تطلّعات لمعالجة ثغرات الإدارة المدرسيّة
تطلّعات لمعالجة ثغرات الإدارة المدرسيّة
2021/06/13
عدنان مرشد | باحث تربوي ومُعلّم فيزياء- اليمن

تقدّم هذه التدوينة تطلّعات واقتراحات للتعامل مع بعض ثغرات الإدارة المدرسيّة، تطلّعات تقترح معالجة ثغرات إغفال شغف التدريس وإغفال رغبة التعلّم، وإغفال مفهوم التعلّم للعمل والإنتاج والحياة، وغياب التقويم البديل، وتقترح معالجة ثغرات الضعف التنمويّ في المناهج وطرق التدريس، وهي ستّة تطلّعات، سنتحدث عن ثلاثة تطلّعات منها ضمن هذه التدوينة، والبقية في تدوينةٍ قادمة. إضافة لاقتراح رؤى لمعالجة الثغرات، فهي بالوقت نفسه تهدف لرفع كفاءة مخرجات الإدارة المدرسيّة.

 

التطلّع الأوّل يُنادي لانتقال الإدارة المدرسيّة من الهدف التقليديّ "تشغيل المدرسة" إلى هدف تسعى ضمنه المدرسة لتحقيق تقدّم نوعيّ في أهمّ المحاور العصريّة للتعليم، ما يوفّر بيئة حاضنة لإبداعات الطلبة والمُعلّمين على حدٍّ سواء، مثل توظيف التكنولوجيا وتنمية مهارات المعرفة الرقميّة، وبناء شخصية الطالب المهاريّة المتكاملة، والعمل ضمن منطق تقييميّ جديد يتعامل مع تحصيل الطلبة بمبدأ التعلّم للعمل والتعلّم للإنتاج والتعلّم للحياة.

ضمن هذا السّياق، يجب نشر فكرة أنّ إدارة المدرسة مهنة حسّاسة مسؤوليّاتها هامّة وفارقة، لأنها تصنع القادة والمنتجين والإداريّين والأطباء والمهندسين، ومن هُنا هي نواة النهضة والتقدم لأي مُجتمع، فالانتقال إلى الإدارة العصريّة؛ أي الإدارة بالقِيَم والمعنويات، بات ضرورة مُلحّة لا خيارًا مطروحًا للدراسة فقط، ولتحقيق ذلك يجب التركيز على مجموعة أفكار منها: إدارة روح العطاء ورغبة التميّز، وإدارة هِمم الإداريّين والمعلّمين، وإدارة شغف المعلّم وطاقاته الكامنة، وإدارة رغبة الطالب المشتعلة للتعلّم.

 

التطلّع الثّاني يدعو لضرورة انتقال الإدارة المدرسيّة من مفهوم الإدارة بالسّلطة الهرميّة إلى مفهوم الإدارة بالقِيَم، والمعنويات وتحريك القناعات والدوافع.

نحن في التعليم لا نحتاج إلى إدارة سلطويّة، لسببٍ وجيه هو أنّ مخرجات التعليم يصنعها وجدان المعلّم وضميره ومعنوياته وشغفه ورغبته المشتعلة للعطاء وهِمّته، وقِيَمه ومبادئه تجاه التعليم والأجيال، ومدى تقديسه لرسالة التعليم وإيمانه بدوره المقدس كبانٍ للأنفس والعقول. ومن هُنا، فإنّ التسلط عليه واضطهاده والتركيز على تصرّفاته الظاهريّة ليست طريقة مناسبة لزيادة إنتاجه ولا حتى ضبطه، فينبغي أن تتحرّر الإدارة المدرسيّة من ثقافة التسلّط والتحكّم بالممارسات الظاهريّة والعطاء المتوقَّع من المُعلّم.

 

التطلّع الثّالث يبني على التطلّع الثاني بكونهِ يتلخّص بضرورة نقل الإدارة المدرسيّة من مفهوم الإدارة بالتعليمات المُباشرة والإدارة بالأهداف إلى مفهوم الإدارة باستراتيجيّات متكاملة تواكب متغيّرات العصر. هذه الاستراتيجيّات يتم بناؤها والتخطيط لاستخدامها، مثل استراتيجيّة توظيف التوجّه التنموي في التعليم، واستراتيجيّة تكامل الفريق التعليميّ في التخطيط والتنفيذ والعطاء والإنتاج، واستراتيجيّة أقصى انتفاع من المكتبة الإلكترونيّة والورقيّة وتحقيق أقصى انتفاع من أرشيف الدراسات والأبحاث، واستراتيجيّة تنمية المهارات وصناعة القيادة المهنيّة، واستراتيجيّة تشخيص ومعالجة صعوبات التعلّم في المقرّرات، واستراتيجيّة إثراء المنهج وبقية محاور العمليّة التعليميّة، واستراتيجيّة توطيد العلاقة بالمجتمع وأولياء الأمور.

 

لكلّ استراتيجيّة أهدافها وأسسها وأدبيّاتها وعمليّاتها ومخرجاتها المرجوة، تُخطّط وتُنفّذ بناءً على الحاجة المحليّة. وإدارة كل استراتيجيّة ينبغي أن تمرّ بخمس مراحل إداريّة هي: التخطيط والتنفيذ، والتدريب والتوظيف، والتوجيه والتفويض، والتقويم والإصلاح، وكل مرحلة من هذهِ المراحل ينبغي أن تتم فيها خمس عمليّات هي: التحليل، تشخيص نقاط الضعف والقوة، تعزيز نقاط القوة، معالجة نقاط الضعف، التمكين للتميّز.