أطفال من قلب مراكز إيواء غزّة
أطفال من قلب مراكز إيواء غزّة
2023/12/25
أسماء رمضان مصطفى | مُعلّمة لُغة إنجليزيّة- فلسطين

رَوَاد طفل مميّز، عمره لا يتجاوز خمس سنوات. عرفته ذكيًّا في لقاءاتي مع مجموعات الأطفال في مركز النزوح، مستمعًا جيّدًا عندما أحكي لهم الحكايات، ولاعبًا ماهرًا عندها نقوم بنشاط ترفيهيّ هادف.

كان لافتًا شغف رواد الشديد بكرة القدم: كان ينتظر فقرة اللعب بالكرة بعد الحكاية، وهو أكثر الأطفال دقّة في ركل الكرة والمحافظة عليها معه أطول فترة ممكنة، على الرغم من أنّه أصغر أقرانه. كنت أراقب شغفه الشديد بسعادة بالغة وأحدّث نفسي عن مستقبل رواد في هذا المجال. 

 

في عصر اليوم الثالث بعد السبعين من هذه الحرب القاسية، خرجت إلى مكان بجوار مركز النزوح الذي أقيم فيه. وفي طريق العودة وقبل وصولي إلى غرفتي، غارت طائرات العدو على منزلٍ مُجاورٍ لمكان إيوائنا. رأيت كل من حولي يجري بسرعة نحو الإيواء، وصلت إلى غرفتنا، رأيت رواد معصوب الرأس، أسرعتُ إلى أمّه حيث كانت تجلس بقربه وهو يلعب مع إخوته، سألتها عمّا حدث، أخبرتني بأنّ شظيّة من صاروخ لعين اخترقت رأسه فأصابته إصابة ليست بسيطة.

قامت الأم بدور الطبيب، فوضعت له قطعة قماش، وعالجت جرحه بسرعة.

 

رأيته مبتسمًا لا يبالي بما أصابه، أرسلت إليه الكرة، وأكملت معه اللعب عشرة دقائق.

رأيت رواد يأبى الانكسار. رواد الذي أحبّ الحياة، أحبّته الحياة على الرغم من مرارتها وصعوبتها عليه. منذ تلك اللحظة، رأيت رواد رجلًا صاحب قضيّة، يحمل فلسطين في قلبه، وتحمله فلسطين في قلبها.

 

وهذه صورةً من حكاية اليوم الرابع بعد السبعين من الحرب على غزّة، يظهر فيها الطفل معصوب الرأس، الطفل الرجل الأمل... المستقبل: رَوَاد. 

 

1