الاتّجاهات الحديثة التي تشكّل التعليم 2025
الاتّجاهات الحديثة التي تشكّل التعليم 2025

صدر تقرير "الاتّجاهات الحديثة التي تشكّل التعليم 2025" عن منظّمة التعاون الاقتصاديّ والتنمية (OECD) في يناير/ كانون الثاني سنة 2025. يرصد التقرير التأثيرات المعقّدة للاتّجاهات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والديموغرافيّة والتكنولوجيّة في التعليم. في ظلّ الأزمات العالميّة، بما في ذلك النزاعات والتوتّرات الجيوسياسيّة، يؤكّد التقرير على أهمّيّة تعزيز القدرة على الصمود داخل أنظمة التعليم، وعلى الدور الذي يمكن أن يؤدّيه التعليم في تعزيز السلام. 

 

تحوّلات تُعيد تشكيل مشهد التعليم 

أشار التقرير إلى التأثيرات المتشابكة للاتّجاهات المتنوّعة في نظم التعليم، وما تنطوي عليه من آثار محتملة في التعليم مستقبلًا: 

- تحوّلات أسواق العمل: أدّى التقدّم التكنولوجيّ، لا سيّما في مجالات مثل الذكاء الاصطناعيّ، إلى أتمتة العديد من المهامّ، وخلق وظائف جديدة تتطلّب مهارات مغايرة. كما يشهد الطلب على الوظائف الخضراء تصاعدًا ملحوظًا، غير أنّ الفجوة في المهارات قد تُبطئ هذا الانتقال، وتُربك الأسواق المحلّيّة. 

- التغيّرات الديموغرافيّة: تُشكّل شيخوخة السكان وتراجع معدّلات المواليد في العديد من دول منظّمة التعاون الاقتصاديّ والتنمية، تحدّيات كبيرة لأنظمة التقاعد والرعاية الصحّيّة. كما تُسهم الهجرة في تعقيد المشهد السياسيّ والاجتماعيّ؛ ما يستلزم تعاون التعليم مع قطاعات أخرى لتعزيز التماسك الاجتماعيّ، ومساعدة المهاجرين في اكتساب المهارات اللازمة للاندماج والمشاركة الفاعلة في المجتمع. 

- اللامساواة الاجتماعيّة والاقتصاديّة: تُلقي الفجوات المتزايدة في الظروف المعيشيّة والنتائج التعليميّة بظلالها على وحدة المجتمعات. فعندما تتّسع هذه الفوارق، يتنامى الشعور بالانقسام بين الفئات المختلفة؛ ما قد يؤدّي إلى احتدام الاستقطاب والانقسام المجتمعيّ. 

- التطوّر التكنولوجيّ المتسارع: تُغيّر التكنولوجيا المتقدّمة – بما في ذلك الذكاء الاصطناعيّ، وإنترنت الأشياء، والواقع الافتراضيّ – من طرائق العمل والتعلّم والتواصل، وتقدّم حلولًا مبتكرة لمجموعة من التحدّيات العالميّة، مثل أزمة المناخ، والأمن الغذائيّ، والصحّة العامّة. 

 

رؤية مستقبليّة: الاستعداد لتحوّلات التعليم 2040 

يتضمّن التقرير تمارين استشرافيّة تهدف إلى دعم التفكير الاستراتيجيّ بشأن مستقبل التعليم، وتساعد القرّاء في التعامل مع حالة عدم اليقين، والاستعداد للاضطرابات المحتملة، والإسهام في تشكيل مستقبل التعليم. وتشمل التمارين الاستشرافيّة ما يلي: 

  • - بناء السيناريوهات المستقبليّة: يعرض التقرير سيناريوهات تخيّليّة تستشرف كيف يمكن أن يبدو العالم والتعليم في سنة 2040، وذلك بناءً على استمرار الاتّجاهات الحاليّة أو تغيّرها. وتُصنّف هذه السيناريوهات ضمن ثلاثة نماذج رئيسة: 
  • - سيناريوهات الاستمرار: تفترض أنّ الاتّجاهات الحاليّة ستستمرّ بالوتيرة والاتّجاه ذاتهما. 
  • - سيناريوهات التحوّل: تفترض أنّ قوّة تحويليّة أحدثت تغييرات جوهريّة في النظام. 
  • - سيناريوهات الانهيار: تفترض حدوث انهيارات جذريّة في جانب أو أكثر؛ ما يؤدّي إلى عالم مختلف تمامًا. 
  • - سرديّات الأطراف المعنيّة: تتناول قصصًا خياليّة من وجهة نظر فاعلين رئيسيّين في ميدان التعليم، لإلقاء الضوء على الفرص والتحدّيات والتوتّرات التي قد تواجههم في مستقبل معيّن. 
  • - عجلة المستقبل: أداة منهجيّة لرسم التأثيرات المتسلسلة لسيناريوهات أو أحداث مستقبليّة في السياسات والنظم التعليميّة. 
  • - اختبارات التحمّل: تُستخدم لتقييم مدى قدرة السياسات والاستراتيجيّات والأهداف التعليميّة على الصمود في مواجهة سيناريوهات مستقبليّة متعدّدة. 
  • - ابتكر سيناريوهاتك الخاصّة: يشجّع التقرير القرّاء على ممارسة بناء السيناريوهات بأنفسهم، استنادًا إلى الاتّجاهات والنماذج المطروحة. 

 

الجاهزيّة للتغيير، مقترحات لصنّاع السياسات 

يقدّم التقرير عدّة مقترحات يمكن لصنّاع السياسات الاستفادة منها لمواجهة التحدّيات المستقبليّة في ميدان التعليم، عن طريق تبنّي عدد من الاستراتيجيّات والأدوات العمليّة، أبرزها: 

  • - اعتماد منهجيّات التفكير المستقبليّ والاستشراف الاستراتيجيّ، للمساعدة في استباق التغيّرات واتّخاذ قرارات مدروسة في الحاضر، عن طريق تحليل سيناريوهات مستقبليّة متعدّدة، وتأمّل آثارها المحتملة في التعليم. 
  • - استخدام السيناريوهات التخيّليّة التي يعرضها التقرير لفهم المسارات المحتملة للتطوّرات المستقبليّة، وتحديد القوى المحرّكة للتغيير. يمكن تكييف هذه السيناريوهات والأدوات لتتلاءم مع السياقات الوطنيّة والمحلّيّة. 
  • - النظر في روايات مستقبليّة افتراضيّة من منظور المعلّمين والطلّاب وصانعي السياسات وغيرهم؛ لفهم الفرص والتحدّيات والتوتّرات التي قد تواجههم في سياقات مستقبليّة متنوّعة. 
  • - تقييم مدى متانة السياسات والاستراتيجيّات التعليميّة، بإخضاعها لاختبارات صمود عبر سيناريوهات مستقبليّة مختلفة، من أجل الكشف عن مواطن الضعف والنقاط التي تتطلّب التعديل. 
  • - الإقرار بأنّ نتائج الحياة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بخصائص الأفراد والمجموعات، والعمل على تعزيز التماسك الاجتماعيّ، والاعتراف بالتنوّع قيمةً مُضافة. 
  • - تطوير استراتيجيّات تضمن شموليّة التعليم واحترام التنوّع داخل المؤسّسات التعليميّة، وتوفير بيئات مدرسيّة آمنة تحتضن جميع الطلّاب، مع تحدّي الأدوار والصور النمطيّة المرتبطة بالنوع الاجتماعيّ. 
  • - مراجعة المناهج والشهادات والمسارات التعليميّة، وتطويرها بما يتماشى مع متطلّبات المهارات المستقبليّة، بما في ذلك إتاحة أساسيّات محو الأمّيّة في الذكاء الاصطناعيّ والمهارات التقنيّة المتخصّصة. 
  • - التنبّؤ بالمهارات المطلوبة في المستقبل، وتنويع المسارات التعليميّة لتلبية الطلب المتزايد على العمالة ذات المهارات العالية، مع تكييف التوجيه المهنيّ وفقًا لهذه المتغيّرات. 
  • - إيجاد توازن بين ضمان أمان البحوث والانفتاح على التعاون العلميّ الدوليّ، بهدف ضمان استفادة الإنسانيّة والبيئة من التقدّم العلميّ. 
  • - توظيف التعليم لترسيخ الأطر الأخلاقيّة والمهارات التي تضمن توجيه التقدّم العلميّ لصالح الإنسان والكوكب. 
  • - تمكين المعلّمين والعاملين في التعليم من مواكبة التطوّرات في العالم الرقميّ، واستثمار الفرص التي توفّرها التقنيّات الجديدة، مع التنبّه للمخاطر التي قد تواجه طلّابهم. 
  • - تهيئة الطلّاب للتعامل النقديّ مع المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعيّ، والتكيّف مع تطوّراته المتسارعة. 
  • - ترسيخ مفهومات السلام والتضامن ضمن الأنظمة التعليميّة، إلى جانب بناء القدرة على الصمود والتكيّف في ظلّ الأزمات المتزايدة. 
  • - إدراك الآثار المترتّبة عن النزاعات الدوليّة والأزمات البيئيّة، في مجالات مثل الإنفاق العامّ، والهجرة، والصحّة العالميّة، وأولويّات السياسات الوطنيّة، واتّخاذ التدابير المناسبة لمعالجتها.