تطلّعات لمعالجة ثغرات الإدارة المدرسيّة 2
تطلّعات لمعالجة ثغرات الإدارة المدرسيّة 2
2021/10/10
عدنان مرشد | باحث تربوي ومُعلّم فيزياء- اليمن

نُقدّم في الجزء الثّاني من "تطلّعات لمعالجة ثغرات الإدارة المدرسيّة" ثلاث تطلّعات تابعة للجزء الأوّل، وتبني عليها في اقتراحات للتعامل مع بعض ثغرات الإدارة المدرسيّة. وهي تستكمل ما بدأناه في الجزء الأوّل باقتراح معالجة ثغرات إغفال شغف التدريس، بالإضافة لاقتراح رؤى لمعالجة الثغرات، بما يهدف لرفع كفاءة مخرجات الإدارة المدرسيّة.

وإحدى الرؤى للحلّ هي أن يتبنّى المعلّم العربيّ فكرة التركيز المحوريّ على الجانب التنمويّ والجانب العلميّ والإنتاجيّ.

التطلّع الرّابع يدعو لتحرّر المعلّم من فكرة أنّ الهدف من تدريس الطلّاب هو حفظ المعلومات ومساعدتهم على التميّز في إجابة أسئلة التقويم وأسئلة الاختبار. وإحدى الرؤى للحلّ هي أن يتبنّى المعلّم العربيّ فكرة التركيز المحوريّ على الجانب التنمويّ والجانب العلميّ والإنتاجيّ والجانب المهاريّ في كلّ حقيقة علميّة وفي كلّ درس وفي كلّ لقاء دراسيّ. وأن يحاول المعلّم الإجابة عن سبعة أسئلة في التحضير لكلّ درس ولكلّ معلومة سيقدّمها للطلبة، الأسئلة هي:

1. كيف أُشبع حاجات الطالب وحاجات المجتمع بتقديم محتوى الدرس؟
2. ما الطريقة التي يجب أن أعرض بها أفكار هذا الدرس بحيث أوضّح من خلالها كيف تلبّي هذه الأفكار حاجات سوق العمل وحاجات قطاعات التنمية في هذا العصر؟
3. كيف أقدم أفكار الدرس بطريقة تلامس هوايات الطالب وشغفه وتشعل رغبته لتعلمها؟
4. كيف أعرض للطالب متى يحتاج هذه الأفكار؟ وأين سيحتاجها في حياته وفي مجتمعه وفي الميدان المهنيّ؟
5. كيف أوضح للطالب أمثلة استفاد منها أجيال العالم المتقدّم من هذه الأفكار، وما هي نتائج توظيفهم لهذه المعلومة على حياة البشريّة؟
6. كيف أدرّب الطالب على طريقة تعلّم المعلومة وطريقة استخدامها للإنتاج وخدمة نفسه ومُجتمعه؟
7. كيف أثير شغف الطالب لاستخدام هذه المعلومة على الواقع وإشعال رغبته لابتكار شيء جديد من فائدتها ووظائفها سواء في البيت أو في معمل المدرسة؟

يستطيع المعلّم الوصول إلى إجابات متكاملة لهذه الأسئلة وتطبيقها في كلّ درس، ومن خلال ذلك، يطوّر المعلّم طريقته التدريسيّة الخاصّة، وحينها لا يحتاج للتقيُّد بأي طريقة تدريس تعلّمها كليّات التربية ولا التقيُّد بتصميم محتوى الدروس ضمن المناهج المدرسيّة، ومن هُنا، سيتمكّن من معالجة الثغرة التنمويّة والإنتاجيّة والمهاريّة في تقديمه لمحتوى الدرس.

ينبغي على الإدارة المدرسيّة توسيع دائرة التقييم والتقويم لتشمل كل شاردة وواردة تتعلّق بعمليتيّ التعليم والتعلّم.

التطلّع الخامس يرى ضرورة تبنّي الإدارة المدرسيّة توجّهات عصريّة دقيقة لإدارة منظومتيّ "التقييم والتقويم الذاتيّ، والتقييم والتقويم الاستقصائيّ الإشرافي"، والانتقال من دائرة التقويم التقليديّ، المقتصر على الاختبارات، إلى دائرة التقويم البديل. كما ينبغي على الإدارة المدرسيّة توسيع دائرة التقييم والتقويم لتشمل كل شاردة وواردة تتعلّق بعمليتيّ التعليم والتعلّم، وكلّ محاور العمليّة التعليميّة، لا فقط تقويم الطالب والاكتفاء بالاختبارات.

التركيز فقط على بناء الجانب التعليميّ والأكاديميّ للطلبة لم يعد كافيًا لنجاح أجيال هذا العصر في المستقبل.

التطلّع السّادس يدعو الإدارة المدرسيّة إلى الاهتمام الجادّ بتنمية الجانب المهاريّ الشخصيّ للطالب، فالتركيز فقط على بناء الجانب التعليميّ والأكاديميّ للطلبة لم يعد كافيًا لنجاح أجيال هذا العصر في المستقبل.

ويمكن تحقيق هذا بالاستناد على ثلاث رؤى: الأولى توظيف قوانين هندسة السلوك التي من شأنها أن تساعد في تنمية مهارات السيطرة الوجدانيّة، ومهارات السيطرة السلوكيّة، ومهارات السيطرة النفسيّة لدى الطلبة. والثانية: استخدام أسس ومبادئ علم النفس التربويّ في جانب إدارة وتوجيه أنواع الشخصيّات بعد الإحاطة الكاملة بجوانب شخصيّات الطلبة: مميّزاتها، وعيوبها، وكيفيّات التعامل معها، وكيفيّات معالجة انحراف سلوكها. والثالثة: مراعاة الانعكاسات الاجتماعيّة والنفسيّة، والثقافيّة والبيئيّة والفكريّة واختلاف الجنسيّات واللّغات والعادات على شخصيّة وسلوك الطلبة.

 

وأخيرًا

إنّ معايير كتابة المقال تفرض علينا الاكتفاء بكتابة نخاعات الأفكار، لكنّ لحسن الحظّ أن جمهور منهجيّات هم التربويّين والمعلّمين، هم روح المُجتمعات العربيّة وهم الرئة التي يتنفس منها مشروع النهوض التنموي للمُجتمع العربيّ، وبالتأكيد سيلتقطون هذه الأفكار ويحوّلونها إلى آليّات عمل وسيطوّرونها إلى مدى واسع وبعيد وذات أُفق تربويّ خلّاق.