العام الدراسيّ الجديد.. العودة بشغف
العام الدراسيّ الجديد.. العودة بشغف
2023/09/17
محمّد تيسير الزعبي | خبير مناهج اللغة العربيّة وأساليب تدريسها، ومصمم برامج تدريبيّة - الأردن

يستعدّ الطلبة والمعلّمون والمعلّمات للعودة إلى المدارس بعد عطلة صيف بهيج. تحملُ هذه العودة، عادة، في طيّاتها بعض التوتّر، فالطلبة تقدّموا في المراحل الدراسيّة، وسيتعاملون مع معلّمين جدد، بالقدر نفسه الذي سيتعامل فيه المعلّم مع طلبة جدد كذلك. أو ربما يكونون قد انتقلوا إلى مدارس جديدة مختلفة. ومهما كانت الظروف التي مرّت على الطلبة أو المعلّمين والمعلّمات، فإنّ المعلّم الماهر هو الذي يبدأ عامه بطريقة مميّزة تضمن البداية القويّة والآمنة له وللطلبة.

هذه الأفكار التي أتناولها في هذه التدوينة القصيرة قابلة للتعديل، والتطوير، والتكييف، مع البيئات المدرسيّة المختلفة، وحاجات الطلبة وتباين اهتماماتهم، وحتّى مهارات المعلّمين وحماسهم في تطبيقها. ذلك أنّ أحد أسباب نجاح المهمّات هو ملاءمتها للسياق الذي تُطبّق فيه، وإجابة المهمّات عن التساؤلات التي تدور في أذهان منفّذيها.  

 

من هذه الأفكار:

- الحرص قبل بداية الدوام الفعليّ للطلبة على إجراء حوار مع زملائك المعلّمين والمعلّمات، حول سلوكات الطلبة العامّة في الممرّات والمختبرات والمقصف المدرسيّ، والطريقة المحترمة للحوار والنقاش أثناء المناوبات. تكمن أهمّيّة هذا الأمر في أنّه يوجّه رسالة قويّة للطلبة تفيد بأنّ احترام المكان أمر جوهريّ لدى المعلّمين كلّهم، وأنّ الالتزام مطلوب في مرافق المدرسة كلّها، وأنّ مراقبة الأمر مسؤوليّة المعلّمين كلّهم. إضافة إلى أنّ هذا الاتّفاق يقلّل المسؤوليّة عن المعلّمين الذين يواجهون مشكلات في التعامل مع سلوكات الطلبة، فالأدب التربويّ اليوم يبحث في الثقافة المدرسيّة كاملة قبل الثقافة الصفّيّة.

- الحرص على ألّا تبدأ عامك الدراسيّ بالتهديد، والتركيز على الإجراءات التي ستتّخذها حيال المخالفين. البداية القويّة عادة تترك انطباعًا في ذهن الطالب، فاحرص على أن تكون بداية موجّهة نحو التوقّعات الإيجابيّة من الطلبة، والمستوى الذي تريد منهم تحقيقه. هذا الأمر يعني أن يحوّل المعلّمون والمعلّمات النشاط الاعتياديّ لبداية العام، والذي يفرض وضع قوانين الصفّ، كي يتمّ بطريقة أكثر توجيهًا نحو دور الطالب الفعليّ والحقيقيّ في الثقافة الصفّيّة الإيجابيّة، فلكلّ طالب دوره فيها يجب أن يكون واضحًا محدّدًا.

- الحرص على أخذ رأي الطلبة في ما يتعلّق بالأنشطة التي يرغبون في تنفيذها داخل صفوفهم، أو الأفكار التي يودّون رؤيتها على الألواح المعلّقة فيها، أو طبيعة الأنشطة التي يريدون الاشتراك فيها في المبحث الدراسيّ أو مع بقيّة صفوف المدرسة، وحتّى رغبتهم في كيفية تزيين الصفّ، وألوان الزينة وصورها. وهنا، اجمع الأفكار من غير تحديدها واتّخاذ القرار النهائيّ، فهذا الإجراء يعوّد الطلبة على أنّ المرحلة النهائيّة قبل الاختيار ستخضع للتأمّل والتحليل، ثمّ اتّخاذ القرار.

- الحرص على التطرّق إلى سياستك في التواصل مع الإدارة والأهل، في ما يتعلّق بمصلحة الطالب وتصرّفاته. وضّح للطلبة أنّ هذا التواصل ليس تهديدًا أو تخويفًا، ولن يكون إجراءً متكرّرًا، ولأيّ أمر. وربّما سيكون من المفيد التأكيد، بوضوح وصرامة، على أنّ هذا التواصل سيدعم تعلّمهم بالدرجة الأولى، ويوجّههم نحو السلوك المرغوب، وأنّ هذا التواصل لن يكون عندما يطلب الأهل أو الإدارة، بل سيكون عندما يرى المعلّم ضرورة له. بل وربّما يتطوّر الأمر، ونرى الأهل والمدير والمرشد يشتركون في أنشطة الصفّ بناء على تخصّصاتهم وخبراتهم.

- الحرص على ألّا تربط إنجازات الطلبة بالجوائز والمكافآت، في أغلب الأحوال. ذلك أنّ ربط أيّ تميّز للطلبة بجائزة، يقلّل الدافعيّة إلى الإنجاز في حال غياب تلك الجائزة، إضافة إلى كون هذا الأمر متفاوت بين المعلّمين وبين الأهل والمعلّمين؛ فلا نقع في ورطة أنّ الطالب يعمل مع المعلّم الذي يمنح الجوائز، ولا يعمل بالدرجة نفسها من الاهتمام مع الذين لا يميلون إليها. فضلًا عن الأهل، قد لا يكونون قادرين على تقديم الجائزة في كلّ أمر يقوم به الطالب. ومع التقدّم في المراحل الدراسيّة، ستصبح الجوائز أمرًا اعتيادًا لا يجذب الطالب.

- الحرص على أن تكتشف ميول الطلبة واهتماماتهم منذ اللحظة الأولى للعام الدراسيّ. وهذا الأمر لا يعني التحقيق والتفتيش والتدخّل في خصوصيّاتهم، بل يتمّ عبر أنشطة تكشف للمعلّم ذلك. فعلى سبيل المثال قد تقسّمهم في مجموعات بناء على الألعاب المفضّلة لديهم، أو الكتب التي يحبّون قراءتها، وقد تصمّم ورقة عمل فيها مجموعة من الأسئلة التي تقدّم إجاباتها فكرة عن شخصيّة الطالب، وتكون إجاباتها وضع اسم الطالب بناء على الوصف الموجود في السؤال... هذه الأنشطة تكشف شخصيّات الطلبة واهتماماتهم من دون أن تحرجهم أو تدفعهم إلى إخفاء بعض الصفات.

 

عام دراسيّ متميّز ومختلف أتمنّاه لكم، فاحرصوا على أن تجعلوه كذلك، وتأكّدوا من أنّ البداية القويّة للعام الدراسيّ، والبقاء في حالة مزاجيّة عالية، يسهّلان تحقيق الأهداف التدريسيّة والسلوكيّة، ويجعلان العام الدراسيّ مختلفًا. وفي الأحوال كلّها، لا تخجلوا من طلب المساعدة والعون من المختصّين.