أدّت الحرب في سوريا إلى نزوح عددٍ كبيرٍ من الناس واستقرارهم في المخيّمات، ما أدّى إلى تدهور العمليّة التعليميّة، وانتشار الجهل والأميّة، وتسرّب الأطفال والتحاقهم ببعض الأعمال بدل المدارس، وكلّها من الظواهر والمشكلات التي خلّفتها الحرب.
عملت المؤسّسات الحكوميّة ومديريّات التربية والتعليم والمنظّمات الإنسانيّة وفِرَق التطوّع على دعم التعليم، وبذلت ما في وسعها لتشكيل مؤسّسات تُشرف على التعليم وتُديره. لكنّها لم تتمكّن دائمًا من تأمين السيولة الماليّة اللازمة، ما دفع بعض المعلّمين إلى ترك العمل في مجال التعليم، والبحث عن أعمال أخرى توفّر الموارد التي يحتاجون إليها لتأمين احتياجاتهم الأساسيّة.
كما عملت بعض المنظّمات الإنسانيّة على تقديم الدعم الماليّ واللوجستيّ لبعض المدارس، لكنّها لم تتمكّن من تغطية المدارس كافّة؛ ما جعل عددًا كبيرًا من هذه المدارس عرضة للفشل والإغلاق. كما إنّ التركيز على مدارس الحلقة الأولى بهدف محو الأميّة، ترك المدارس للمراحل التي تليها في الدرجة الثانية من حيث الاهتمام والدعم، إلى جانب انشغال عدد من المنظّمات بقضايا تربويّة كحماية الطفل والدعم النفسيّ، وذلك على حساب التعليم نفسه.
إنّ أغلب المدارس في المخيّمات ومراكز الإيواء، تحتاج إلى دعم كافٍ لتأمين بنية تحتيّة مناسبة لاستمرار العمليّة التعليميّة. كما تحتاج إلى ميزانيّة سنويّة لتغطية رواتب المدرّسين والموظّفين، إذ اتّجه أغلب المدرّسين القدامى ذوي الخبرة العالية، إلى العمل في المنظّمات بسبب قلّة الرواتب، ما أدّى إلى قدوم معلّمين مبتدئين لا يملكون خبرة في التعليم، وهذا سبّب مشكلة أخرى في الواقع التعليميّ.
ولم تقتصر مشكلة التعليم على ما ذكرناه، فحتّى اللحظة لم يُعترف بالشهادة المقدّمة من قبل الحكومة السوريّة في جميع دول العالم، إذ لم تُرفع العقوبات حتّى وقت كتابة هذا النصّ. وذلك أدّى إلى زيادة التعقيدات على هؤلاء الطلّاب وأُسَرهم، وأصبح إنشاء مدارس خاصّة في تلك المناطق عبئًا جديدًا على أغلب الأهالي الذين يحرصون على مستقبل أبنائهم، الأمر الذي يؤكّد أهمّيّة وجود مبادرات جادّة من قبل المجتمع لدعم التعليم في المناطق السوريّة.
المشاكل والتحدّيات التي تؤثّر في العمليّة التعليميّة
أوّلًا: مشاكل تتعلّق بالكادر التعليميّ
- - قلّة رواتب المعلّمين والمدرّسين والعاملين في المدارس، وانقطاعها في بعض الأحيان لأشهر متتالية.
- - انتشار ظاهرة التطوّع في المدارس بسبب قلّة دعم قطاع التعليم.
- - الاهتمام بقطاع الدعم النفسيّ والحماية على حساب التعليم.
- - تسرّب كثير من المعلّمين والاتّجاه نحو العمل في القطاع الخاصّ وقطاع المنظّمات الإنسانيّة.
- - أصبحت وظيفة المعلّم من أسوأ الوظائف، ما سبّب حالة نفسيّة سيّئة لدى المعلّمين.
ثانيًا: مشاكل تتعلّق بالأسرة
- - تسرّب الطلّاب من المدارس من أجل العمل لإعالة أهلهم وتأمين قوت يومهم.
- - بُعد المسافة عن المدرسة، لأنّ أغلب المخيّمات أصبحت في الجبال.
- - عدم وجود اعتراف بالشهادات الصادرة عن المدارس والمؤسّسات التعليميّة.
ثالثًا: مشاكل تتعلّق بالطالب
- - عدم توفّر المال لدى الأسرة لتأمين مستلزمات التعليم لأطفالهم.
- - نقص في المواد التعليميّة والكتب والقرطاسيّة.
- - عدم وجود بيئة آمنة لتعليم الأطفال.
الحلول المقترحة لدعم التعليم وتطويره
- - تأمين حافلات لنقل الطلّاب إلى مدارسهم، خصوصًا في المخيّمات المُقامة في الجبال والمرتفعات.
- - بناء قدرات المعلّمين والكادر الإداريّ في المدارس من خلال التدريبات.
- - زيادة رواتب المدرّسين بما يتناسب مع متطلّبات الحياة الأساسيّة.
- - تقديم الدعم النفسيّ للأطفال من خلال برامج الدعم النفسيّ والاجتماعيّ، والمكتبات، والأنشطة، والفعّاليّات.
- - تقديم تكاليف تشغيليّة شهريّة للمدارس (مياه – منظّفات – قرطاسيّة – بوفيه).
- - تقديم مدافئ ومواد تدفئة.
- - طباعة المنهاج المقرّر وتقديمه إلى الطلّاب والمعلّمين.
- - إدارة الحالات الخاصّة وإحالتها إلى مراكز الخدمة.
- - تشجيع الأطفال على القدوم إلى المدارس من خلال عقد ندوات ومحاضرات لأولياء الأمور.
- - تقديم التعليم بشكل مجّاني للجميع من دون استثناء.
وأخيرًا
لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ هذه المشكلات الجزئيّة لن تُحلّ بشكل كامل ومثالي في ظلّ هذه الظروف القاسية، بسبب عدم رفع العقوبات عن الدولة السوريّة الجديدة. وبعد انتهاء الحرب وتخلّصنا من النظام المجرم الذي سبّب الدمار والتخلّف، أمامنا مشوار طويل من العمل والجهد المتواصل لبناء تعليمٍ يُحقّق الغاية، ويواكب تطوّر الأمم.