نعم، انتهت صلاحيّة المدرسة
نعم، انتهت صلاحيّة المدرسة
2020/09/23
علي عز الدين | مستشار ومدرب تربوي-لبنان

نعم، انتهت صلاحيّة المدرسة التقليديّة بسبب ما يجري من حولنا:  تكنولوجيا رقميّة، وانفتاح عالميّ، وتواصل عبر الأقمار الاصطناعية، وصراعات عرقيّة، وحروب مدمّرة، وأمراض عالميّة جديدة، وكوارث طبيعيّة وغيرها، جعلت من المدرسة الحاليّة نظامًا لا يواكب تطوّر المكان والزمان. كل شيء تغيّر إلّا المدرسة ظلّت عالقة في القرون الماضية تُحضّر تلاميذها لامتحانات لم تعد تنفع ومجتمعات لم تعد موجودة. 

للانتقال إلى "مدرسة الغد" على القيادة التربوية أيضّا أن تتغير لتصبح قيادة تشاركية تسمح لجميع أفراد المجتمع المدرسي ( أهل – تلاميذ – معلمين) بالتواصل ووضع خطط التطوير

يقول دفيد بركنز David Perkins وهو أستاذ محاضر في جامعة هارفرد Harvard فى إحدى مقابلاته إنّ تسعين بالمئة ممّا نقوم بتدريسه هو مهارات صغيرة جدًا لن نستخدمها في الحياة، وإنّها مضيعة للوقت. تشير الأبحاث أيضًا إلى أنّ مهارات القرن الحادي والعشرين تختلف كثيرًا عن مهارات القرون الماضية. كل شيء تغيّر من حولنا إلا النظام المدرسيّ ظلّ معلّبًا، نتوارثه من جيل إلى جيل. ظهرت بعض الأفكار الجديدة لمدارس تعتمد على التلميذ، لرياض أطفال في الغابات، لمدارس مرتبطة بالواقع ولكن كلّ ذلك ظلّ بعيدّا عن عالمنا العربيّ. 

تعالوا نفكر معًا ببعض الحلول التي ستجدّد مفهوم المدرسة ليواكب تطوّرات العصر ومستجدّاته: 

 

الابتعاد عن  

المزيد من  

المناهج المعلّبة التي لا ترتبط بالواقع، فالكثير من المدارس الأجنبيّة في البلدان العربيّة تدرّس تاريخ وجغرافيا المناهج المستوردة وتنسى ثقافة بلدها

مناهج مرنة ترتبط بالواقع والحياة تعتمد على المفاهيم التي تتجاوز حدود المكان والزمان

تقييم يعتمد فقط على علامة أو درجة ويحدد من هو الناجح والراسب من خلال المواد الأساسية كاللغات، الرياضيّات والعلوم. 

تقييم شموليّ يبتعد عن الدرجات ويظهر تقدّم التلميذ مع مرور الوقت من خلال ملف تراكميّ portfolio أو مشاريع عمليّة ذات مغزى

كتاب مدرسيّ واحد يعتمد على وجهة نظر واحدة وتدرّس كل الدروس الموجودة داخله وكأنّ الكتاب أصبح المنهج

المصادر المتعدّدة التي تعطي نظريات مختلفة والتركيز على تدريس كيف نكتشف موثوقيّة المصدر

الجداول الدراسيّة التقليديّة والمواد الدراسيّة التقليديّة 

إدخال لغة العصر، التكنولوجيا والمواد الدراسيّة الجديدة (التصميم Design – الابتكار Innovation) وإعطاء الطالب فرصة اختيار بعض المواد من خلال جداول دراسيّة مرنة

التعلّم والتعليم فقط داخل جدران الصفّ

التعلّم والتعليم يحدث في أيّ مكان: متحف، حديقة، مختبر، خلال رحلة مدرسيّة، خلال مقابلة

تطوير مهنيّ للمدرّس محدود ومعلّب

تطوير مهنيّ مستمرّ يعطي المدرّس فرصة الاختيار وتجديد مهاراته ضمن سياسة تطوير مهنيّ متكاملة

تلاميذ ينتمون لنفس الفئة العمريّة يدرسون معًا

تلاميذ بأعمار مختلفة لديهم الاهتمامات نفسها يدرسون معًا 

 

للانتقال إلى "مدرسة الغد" على القيادة التربوية أيضّا أن تتغير لتصبح قيادة تشاركيّة تسمح لجميع أفراد المجتمع المدرسيّ ( أهل – تلاميذ – معلمين) بالتواصل ووضع خطط التطوير. القيادة المدرسيّة يجب أن تصبح قيادة شفافة تحاول قدر المستطاع أن تأتي بالحياة إلى داخل جدران المدرسة، وأن تخرج أيضّا للحياة. فالتحضير للحياة يكون بالانغماس بها وليس بالابتعاد عنها مدة خمس عشرة سنة، في حال بدأ التلميذ دراسته بعمر الثلاث سنوات وتخرج بعمر الثمانية عشرة. 

مع استمرار التطوّر من حولنا ومع دخول الذكاء الصناعيّ إلى العديد من المجالات يجب أن ندرك جيدّا كتربويّين أنّ مهنة التدريس لن تنقرض كمهن أخرى، ولكن لنضمن بقاء المدرسة يجب أن نفكّر خارج الصندوق ونبتكر حلولّا للمشاكل الكثيرة التي تواجه القطاع التعليميّ حاليّا.