنّما يجب علينا التحقّق من نتائج البحث بواسطة مصادر موثوقة وموارد علميّة محكّمة تابعة لمؤسّسات معتمدة.
4. الاسم الشائع أو الشعبيّ للنبات الواحد قد يختلف من بيئة لأخرى، وذلك بسبب اختلاف ثقافات الشعوب ولهجاتها ولغاتها؛ فمثلًا يُعتبر اسم المريميّة الاسم الشعبيّ في فلسطين، بينما في البيئة المغربيّة فتسمّى: السالميّة. واجهت الطالبات هذا التشتيت أثناء عمليّة البحث في محرك "جوجل"، وتوصلت إلى أنّ الاسم العلميّ يُعدّ المرجع الرئيس في عمليّة البحث، والذي ننطلق منه في عمليّات البحث عن الاسم الشائع في مختلف البيئات العربيّة أو العالميّة.

 

كانت رحلة مفعمة بالحماس والمتعة، تمكّنت من خلالها طالبات النادي العلميّ من مهارات عمليّات بحث مرتبطة بالطبيعة الفلسطينيّة، ومن توظيف التكنولوجيا، في رحلة استقصائيّة للاسم العلميّ والاسم المحلّيّ للنباتات البرّيّة في فلسطين، بطريقةٍ عمليّة ومكمّلة لمنهاج العلوم في وحدة تصنيف الكائنات الحيّة. كما استعملت فيها موارد وطنيّة موثوقة ومفتوحة المصدر، وأدوات تكنولوجيّة تلائم ميول الجيل الرقميّ في البحث، في تطبيق لمبادئ التفكير الناقد والمواطنة الرقميّة.