وحدنا ننعى طلّابنا الشهداء
وحدنا ننعى طلّابنا الشهداء
2023/11/06
أسماء رمضان مصطفى | مُعلّمة لُغة إنجليزيّة- فلسطين

لم تكن الحرب الأولى التي أعيشها مع طالباتي في غزّة. سبعة حروب وما بينها، عايشنا فيها الكثير من الاعتداءات الصهيونيّة المتكرّرة علينا، منذ 2008 وحتّى الآن. كان عدوان 2008 بدايتي في التعليم، ولكنّه لم يكن العدوان الأخير. في كلّ مرّة نعيش قصصًا مؤلمة، ولكنّ اليوم هي الأشدّ إيلامًا ووجعًا على الإطلاق.

كانت الساعة تشير إلى 6:25 صباحًا، يوم السّبت السابع من أكتوبر 2023 دقّت الحرب طبولها. هرعت إلى هاتفي المحمول أتفقّد الأخبار، وصلتني عشرات الاستفسارات من طالباتي على Google Classroom الذي قمت بإنشائه بداية العام الدراسيّ، كما كلّ عام. لن أنسى تساؤلات الطالبات حول ما إذا كان هناك دوام مدرسيّ أو إجازة؛ حاولت طمأنة طالباتي اللاتي يبلغن من العمر 13 و15 عامًا، بأنّ الأمور ستكون بخير إن شاء الله.

وفي داخل ذلك الفصل، استمرّ تواصلي وطالباتي منذ ذلك اليوم، قدر المستطاع، وحسب توفّر شبكة الاتّصال: نتفقّد أرواح بعضنا البعض، نعلي صوت دعواتنا وصلواتنا لله ربّنا.

بكينا كثيرًا، ونعينا كثيرات منّا حتّى اللحظة.

نتابع قصف محيط مدرستنا بألم، ونبكي كثيرًا عند سماع خبر استشهاد إحداهنّ ممّن كانت تجالسنا داخل جدران الفصل الواحد.

عبر الفصل الافتراضيّ نتواصل لنرثي عائلاتنا المكلومة، ونتمنّى الشفاء العاجل للمصابين، وندعو الله أن يفرّج عنّا هذه الغمّة، ويبدّلها بأيّام أجمل وأفضل.

نستودع أنفسنا لله في كلّ لحظة، ونشدّ على أيادي بعضنا البعض بالكلمات العاجزات، ونستشهد بأحاديث رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلم، وهو من قال: "أَلا أُنَبِّئُكُمْ بليلةٍ أفضلَ من ليلةِ القدرِ؟ حارِسُ الحَرَسِ في أرضِ خَوْفٍ لعلَّهُ ألَّا يرجعَ إلى أهلِهِ"، (حديث صحيح برقم 1232 في صحيح الترغيب).

لا ندري كم سنعيش، ولكنّنا على يقين بأنّ فرج الله قريب. وحدهم المعلّمون الغزّيّون يعلمون كم هي صعبة حياة الطالب الفلسطينيّ. وحدهم يعلمون كيف يشقّ طلّابنا الصعاب ويعيشون الموت في كلّ لحظة. وحدهم ينعون طلّابهم الشهداء ويتمنّون لهم الفردوس الأعلى.

سُجّل النصّ مع بودكاست صوت خلال العدوان على غزّة، عام 2023.

للاستماع من هُنا.