دمج مختبرات الابتكار في المدارس كوسيلة نحو التحوّل في التعليم
دمج مختبرات الابتكار في المدارس كوسيلة نحو التحوّل في التعليم

 

صدر تقرير "دمج مختبرات الابتكار في المدارس كوسيلة نحو التحوّل في التعليم"، عن مؤتمر القمّة العالميّ للابتكار في التعليم "وايز" التابع لمؤسّسة قطر. ويعرض التقرير مسار تجربة "وايز" الرائدة في إدخال مختبرات الابتكار إلى عدد من المدارس، وتحويلها إلى مراكز تعلُّم تُواكب التطوّر التقنيّ للقرن الحادي والعشرين، والذي يعتمد على الذكاء الاصطناعيّ، ويفرضُ تحوّلًا في نوعيّة المهارات المطلوبة والوظائف المُتاحة التي ستضطّلع بها الأجيال القادمة.

 

اعتبر التقرير أنّ غالبيّة الأنظمة التعليميّة لا تستجيب  للتغيير العميق والهادف والدائم، لأنّ المناهج التقليديّة للتغيير والإصلاح التعليميّ لا تعملُ على إعادة تصميم المدارس وبرامج إعداد المعلّمين لتمكين التغيير والتحسين والابتكار التعليميّ. وهو أمرٌ يدفع إلى التفكير في تصميم بيئات تعلّم ونماذج تعليميّة قادرة على إحداث التغيير. ويَستند التقرير في نتائجه إلى جهود تعاونيّة وممارسات حقيقيّة أُجريت في مدارس على أرض الواقع، فجاء مُؤكّدا أهمّيّة الدور الذي تُسهم به المدارس والمُختبرات والمراكز في تعزيز الإدراك والفهم، وخلق التعاون بين المُعلّمين والباحثين والقادة.

 

عرض التقرير حيثيّات الشراكة التي أقامها مركز الابتكار التابع لـ"وايز" (خلال الفترة ما بين أذار 2020 وحزيران 2021) مع ثلاث مدارس، اثنتان تقعان في آسيا والثالثة في أمريكا الشماليّة. هدفت هذه الشراكة إلى مواكبة تنفيذ المدارس الثلاث لمختبرات الابتكار الخاصّة بها، والاستفادة منها للدفع قُدمًا في عمليّة التصميم المدرسيّ. وأوضح التقرير الإجراءات التي اضطلع بها فريق مركز "وايز" للابتكار مع كلّ مدرسة على حدة، وذلك للأغراض الآتية: استكشاف التحدّيات التي تفرضها بيئة التعلّم لديها ومجالات بناء ممارسات وابتكارات جديدة؛ وتحديد أهدافها التعليميّة؛ وتصميم أدوات وممارسات وابتكارات جديدة تستجيب للدعوات المطالِبة بتجاوز الهوّة بين الابتكار (رؤية صنّاع السياسات) والتنفيذ (على مستوى المدرسة)؛ والمضي قُدمًا نحو التعلّم التخصّصيّ القائم على الكفاءة والإتقان؛ وتنفيذ دورات ابتكار لوضع نماذج أوّليّة  للابتكارات المُستخلَصة من البحوث والتصميمات تمهيدًا لاختبارها ومراجعتها؛ والسعي إلى توسيع نطاق العمل الابتكاريّ في المدرسة ككلّ، ما يسهم في تحوّل نموذج المدرسة إلى نموذج ابتكاريّ يُعبّر عن سياق التعلّم في القرن الحادي والعشرين، وبناء قدرات المجتمع المدرسيّ بأكمله، مع التركيز على تنمية مهارات المتعلّمين وقدراتهم على المساعدة في التصميم المشترك، ودفع ممارسات المدرسة إلى الأمام.

 

وفي الموازاة، أورد التقرير عددًا من الأدوات والممارسات الشائع استخدامها في أعمال مختبر الابتكار، ومن بينها: التحلّي بعقليّة ريادة الأعمال (الإبداع، والتصميم، والابتكار، والمخاطرة) لأهمّيّتها بالنسبة إلى مُتعلّمي اليوم وللمعلّمين وقادة المدارس أيضًا؛ واستخدام التفكير التصميميّ والتصميم القائم على الإنسان؛ ونهج الممارسات المرنة التي تهتمّ بأصوات المتعلّمين واحتياجاتهم في وقت مُبكّر؛ ووضع نماذج أوّليّة واختبارها وتعديلها والخروج منها بتصميم مُنقّح قائم على الأدلّة؛ واستخدام "إطار الأهداف والنتائج الرئيسة" المعروف لدى جون دوير، والذي يدعم الهدف من فتح مراكز الابتكار في المدارس.

 

وقدّم التقرير عددًا من التوصيات، موجّهة للمدارس ومُديري الأنظمة التعليميّة وصُنّاع السياسات، لدعم تنفيذ مُختبرات الابتكار. فدعاهم التقرير إلى تخصيص الموارد والمُوظّفين اللازمين للمُساعدة على دعم المدرسة في إنشاء مُختبر الابتكار الخاصّ بهؤلاء الموظّفين، وتشجيع المدارس ودعمها للاضطلاع بأنواع المخاطر المطلُوبة للقيام بأعمال الابتكار بشكل فعّال، وإمعان النظر في الأوجُه التي قد تكون فيها السياسات سببًا يَحُول دون التغيير والنموّ. وحثّهم التقرير أيضًا على غرس المرونة في السياسات على نحوٍ يضمنُ إيجاد مجال للابتكار وتشجيع الابتكار المُنظّم الذي يُروّجُ له نموذج مختبر الابتكار، باعتباره طريقةً لبناء المعرفة الجماعيّة بنماذج المدارس المعاصرة، ولإدارة التغيير ودعم المدرسة في المضيّ قُدمًا في هذا الاتجاه، والتفكير في كيفية تبنّي الصناعات الأخرى لمنهجيّات التصميم المرنة اللازمة لبناء حلُول أكثر فعاليّة. وشجّع التقرير أيضًا على استكشاف ما إذا كانت السياسات والهياكل القائمة تُعيق قدرة المدارس على خلق الأمان وغرس الثقة في ثقافتها، وعلى إعادة تصميم هذه السياسات حسب الحاجة، ودعم شبكة المدرسة من خلال ربطها بالموارد الخارجيّة والدوليّة التي تساعد في تمكينُ المساعي نحو الابتكار.

 

وفي الختام، دعا التّقريرُ المدارس إلى تحديد فرد واحد (أو أكثر) يُمكنه تولّي قيادة مبادرة إنشاء مختبر الابتكارأو ريادتها، وإلى توظيف أعضاء فريق إضافيّ للمُساعدة في تصميم أفكار جديدة وتجربتها والتعاون بشأنها، وحشد قيادة المدرسة وإشراكها في دعم المُبادرة بشكل كامل. وأشار إلى ضرورة الإعلانِ عن المُصادقة العلنيّة على العمل في المدرسة، وتوفير الوقت والمساحة والموارد الماليّة اللازمة  لدعمه، وتحديد العوائق المُحتملة في وقت مبكّر، واستكشاف الحُلول المُمكنة قبل البدء في تنفيذ العمل الابتكاريّ، والبدء في التعرّف إلى الممارسات الأساسيّة والأدوار الجوهريّة، وغرس ثقافة مدرسيّة تُعزّز السلامة وترعى الثقة، وتجربة أفكار جديدة، واختبار أشياء والفشل فيها، وإنشاء حلقة وصل مع الموارد الخارجيّة مثل المُنظّمات غير الحُكوميّة والمجموعات البحثيّة التي بإمكانها دعم العمل الابتكاريّ، والانفتاح على مزيد من الأفكار والمدارس الأخرى.