الصفّ الافتراضيّ: ضرورة أم رفاهيّة؟
الصفّ الافتراضيّ: ضرورة أم رفاهيّة؟
2021/04/04
أسماء رمضان مصطفى | مُعلّمة لُغة إنجليزيّة- فلسطين

ما زالت ثقافة التمكين الرقميّ في التعليم حول العالم ثقافةً مستحدثةً على المعلّمين والمتعلّمين على حدّ سواء، وما زال ثمّة معلّمون محترفون في أداء أدوارهم الرئيسة والثانويّة داخل بيئة التعليم الحضوريّ، لكنّهم من الرافضين بشدّة للعمل داخل بيئة التعليم الإلكترونيّة، أو الفصول الذكيّة Smart Classrooms.

يعزى ذلك لأسباب عدّة، أهمّها عدم خوضهم التجربة، وتضاؤل الدافعيّة لدى بعضهم، واعتماد بعضهم النّمط التقليديّ السائد وهو التلقين، بالإضافة إلى عدم قدرة المعلّمين جميعهم على شراء الأجهزة الذكيّة الضروريّة، نظرًا لتردّي الظروف الماليّة للمعلّم هذه الأيّام. هكذا، نجدهم يحاربون كلّ جديد بشتّى الطرق الممكنة. وهو الأمر الّذي يؤثّر بالتأكيد على المتعلّمين، ويعزّز النّظرة السلبيّة للتّعليم الإلكترونيّ، ما يسبّب عزوف المتعلّمين عن دخول الفصل الافتراضيّ، أو عدم التفاعل بالصورة المطلوبة إن دخلوا إليه. يتطلّب الأمر من المعلّم أن ينظر بإمعان في كيفيّة استكمال أدائه لمهمّاته الرئيسة في حالة الطوارئ باستغلال هذه الوسيلة الأكثر فاعليّةً، الّتي توفّر للجميع سهولة الوصول إلى هذا النّوع من الخدمة مجّانًا.

 

إنّ التمكّن من التقنيّات الافتراضيّة والإلكترونيّة عند المعلّمين، وتوقّع النّتائج الأفضل في التفاعل والاستجابة والأداء من قبل المتعلّمين حال ضروريّةً للانطلاق في العمل داخل الصفّ الافتراضيّ أو أيّ بيئة تعليم إلكترونيّة، وإلّا فسوف لن تتحقّق أيّة نتائج مرضية. لذلك، يحتاج المعلّم لإيمان عميق بما يقوم بعمله داخل الصفوف الافتراضيّة؛ لأنّ قواعد إدارة هذه الصفوف كافّةً ترتكز بشكل أساسيّ على هذه القاعدة الأمّ، الّتي أعدّها من خلال تجربتي كمعلّمة ومدرّبة ومشرّفة على الفصول الافتراضيّة في عملي أساس الانطلاق في العمليّات التعليميّة الّتي يبنى عليها العمل لاحقًا.

وقد لوحظ مؤخّرًا أنّ منصّات التعليم الرقميّ بأدواتها وبرامجها وتطبيقاتها دائمة التحديث والتطوير طبقًا لما يستدعيه الموقف والضرورة الّتي ينادي بها المتخصّصون بصورة متسارعة جدًّا. وهذه التحديثات قد تفاجئ المعلّمين، إن لم تتمّ متابعتها أوّلًا بأوّل وقد يؤدّي ذلك للوقوع في حرج أمام المتعلّمين. لذلك، ينصح دائمًا بالمتابعة والتحديث للأدوات الرقميّة بغرض توظيفها الأمثل لتحقيق الفائدة المرجوّة والخروج بنتائج إيجابيّة في وقت أقصر. مثلًا: منصّة Google Classroom الّتي تلبّي غالب احتياجات المعلّمين في شتّى دول العالم، تمّ اعتمادها في ظلّ جائحة كوفيد 19 منصّة تعليم أساسيّة في أكثر من 70% من دول العالم، طوّرت تطبيقًا جديدًا أثناء الجائحة وهو Hangouts Meet الّذي يزوّد المعلّمين بخدمة التعليم مجّانًا خلال بثّ مباشر، وهو في تطوير مستمرّ سريع لينافس بذلك البرامج المماثلة للشّركات المنافسة، بل ويتفوّق عليها.

 

تتبع كبرى شركات البرمجة في العالم، شركة Microsoft، أسلوبًا ذكيًّا حضاريًّا في استطلاع آراء المعلّمين من كلّ دول العالم من خلال حدث شهريّ تنظّمه الشركة TweetMeet، تستطلع خلاله آراء المعلّمين، وتحدّد احتياجاتهم في مجال التعليم الرقميّ، وتتابع إنجازاتهم بهدف توليد أفكار جديدة تبني عليها الشركة عملها، وتقدّم خدمةً مجّانيّةً لمعلّمي العالم جميعًا. يشارك معلّمو فلسطين في هذا الحدث بهدف متابعة جديد منصّات التعليم عن بعد، وآليّة عملها، والبرامج المساعدة، والالتقاء بمعلّمين من دول العالم لعقد شراكات عالميّة في التعليم قد تخدم العمليّة التعليم وتضيف جديدًا نافعًا لأبنائنا الطلبة. تحذو شركات أخرى حذوَ هذه الشركة في تنظيم أحداث شهريّة على تويتر، مثل آبل، ومنصّة Wakelet وغيرها الكثير لتحقيق الأهداف نفسها.

فيما يتعلّق بأهمّيّة تأسيس بنية تحتيّة للتّعليم الإلكترونيّ في شتّى بلدان العالم، فقد أشار مدير الممارسات العالميّة في التعليم بالبنك الدوليّ Andrias Bloom إلى أنّ سوق العمل في العصر الجديد يركّز على امتلاك المتقدّم للوظيفة عشرة مهارات مهمّة منها "المهارات الرقميّة"، إذ يعدّ عدم امتلاكها سببًا وجيهًا لرفض المتقدّم لوظيفة في أيّ مجال كان. بناءً على ما سبق، بات إكساب المتعلّمين المهارات الرقميّة الأساسيّة متطلّبًا أساسيًّا في القرن الواحد والعشرين، فهي إحدى أهمّ مهاراته، وستكون أساسًا من أسّس الحصول على وظيفة مستقبليّة، لأنّها ترتبط بأيّ بكلّ المجالات المعرفيّة الأخرى، بكون صناعة المحتوى الرقميّ وتقييمه ومشاركته بواسطة تقنيّات المعلوماتيّة والإنترنت في أيّ مجال بات أمرًا ضروريًّا. وعلى الرغم من تزايد المخاوف حول سيطرة الأتمتة على عدد كبير من الوظائف، تبقى كثير من المهارات الرقميّة الإنسانيّة مطلوبةً. وتعدّ مباشرة التعليم داخل الفصول الافتراضيّة في المراحل الدراسيّة المبكّرة أساسًا ضروريًّا لبناء قدرات المتعلّمين المستقبليّة تدريجيًّا من خلال:

  • الاستخدام الفعّال لأجهزة الحاسوب والإنترنت المرتبطة بها.
  • تحسين الإنتاجيّة وتقليل التكاليف.
  • فهم ثقافات أخرى مختلفة وتبادل الاحترام.
  • التسويق الرقميّ عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ.
  • البحث وإنشاء المحتوى الرقميّ التعليميّ والتسويقيّ.
  • التخطيط ووضع الاستراتيجيّات والتحليل السليم للبيانات.
  • البرمجة وتطوير المواقع والتطبيقات وأمن المعلومات.
  • إدارة المشاريع التعليميّة وغير التعليميّة.
  • تسهيل الوصول إلى التقنيات الحديثة وتوفير دورات تدريبيّة لذلك.
  • تشجيع المعلّم والمتعلّم على التطوّر الدائم واستخدام الأساليب الحديثة.
  • المشاركة في الأحداث والفعاليّات مثل الـ "هاكثون"، لاكتساب الخبرة من الموهوبين.
  • وضع استراتيجيّة أساس للتّطوير المستمرّ والسريع المبنيّ عليها لاحقًا.