دور المعلّمة كمشاركة
دور المعلّمة كمشاركة

طُلب إلى المعلّمات وصف طبيعة تدخلهنّ في أنشطة اللعب. وقد أدرك العديد منهنّ الفرق الواضح بين دورهنّ في أنشطة اللعب الذي يمكن أن نعتبره "تعاونيًّا"، ودورهنّ في التدريس الذي يمكن أن يُعتبَر "تعليميًّا". ويعدّ ذلك بمثابة الفارق الذي طُلب إلى المعلّمات تحديده، بهدف معرفة طريقة تفكيرهنّ. وقد وصفت إحدى المعلّمات دورها بأنّه دور "تكيّفيّ" للغاية، لأنّه يتغيّر باستمرار تبعًا لنوع المهمّة، حيث يتعيّن عليها الانتقال من نشاط اللعب إلى نشاط التدريس الذي يتّسم بمزيد من الرسميّة. ومن وجهة نظرها، يعتبر الدور التعاونيّ أكثر ملاءمة في أنشطة اللعب، لأنّه يتطلّب منها النزول إلى مستوى الطلّاب والدخول إلى عالمهم. وعلى النقيض من ذلك، يتطلّب الدور التعليميّ منها التحكّم وتحمّل مسؤوليّة كلّ ما يحدث. 

 

بالمثل، قارنت معلّمة أخرى بين دورها التعليميّ المتحكِّم بأنشطة التدريس والدور الداعم في أنشطة اللعب. وشرحت كيفيّة دعمها أفكار الطلّاب في لعبهم، ممّا يعني تقدير أفكارهم والاستماع لهم ومنحهم الحرّيّة في الاختيار، وقبول ما يفعلونه. ووصفت معلّمة ثالثة دورها في الأنشطة التي تديرها باعتباره "تعليميًّا إلى حد كبير"، أمّا في أنشطة اللعب، فهي تعمل على تيسير تعلّم الطلّاب الصغار ودعمه. على الجانب الآخر، هناك بعض المعلّمات اللاتي لم تعط ِصورة واضحة عن الطبيعة المتباينة لأدوراهنّ، ولكن، ظهرت بعض الفروق في تقاريرهنّ. فعلى سبيل المثال، قالت إحداهنّ إنّها في أنشطة اللعب يقتصر دورها على ذكر التعليقات المفيدة والبنّاءة، مع وجود أدنى مستوى من التدخّل. وعلى النقيض من ذلك، لا يعتبر نشاط التدريس بالنسبة لها، محلّ مناقشة مع الطلّاب. 

 

عندما تتحدّث المعلّمات عن طبيعة تدخلهنّ وكيفيّته، عادةً ما يكون ذلك في ضوء التدخّل الحذر من جانب المعلّمة، ولا سيّما في أنشطة تمثيل الأدوار. وجاء تبرير بعض المعلّمات لذلك بأنهنّ يردن عدم التطفّل والاكتفاء بمجرّد الملاحظة من بعيد. وذلك خشية أن يكون تدخلهنّ في وقت غير ملائم، ممّا يؤدّي إلى إفساد تمتّع الطلّاب بأنشطة اللعب أو التطفّل عليهم. وهو ما وصفته إحدى المعلّمات بقولها إنّ ذلك هو أقصى ما يمكن القيام به. وبالمثل، صرّحت معلّمة أخرى بأنّها تتجنّب التدخّل في اللعب قدر الإمكان؛ حيث إنّها ترى في اللعب حرّيّتهم الخاصّة والمجال الذي يحقّ لهم مطلق التحكّم به، وهي حريصة على عدم التدخّل في هذه الأمور. وعلى الرغم من ذلك، تظهر بعض الملامح لدور المعلّمة التعليميّ بوضوح في اللعب؛ حيث تضمن الاستخدام المناسب للمواد التعليميّة وتُبقي اللعب في المسار الصحيح، ومن ثمّ لا يكون اللعب نشاطًا غير منظَّم بشكل كامل. 

 

علاوة على ذلك، ترى بعض المعلّمات أنّ تدخلهنّ لا يعدّ أمرًا أساسيًّا لضمان مستوى جيّد من التعلّم. ويرتبط ذلك مباشرةً بنظريّاتهنّ التي تتعلّق بالملكيّة والاستقلال والتحكّم. فقد صرّحت إحدى المعلّمات أنّه يمكن للطلّاب الصغار تعلّم شيء ما من اللعب، سواء تدخّلت المعلّمة أم لا. وتلقي مثل هذه التعليقات الضوء على الاعتقاد الذي تتمسّك به العديد من المعلّمات والمتمثِّل في أنّ القيمة الحقيقيّة للعب تكمن في ممارسة نشاط اللعب نفسه، وليست ناتجة عن تدخّل المعلّمات. وقد أكّدت إحدى المعلّمات على أنّه من الغرور أن تفِّكر المعلّمة أنّ الطالب يتعلّم بصورة رائعة فقط بسبب وجودها. لكنّ هذا لا يعني عدم تدخّل المعلّمة على الإطلاق، فمن حين إلى آخر، تتدخّل المعلّمة في أنشطة اللعب ولكن بأهداف ومقاصد معيّنة، مثل تعليم مهارة ما أو توضيح أسلوب معيّن. علمًا بأنّ عمليّات التدخّل تعتمد على مواجهة الطلّاب قصور ما في تلك المهارة. وبالتالي، تتدخّل المعلّمة لتقويم اللغة والسلوك إذا ما شعر الطلّاب بالإحباط. ومع ذلك، ترى كثير من المعلّمات أنّه لا يمكن اعتبار مثل هذه المواقف بالضرورة من اللعب، إذ يعتقدنّ أنّ ما يحصل عليه الطلّاب الصغار خلال أنشطة التدريس كفيل بأن يعزِّز من سلوك اللعب ويقوِّمه. 

 

نيفيل، بينت، وليز، وود، وسو، روجرز. (2009). التعليم من خلال اللعب. (ترجمة: خالد العامري). دار الفاروق للنشر والتوزيع. ص. 75-77.